ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
حين قام ضباط أمن يرتدون ملابس مدنية باعتقال الاقتصادي الإماراتي البارز، الدكتور «ناصر بن غيث»، في أبوظبي، وقاموا باقتياده إلى منزله في دبي الذي تم تفتيشه. تم إعادته للسيارة مرة أخرى، كانت هذه آخر مرة ينظر إليه فيها من قبل عائلته.
ما يقرب من ثلاثة أشهر بعد ذلك، لم يكن لديهم أي فكرة إلى أين تم اقتياده ولماذا ألقي القبض عليه وما هي التهم التي تواجهه. كانوا مرعوبين من التحدث إلى الصحافة أو رفع قضيته أمام السلطات. ولم يكن هناك أي تعليق رسمي حول اعتقاله ولم تؤكد السلطات حتى نبأ القبض عليه رسميا، وبذلك انضم الدكتور «ناصر بن غيث» إلى قائمة المختفين قسريا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
الناشط الإماراتي «أحمد منصور» قال متحدثا إلى «الإندبندنت» من دبي أن هناك المئات من الآخرين الذين اختفوا بالفعل. تقول السلطات للأسرة أن عليها «ألا تقلق» وأن الأمر برمته ليس إلا بضعة أيام قبل أن يعاود الاتصال بهم. ويضيف: «ولكن الأيام تتحول إلى أسابيع وأشهر في بعض الأحيان قبل أن تصل أي مكالمة».
وقال «منصور» إن الأسر يتم تحذيرها من التحدث إلى وسائل الإعلام أو الاقتراب من منظمات حقوق الإنسان. «الخوف هو العامل المهيمن عندما يتعلق الأمر بالحديث عن شخص احتجزته السلطات الأمنية». ويزعم «منصور» أن أعضاء العائلات يتم تهديدهم بأنه سيجري التحقيق معهم أيضا إذا لم يكفوا عن الشكوى. كما تصلهم تهديدات بالإبعاد عن وظائفهم أو أن الأمور سوف تنعكس بشكل سيء على أحبائهم المحتجزين.
المدافعون عن حقوق الإنسان والسجناء المفرج يزعمون في الكثير من الأحيان أن المعتقلين في السجون السرية في دولة الإمارات العربية المتحدة يتعرضون للتعذيب من أجل انتزاع اعترافات كاذبة، وأنه يتم نقلهم إلى سجون عادية بعد زوال آثار التعذيب. ولا يسمح بعدها لأحد برؤيتهم سوى عائلاتهم أو محاميهم. بينما تنفي السلطات الإماراتية حدوث كل هذه الأمور.
السيد «منصور» يعرف الرجل الذي يدعوه بمودة الدكتور «ناصر» جيدا. يصفه بأنه «رجل من ذوي المكانة والاحترام بشكل جيد للغاية في المجتمع». ويقول بأن الخبير الاقتصادي هو أحد الأشخاص الملتزمين دينيا ولكنه رجل عقلاني جدا. وكانت تعليقاته الاقتصادية في وسائل الإعلام الإماراتية غالبا ما تنتقد سياسة الحكومة لكنه أيضا قام بتأييد بعض الإجراءات مثل تخفيض دعم الطاقة. وأضاف «إنه شخصية قوية وحاسمة جدا، ولا يذهب مع التيار».
ويقول السيد «منصور» أنه التقاه في السجن لأول مرة في عام 2011. كلاهما إلى جانب ثلاثة آخرين، يعرفون بالإماراتيين الخمسة، تم اعتقالهم في أبريل/نيسان من ذلك العام على خلفية الدعوة للإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. قلت للدكتور «ناصر»: «لماذا أنت هنا .. أنا حقا مصدوم لكونك تقبع داخل السجن». فضحك وقال: «وماذا عنك.. لقد صرت أكثر غلبا بمرتين» في إشارة إلى مدونة «إماراتي مغلوب على أمره»، وهي المدونة الشخصية التي كان السيد «منصور» يدون عبرها. وقال إنه في المحكمة كان الدكتور «ناصر بن غيث» متحمسا للدفاع عن حقوقهم وقال إنه لن يدع أي شيء يمر. وطلب من القاضي بالقول «افتح الأبواب ودع الناس تدخل.. جب أن تكون جلسة علنية. أعطنا حقوقنا».
وقد قام الرجلان بقيادة إضراب عن الطعام احتجاجا على إجراء المحاكمة خلف الأبواب المغلقة. في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تلقى السيد «منصور» حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات، بينما حكم على الدكتور «غيث» والآخرين بالسجن لمدة عامين بتهمة إهانة قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، في اليوم التالي، صدر عفو حكومي رسمي عنهما عنهما بعد تزايد الغضب الشعبي.
بعد الإفراج عنه، وصف الدكتور «ناصر بن غيث» المحاكمة بكونها لحظة حزينة للوطن وبداية دولة بوليسية شوهت صورة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الأبد. وقال «منصور» إن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لم تعد تهتم بالضغط الدولي وإدانات منظمات حقوق الإنسان. وردا على سؤال حول ما يتوقع أن الدكتور «بن غيث» يفعله الآن خلال فترة الاحتجاز، أجاب السيد «منصور»: «مما أعرفه عنه أنه سيكون في إضراب عن الطعام. هو من نوعية الأشخاص الذين يتخذون القرارات الصعبة وتنفذ على الفور».