الخليج الجديد-
كشف وسم «#إبراهيم_الياسي_في_خطر» جانبا من الانتهاكات الطبية التي يتعرض لها ليس فقط الدكتور «إبراهيم الياسي» المعتقل بسجن الرزين في الإمارات بل جميع المعتقلين والنشطاء السياسيين، وما يجري للإصلاحي «إبراهيم إسماعيل الياسي» هو نموذج صارخ لقهر نزلاء السجون العامة التي تشرف عليها وزارتا الداخلية والعدل، في ظاهر الأمر، بينما يقف جهاز أمن الدولة وراء كل قرار يمكن أن تتخذه إدارات السجون إذا كان السجين مصنفا كسجين «سياسي». ناهيك عن السجون السرية التي يشرف عليها جهاز الأمن مباشرة. ونخص في سلسلة التقارير التي ينفرد بها «الخليج الجديد» جانبا من الانتهاكات التي يعاني منها المعتقلون في السجون السرية والعامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
انتهاكات السجون السرية
العديد من النشطاء ذاقوا مرارة السجون السرية التي لايعرف المعتقلون بها الليل من النهار ولا تدخلها الشمس إطلاقا.
يقول «سعد البلوشي» الذي مكث شهورا في أحد السجون السرية: هناك وحدة طبية مكونة من غرفتين في كل سجن، واحدة بها سرير للضرورة في حالة النوم المؤقت، والأخرى لتقديم الدواء للمعتقل بمعرفة الطبيب والممرض وبحسب وصفات الطبيب المقيم أو المناوب، تحت أعين اثنين من المراقبين العسكريين، أحدهما مواطن والآخر نيبالي أو كولومبي. وفي هذه الأثناء، يكون المعتقل معصوب العينين ولا يسمح له بأي حديث آخر مع الفريق الطبي المعاون، لأن العيادة تحتوي على كاميرات مراقبة، وكذلك كافة الممرات والطرقات التي تربط بين العنابر ووحدة العيادة والزنازين. ويتوسط فناء كل عنبر قفص فيه طائر «غراب» يصيح بين الحين والآخر منبها العسكر المناوبين. ومن غير المسموح به أن يلتقي المعتقلون مع بعضهم البعض أثناء التوجه إلى العيادة أو العودة منها، ويمنع على المعتقل حمل أي عقاقير دوائية في يده، أو اصطحابها إلى زنزانته التي تحوي كذلك كاميرا خاصة تنقل حركاته وسكناته.
ويضيف «البلوشي»: يقوم الطبيب المقيم أو المناوب بتخصيص فترتين لتناول العقاقير الدوائية، في الصباح بعد تناول الإفطار، وفي المساء بعد تناول العشاء. هذا إذا كان حال المريض يتطلب تخصيص فترتين، فإذا كان من مرضى السكري وسلس البول فيتم معاملته معاملة خاصة، ومن أبرز العقاقير المسكنة التي يتناولها المعتقلون بمعرفة الممرض البروفين والمراهم والاسبراي.
ويشير «البلوشي» إلى أن البرد الشديد الذي يتعرض له المعتقلون في زنازينهم يتسبب في إصابتهم فيما بعد بأمراض الأسنان نتيجة حالات الرعشة الدائمة، وكذلك ألام العظام والمفاصل. ونظرا لأن البروفين له تداعيات سلبية طويلة الأمد على المعدة، فإن المعتقلين يحرصون على اقتناء القرنفل، وإخفائه في ملابسهم واستخدامه كمسكن موضعي لآلام الأسنان.
ويلفت «البلوشي» إلى أن المعتقل إذا ساءت وتدهورت حالته الصحية يتم نقله إلى أي من المشافي الأربع (زايد العسكري أو المفرق أو توام أو خليفة) بدون غمامة على عينيه، وبمصاحبة قوات شرطية خاصة. ولا ينزل المعتقل من سيارته إلا بعد تأمين الممرات التي سيدخل عبرها إلى الطبيب مباشرة، ويعامل الطبيب المعتقل حسب الرقم المدون على ردائه، ويخضع المعتقل للفحص اللازم وسط هذه الإجراءات، حيث يجري نقله بكرسي متحرك منذ دخوله المستشفى، وهو مقيد القدمين بأساور حديدية ويوضع على الكرسي قطعة من القماش الأبيض، «ستار»، على الجزء السفلي من جسد المعتقل لإخفاء «الكلبشات» عن عيون المارة أو هيئة التمريض والإداريين أو الزائرين بالمستشفى.
منع الزيارة
ويستكمل «سعد البلوشي» شهادته الخاصة لـ«الخليج الجديد» بوصفه للحالة التي يكون عليها المعتقل المريض إذا اقتضت حالته الصحية إجراء عملية جراحية أو الإقامة في المستشفى، ويقول: «يقيد المريض بسلسلة طويلة في قدمه إلى السرير الطبي الذي ينام عليه، على أن يسمح طول السلسلة أن يدخل بها إلى الحمام الملحق داخل حجرته وتحت عين ومتابعة اثنين من الشرطيين على مدار الساعة يتناوبون كل ثمان ساعات على الخدمة، أحدهما داخل غرفته ويجلس على كرسي، والآخر يجلس خارج الغرفة ويجلس على كرسي آخر. وفي هذه الحالة لا يسمح له ولا لأحد من أسرته بزيارته، ولا يستطيع الطبيب أو الممرض سؤاله عن اسمه لأن الشرطي يقف محذرا من ذلك. ويجري تحذير المعتقل في بداية دخوله المشفى من أي أحاديث جانبية مع الأطباء أو الممرضين ،وإلا قد تضطر الجهات الأمنية إلى قطع فترة علاجه خارج السجن.
ويختم «البلوشي» حديثه بالتأكيد على أن الجهات الشرطية لا تكتفي بوجود حراسات على مدار الساعة على المعتقلين المرضى بالمستشفيات، بل تأتيهم زيارات تفتيش مفاجئة وفي توقيتات مختلفة من عناصر أمنية ترتدي الزي الوطني وليس العسكري.
وحول تحذير السيدة «فاطمة الصلاقي»، من أن زوجها، الدكتور «إبراهيم الياسي»، الممنوع عنه الزيارة يتعرض لخطر كبير، بعد أن علمت بنقله إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية دون إبلاغهم، وبعد شهر كامل من منعهم من زيارته في السجن، يعلق «البلوشي» قائلا: إدارة السجون تختلق أسباب وهمية تدفعها لمنع السجين من حقه في زيارات دورية من أهله. ولا تستطيع الأسرة أن ترفع شكواها لأي جهة لأن كافة المؤسسات الاتحادية والمحلية تنتشر فيها العناصر الأمنية.
يذكر أن الدكتور «إبراهيم الياسي» هو أحد معتقلي الرأي في القضية المعروفة إعلاميا الـ94 والموقعين على عريضة الثالث من مارس/آذار 2011 والتي نادت بتطوير تجربة المجلس الوطني الاتحادي. وهو الأمين العام للمجلس التنفيذي في إمارة عجمان سابقا، وخبير في التطوير الإداري. كما يحمل درجة الدكتوراه في التخطيط الإستراتيجي، وعمل كمدير لمركز الحوار بدبي. ونشرت له العديد من الكتابات بمجلة الإصلاح قبل إغلاقها، إضافة إلى البرامج التربوية والأسرية على العديد من شاشات التلفاز.
ويقضي «الياسي» مع عشرات آخرين عقوبة السجن، وسط ظروف حبس تصفها منظمات حقوق الإنسان بـ«المهينة» و«القاسية».