شؤون خليجية-
وصفت منظمة العفو الدولية أحكام الإعدام التي تم تنفيذها بالسعودية هذا العام بأنها "موجة غير مسبوقة من الإعدامات تعد معلماً جديداً قاتماً في سجل استخدام السلطات السعودية لعقوبة الإعدام"، وحذرت المنظمة من احتمال إعدام السلطات السعودية عشرات الأشخاص بينهم نشطاء شيعة شاركوا في مظاهرات معارضة للسلطات في العوامية والقطيف بالمنطقة الشرقية الغنية بالنفط.
وبحسب مصادر اعلامية سعودية، فإن 55 شخصا ينتظرون الإعدام لعلاقتهم بـ"جرائم إرهابية"، وقالت المنظمة إن الزيادة في حالات الإعدام داخل السعودية خلال العام الحالي تجعلها تتعامل مع هذه التقارير بـ"جدية بالغة."
وتقول السلطات السعودية إن أحكام الإعدام التي تنفذها تتسق مع الشريعة الإسلامية، وتأتي بعد محاكمات عادلة، وبحسب تقارير، فإن الأشخاص الذين يواجهون احتمال الإعدام خلال الأيام المقبلة بينهم "مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة".
وقالت المصادر إن مسلحي القاعدة اتهموا بالسعي للإطاحة بنظام الحكم وتنفيذ هجمات باستخدام أسلحة صغيرة ومتفجرات، وأشارت منظمة العفو إلى أن ستة نشطاء شيعة من بلدة العوامية بمحافظة القطيف يواجهون احتمال الإعدام بعد أن أدينوا "في محاكمات غير عادلة".
ويقول جيمس لينش، نائب مدير منظمة العفو الدولية المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "من الواضح أن السلطات السعودية تستخدم ذريعة مكافحة الإرهاب لتسوية أهداف سياسية"، وأضاف: "3 من النشطاء الستة سجنوا بسبب 'جرائم' ارتكبوها وهم أطفال، وقالوا إنهم تعرضوا للتعذيب للادلاء باعترافات."، والثلاثة هم علي النمر، الذي أثارت قضيته إدانات دولية، وعبد الله الزاهر وحسين المرهون.
وأصدرت محكمة سعودية في أبها الأسبوع الماضي حكم بإعدام الشاعر الفلسطيني أشرف فياض لاتهامه بالإلحاد والتشكيك في الذات الإلهية، واتهامه بالردة.
وعاد سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان إلى الأخبار مرة أخرى منذ يناير / كانون الثاني الماضي حينما جُلد المدون الليبرالي رائف بدوي لاتهامه بالإساءة إلى الإسلام.
وفي نفس الشهر، ظهر تسجيل صادم لامرأة من بورما متهمة بالقتل وهي تصرخ: "لم أقتل" حتى لحظة قطع رأسها بالسيف في أحد الشوارع بالسعودية.
وقد نفذت أحكام إعدام على أكثر من 150 شخصا حتى الآن هذا العام، وهو أعلى رقم تسجله منظمات حقوق الإنسان منذ 20 عاما، وأدين هؤلاء بجرائم غير عنيفة من بينها الاتجار في المخدرات، ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن العديد من المحاكمات غير عادلة، وغياب الشفافية في النظام القضائي السعودي.
ويرى آدم كوغل الباحث في منظمة هيومان رايتس ووتش الذي يتابع أحكام الإعدام التي تنفذها السعودية :"هناك كثير من التكهنات. لكن لا أحد يعلم الإجابة الحقيقية لأن السعوديين لم يعلنوا (الأسباب) ولن يعلنوها".
وكان هذا العام مليئا بالأحداث في السعودية. فقد خلف الملك سلمان في يناير/كانون الثاني الماضي شقيقه الملك عبد الله، ليدشن سياسة خارجية جديدة.
لكن زيادة معدلات الإعدامات بدأت بالفعل في أغسطس / آب العام الماضي، بحسب نشطاء حقوق الإنسان، وقال كوغل: "تقريبا جميع من أعدموا حوكموا بتهم القتل أو المخدرات، ومن المحتمل أن يشهد معدل الجريمة تصاعدا مع زيادة جرائم القتل وإدخال المخدرات إلى البلاد."
وهناك فكرة أخرى تتعلق بإعادة هيكلة النظام القضائي للسعودية خلال السنوات القليلة الماضية، ويقول كوغل: "ربما يكون هذا هو السبب، في ظل زيادة عدد المحاكم والقضاة، فإن النظام لديه القدرة على التعامل مع سجل متراكم من القضايا"، وهناك رأي ثالث يشير إلى أن هذه الإعدامات تأتي ضمن توجه في المنطقة بالكامل لزيادة الإعدامات، في ظل زيادة كبيرة في عقوبات الإعدام في باكستان وقرار الأردن إنهاء وقف تنفيذ أحكام الإعدام في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأضاف كوغل: "هناك شعور بأن عدم الاستقرار على المستوى الإقليمي يشجع القادة على أن يحاولوا أن يظهروا أكثر صرامة."
واعتبر كوغل أن "أحكام الإعدام تأتي انتقاما من محتجين شيعة، بعضهم كانوا سلميين وبعضهم ربما لم يكونوا كذلك. هناك رسالة واضحة مفادها أنه إذا خرجت إلى الشوارع لتحدي آل سعود، فإنك قد تدفع الثمن في نهاية المطاف".
وتنفذ أحكام الإعدام بالسعودية في العلن، وتشمل الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام القتل والزنا والخيانة والشذوذ الجنسي وجرائم المخدرات والسحر والشعوذة والردة.
ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن المتهمين لا يحصلون في أغلب الأحيان على محاكمات عادلة.
ولا تبلغ السلطات مسبقا عائلات السجناء بتنفيذ الإعدامات في ذويهم الذين يحكم عليهم بالإعدام.
وأثارت قضية الشاب الشيعي علي النمر، الذي أصبح رمزا للأشخاص الذين يواجهون حكم الإعدام، مناشدات من زعماء العالم للملك سلمان بإصدار عفو عنه وعدم توقيع حكم الإعدام بحقه.
ووجهت للنمر مجموعة من التهم من بينها مهاجمة الشرطة بقنابل حارقة في احتجاجات مناهضة للحكومة شرقي البلاد حينما كان عمره 17 عاما فقط ولا يزال في الدراسة.
وقالت عائلته إن الاعترافات انتزعت من النمر بالإكراه، وإنه وقع عليها بعد أن أبلغته السلطات بأنه سيفرج عنه.
وقال سيفاك كشيشيان، الباحث في الشؤون السعودية في منظمة العفو الدولية، إن "الإعدامات لا تمثل فقط قلقا خطيرا فيما يتعلق بحقوق الإنسان. هناك حملة ضارية وممنهجة تستهدف نشطاء حقوق الإنسان الذين يتبنون المعارضة السلمية بشكل عام من بينهم المدونون ونشطاء الانترنت".
وأضاف: "إذا كنت عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإنك تكون ملتزما بالحفاظ على أعلى المعايير في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها."، وقد اصبحت السعودية عضوا في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في عام 2013 ولمدة ثلاث سنوات.
وترفض السلطات السعودية الانتقادات الدولية بشأن سجلها في حقوق الإنسان، وتؤكد ضرورة احترام نظامها القضائي الذي يستند للشريعة الإسلامية.