مجتمع » حريات وحقوق الانسان

إقرار رسمي بوجود «أصليين» و«مجنسين»

في 2016/01/02

هاني الفردان- الوسط البحرينية-

أصدرت وزارة الإسكان بياناً توضيحياً لمضمون النقاش الذي دار بشأن قانون الإسكان خلال جلسة مجلس الشورى المنعقدة يوم الأحد (27 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، مبينة أنه قد وردت إليها عدة استفسارات عن المواد المتعلقة بصلاحيات إلغاء تخصيص الانتفاع وسحب الوحدات السكنية من المواطنين المسقطة عنهم جنسياتهم، وبدورها «تؤكد الوزارة أن إلغاء الانتفاع بالوحدة السكنية وسحبها هو أمر ينطبق فقط على الأسر التي اكتسبت شرف الجنسية البحرينية بالتبعية من رب الأسرة الذي اكتسبها بدوره بعد استيفاء شروط الحصول عليها، وأن هذا الأمر لن ينطبق على الأسر التي تتمتع بالجنسية البحرينية بصفة أصلية».

وبتفصيل يستند إلى قانون الجنسية، أوضحت الوزارة أن إلغاء التخصيص بالانتفاع وسحب المسكن سينطبق على من سُحبت منه الجنسية من «المتجنسين».

جهة رسمية، تحدثت وبصراحة، وبلغة علنية وواضحة، عن «متجنسين» و «أصليين»، وهذه اللغة كانت «مرفوضة» من قبل مسئولين وجهات رسمية وجمعيات سياسية وغيرها، عندما ارتفعت الأصوات بشأن ما عرف بـ «التجنيس السياسي».

اللغة الرسمية التي تتحدث عن «مجنسين» و«أصليين» ليست جديدة، فقد ناقشت من قبل السلطة التشريعية، وبالتحديد في جلسة استثنائية لمجلس الشورى (19 يونيو/ حزيران 2014)، مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية للعام 1963، وأحالته إلى الحكومة، بعد توافقه مع مجلس النواب في مضمونه، وهو المشروع الذي يمنح للحكومة صلاحيات واسعة لإسقاط الجنسية، وبصورة مخالفة للقانون الدولي الذي يمنع خلق فئة «بدون».

المشروع الحكومي، الذي لم يخضع للنقاش طويلاً، مرر كلمح البصر ضمن مشاريع وقوانين «الوقت الضائع» الذي تُسلق فيه التشريعات سلقاً، إذ قضى المشروع بفقد البحريني جنسيته البحرينية، كما يسحب القانون الجنسية من المتجنس، في عدد من الحالات.

لفظ «متجنس» كان في فترة من الفترات لفظاً شاذاً، منبوذاً، مثيراً، ومؤججاً للفتنة، وضارباً بمقومات الوحدة الوطنية على حد قول بعض المسئولين، عندما كان يفتح ملف «التجنيس السياسي» وتأثيراته على المجتمع البحريني، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. كما أن أحد المسئولين رفض وبشدة في جلسة لمجلس النواب (الثلثاء 13 أبريل/ نيسان 2010) لفظ «مجنس أو مجنسين».

بين أبريل 2010، ويونيو/ حزيران 2014 وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2015، مساحة زمنية نسبياً مقبولة لتغير المواقف، والتحول عن «الثوابت»، و«المبادئ الدستورية»، إلى أمور يمكن التراجع عنها، والتهاون فيها، كلفظ «المجنس».

تلك التصريحات التي تحدثت عن أن عدم التمييز بين المواطنين، وبين من حصل على الجنسية بالاكتساب أو التبعية تتناقض بشكل مباشر مع التعديلات على بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية للعام 1963.

قانون الجنسية للعام 1963 احتوى على لفظ «متجنس» وما يميز بين البحريني «الأصيل» و«المتجنس» وهذا الحديث قبل دستور 2002، ولكن أن تأتي التعديلات على قانون الجنسية وقد أعادت «التمييز» ذاته والفصل بما يناقض نص دستور 2002 بحسب تصريحات رسمية سابقة، فإن ذلك الأمر يحتاج لتفسير وتبرير، إلا إذا كانت الحكومة تعمل وفق مبدأ «الضرورات تبيح المحظورات».

في قانون 1963، وردت في مواده الأولى تفسيرات مهمة لمصطلحات ترد فيه، منها أن «بحريني» تعني كل شخص اكتسب الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام هذا القانون. و«شخص متجنس» تعني كل شخص منح الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام المادة (6) من هذا القانون. وهو ما يؤكد أن قانون الجنسية البحريني فصل بين «البحريني الأصيل» و«البحريني المتجنس»، وفق مواد قانونية.

بعض المسئولين كانوا «متشنجين» في أبريل 2010 بشأن لفظ «مجنس» و «أصيل» ورفضوها بشدة، ناسين أو متناسين أن القانون البحريني كان ينص عليها بوضوح.

الحكومة التي ترفض «ما يسمى بشخص أصيل وشخص مجنس»، تصدر تعديلات جديدة تتمسك فيها بـ «التمييز» ذاته بين «البحريني الأصيل» و«المتجنس»، وتؤكد وجوده بحكم القانون، حتى ذهبت مؤخراً وزارة الإسكان لتميّز بينهما بشكل واضح في بيانها الأخير.

ما أصبح واضحاً ومؤكداً أن استخدام لفظ «بحريني أصيل» و«بحريني متجنس» لفظ قانوني منصوص عليه في التشريعات القديمة والمستحدثة، لا يستدعي حالات التشنج.