عبدالرحمن اللاحم- الرياض السعودية-
إعلان وزارة الداخلية تنفيذ الأحكام الشرعية بحق مجموعة من الارهابيين شكّل المحطة الاخيرة من معركة كانت شرسة مع الارهاب اختطفت الابرياء، وروعت الآمنين وخلّفت وراءها ندوباً مؤلمة في ذاكرتنا الوطنية ستبقى حية ما دام الارهاب ورموزه قادرين على الحركة والتشكل والتلّون.
تفاعل الناس مع اعلان الداخلية كان متعاطفاً مستبشرا بأن العجلة بدأت بالدوران وانها لن تتوقف حتى يجتث الارهاب من جذوره وتطال يد العدالة كل من تورط فيه؛ فاعلاً او مساهماً او محرضاً، الا ان هناك فئة من البشر لم يعجبها تنفيذ الأحكام وارادتها فرصة للاستعراض من بوابة الحقوق مدلسة على الناس بأن هناك ممن نفذ بحقهم الاعدام لم يطلقوا رصاصة وانما كانت لهم آراء معارضة للدولة، وإن كانت عنيفة الا انه لا يجوز معاقبتهم بأي عقوبة انطلاقاً من مبدأ حرية الرأي وفلسفتها تقوم على قاعدة؛ انه لا يمكن ان يكون (الرأي) محل جريمة جنائية على الاطلاق وهذا جهل فاحش بالقانون وبأبجديات حقوق الانسان وجهل بطبيعة الجريمة الارهابية ذاتها والتي تقوم اساساً على (رأي) وهو تكفير الدولة ورموزها، وكل الاعمال التي تأتي بعد هذا الرأي هي تنفيذ وترجمة له.
فعندما يقتل ارهابي رجل الأمن أو يحرق مؤسسة حكومية بالمولوتوف او يفجر مبنى سكنيا بمن فيه؛ فهو ينطلق من ذلك (الرأي) الذي أجاز له ممارسة تلك الاعمال بل أوجبها عليه ولو لم يوجد ذلك (الرأي) لتلاشت كل الاعمال الارهابية لأنها ستفقد الوقود الشرعي، فالعملية الارهابية ليست جريمة جنائية اعتيادية كجرائم السطو على بنك بهدف سلب الاموال او قتل شخص لمجرد خلاف على حدود قطعة ارض، وانما الهدف من الجريمة الارهابية تحقيق الرأي والعقيدة التي تشربها الارهابي من شيخه المحرض الذي يفترض ان يأتي على رأس الهرم في المسؤولية الجنائية ومن الغباء التصور بأن الجريمة الارهابية تنتهي عند المراهق الذي ضغط على الزناد دون ملاحقة بقية شركائه بالجرم فهناك من اعطاه المسدس والرصاصة وآخر علّمه كيف يستعمله وثالث موّل شراء المسدس والرصاصة، وهناك من تطوع لرصد مسرح الجريمة، وتتسلسل الادوار لتصل الى (الاب الكبير) الذي افتى لهم بجواز تنفيذ العملية شرعاً لان كل أولئك المنفذين لا تعنيهم العقوبات الدنيوية التي تصدر من مؤسسات قضائية يرون انها كافرة وأحد اعوان الطاغوت وانما الذي يعنيهم التأكد بأن تلك العملية ستقودهم الى الجنة، وانهم فور ازهاق انفسهم سيكونون في احضان الحور العين فصاحب (الرأي) الذي يتباكى عليه الحقوقيون المسيّسون هو من يمنحهم هذه الطمأنينة التي هي التي ستدفعهم لتنفيذ العملية ولا يمكن تصور انهم سينفذونها لو افتى له المحرض بحرمتها.
المشكلة ان حقوق الانسان في السعودية لم تدخل من بوابة القانون وإنما ولجت من نافذة السياسة وكانت النتيجة هذه العينة من الحقوقيين المسيسين الذين اتخذوها مخلباً للمشاغبة وتصفية الحسابات مع الانظمة السياسية والضحية هي القيم الحقوقية النبيلة.