عبد الرحمن اللاحم- الرياض السعودية-
مصطلح حقوق الإنسان من المصطلحات الحديثة على المجتمع حيث إنها لم تبرز بشكل واضح إلا خلال السنوات العشر الماضية، ولم يواكب ظهورها وانتشارها حراك تأصيلي وفق المبادئ الحقوقية المجردة والمتعارف عليها دوليا وإنما اصبحت موضة نزين بها سيرنا الذاتية وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي بأننا ناشطون حقوقيون لأنه وصف لا يتطلب شهادة او مؤهلا أو حتى معرفة ولو بسيطة ببعض الجوانب القانونية التي يرتكز عليها العمل الحقوقي لأنه من غير المتصور أن تكون ناشطا حقوقيا دون إلمام بالأسس القانونية لحقوق الإنسان وفق القانون الدولي والقوانين الداخلية.
بعد كل ذلك الحراك الحقوقي في المملكة خلال العقد الماضي لم تنضج التجربة وتفرز لنا ثقافة حقوقية واعية فنحن مازلنا إلى هذه اللحظة نتجادل حول القيم الأساسية لحقوق الإنسان، ولم نؤمن بأبسط تلك القيم ونعتبرها حقا لكل إنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه أو طائفته وإنما اصبحت الحقوق تمنح للمشابهين لنا وتسلب ممن يختلف معنا فلو أخذنا حق المتهم بالاستعانة بمحام كحق اصيل من حقوق المتهم نصت عليه الانظمة السارية في الدولة والمواثيق الدولية لوجدنا الكثير ممن ركبوا موجة الحقوق من الاسلامويين؛ يسلبون ذلك الحق ممن يختلفون معه أيدلوجيا ويشنعون على من يتصدى للدفاع عن متهم يختلفون معه، وفي ذات الوقت تجدهم يتنمرون في الدفاع عن (مدانين) بأحكام نهائية بتهم الارهاب ويتصايحون على حقوقهم في وسائل التواصل الاجتماعي ولك ان ترى ذلك التناقض الفاضح في جولة سريعة على هاشتاق (فكوا العاني) لتشاهد الاسماء الحركية الكبيرة وقد تدثرت برداء مارتن لوثر كينج وألبست أولئك المدانين نياشين النضال والبطولة مع أن غالبيتهم قد ولغوا في الدم الحرام وثبت ذلك قضائيا بأحكام نهائية إلا أنهم يعتقدون أنهم قادرون على غسلهم وتطهيرهم بذلك الحراك الحقوقي المزيف إلا ان الصورة تنقلب رأسا على عقب بمجرد بروز قضية ما لا ينتمي المتهم فيها لأهلهم ولا عشيرتهم عندها لا يكتفون فقط بالسكوت عن نصرة قضيته والدفاع عن حقوقه الاساسية كمتهم وحقه في محاكمة عادلة وإنما يستأسدون في سلبه ذلك الحق البسيط ويدعون إلى إدانته خارج المؤسسة القضائية ويهاجمون كل من يملك الجرأة ليسانده أو يدافع عنه ويذود عن حقوقه مع أن القصة كلها لا تتجاوز العتبة الأولى من عتبات حقوق الإنسان التي تجاوزتها الأمم منذ عقود وهي أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) لكنه وعلى بساطة تلك القاعدة مازلنا نراوح فيها وذلك بسبب أننا سيّسنا حقوق الإنسان ولم نتعاط معها كقيم بيضاء يستحقها كل إنسان على هذه البسيطة بغض النظر عن موقفنا منه، ما ساهم في تشويه ذلك المصطلح واصبح مسخا مشوها لا نعرفه.