يوسف القبلان- الرياض السعودية-
عانت المملكة من جرائم الإرهاب أكثر من غيرها من الدول، لكنها انطلقت في مشروع مكافحة الإرهاب من منطلق انساني ودولي جعلها تقود مبادرات عملية لتحقيق تضامن دولي ضد خطر يهدد الجميع. وكان للمملكة دور استباقي في إفشال مخططات ارهابية استهدفت بعض الدول ومنها بريطانيا بشهادة رئيس الوزراء البريطاني.
وعلى الصعيد الداخلي في المملكة وغيرها من الدول فإن الأمن يأتي في مقدمة المسؤوليات وهو من أهم حقوق الإنسان إذ لا حياة ولا تنمية ولا استقرار ولا سلام بدون أمن فالأمن هو للجميع وقد اضطرت كثير من الدول في سبيل مكافحة الإرهاب الى تطبيق قوانين واجراءات صارمة بعضها استدعى التغيير في الدستور. فعلوا ذلك دون الالتفات الى من يعارض تقييد الحريات واقتحام الخصوصيات كونها حسب زعمهم تتعارض مع حقوق الانسان. يحدث ذلك مع أن تلك القوانين والإجراءات اتخذت أصلا لحماية الإنسان وحقه في حياة آمنة.
المملكة حسمت أمرها في مكافحة الإرهاب وتعاملت معه كجريمة ضد حقوق الإنسان، وخطر عالمي لا يرتبط بدين معين أو جنسية معينة، المملكة تكافح الإرهاب من أجل حقوق الإنسان ومن أهم هذه الحقوق حق الأمن للجميع. ومن يهدد هذا الأمن فهو يستحق العقاب بصرف النظر عن دينه أو طائفته أو جنسيته.
مشكلة بعض الدول أنها ذات مواقف رمادية في التعامل مع جريمة الإرهاب مرتبطة بقضية حقوق الإنسان التي تخضع للمواقف السياسية فتطبق معايير مزدوجة تبعا للمصالح السياسية.
في مقال سابق بعنوان (الإنسان وحقوقه) أشرت الى أن قانون حقوق الإنسان عندما صدر في بريطانيا أثار موجة من الاحتجاجات تطالب بوضع حد لأن تعلو مصالح القتلة والمغتصبين والمتحرشين جنسيا بالأطفال على مصالح الضحايا، ووصف ذلك القانون بأنه مجنون لأنه أدى الى الإفراج عن العديد من المجرمين الخطرين الذين اقترفوا الانتهاكات مرة أخرى!
من الواضح أن الدول تتفاوت في مفهومها لحقوق الإنسان. في كتاب عن حقوق الإنسان يرى مؤلفه أندرو كلافام أن: "مفهوم ثقافة حقوق الإنسان يعني بالنسبة لبعض الدول ضمان معاملة كل الأفراد بصورة تحترم كرامتهم الأصلية وقيمهم الانسانية، بينما ينظر البعض الى هذا المفهوم على أنه يعني أن القضاة والشرطة ومسؤولي الهجرة يتوجب عليهم حماية مصالح الإرهابيين والمجرمين والعناصر غير المرغوب فيها على حساب أمن السكان".
وأكرر هنا أن اختلاف البشر حول قضية حقوق الإنسان مفهوما وتطبيقا يجعل المصدر الأول والأهم هو شرع الله وليس القوانين البشرية التي لا تصلح لكل زمان ومكان ولا تتمتع بالاستقلالية، وتخضع لعوامل ليس لها صفة الثبات. وهذا ما فعلته وتفعله المملكة في مكافحة الارهاب فهي تفعل ذلك من أجل حقوق الإنسان وليس العكس كما يدعي المدافعون عن الإرهابيين.
الإرهابي يتخلى عن انسانيته ويقتل الإنسان البريء ويحرمه حق الحياة، وينشر الرعب والدمار في المجتمعات الإنسانية، ثم يطالب هذا الإرهابي بحقوقه الإنسانية! ويجد دعما من دول مثل ايران التي تصدر الطائفية، والفتن، وتدعم المنظمات الإرهابية لتحقيق مصالحها السياسية، ثم تتحدث عن حقوق الإنسان. ودول أخرى تشارك في قتل الأبرياء، أو تلتزم الصمت، وتزعم أنها تحارب الإرهاب، لكنها تقف عاجزة عن فعل أي شيء بسبب معاييرها المزدوجة. ودول أخرى تقتل الإرهابيين، وتدين نفس الفعل إذا حصل في دولة أخرى!