أسماء العتيبي- الخليج الجديد-
انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير لها ما وصفته «بسلسلة الأحكام القاسية ضد مطالبين سلميين بالتغيير في المملكة» والتى تصل إلى حد الإعدام، مطالبة الملك «سلمان بن عبد العزيز» بكبح جماح قمع المعارضين السلميين، وإنهاء هذا الاعتداء المتصل والمستمر على حرية التعبير، وأن يُفرج عن جميع النشطاء السلميين والكُتاب.
التقرير الذي اطلع عليه «الخليج الجديد» تطرق إلى آخر واقعة اعتداء على الحريات وهي سجن الكاتب «زهير كتبي»، المنتقد السلمي الذي طالب بإصلاحات سياسية داخلية، وعوقب بالسجن 4 أعوام، وحظر للسفر 5 أعوام، وحظر من الظهور الإعلامي لمدة 15 عاما، معتبرا أن هذه القضية ليست إلا «أحدث حلقة في سلسلة من الأحكام القاسية ضد مطالبين سلميين بالتغيير، على مدار العام الأول من عهد الملك سلمان».
ونقل التقرير عن «سارة ليا ويتسن»، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط بالمنظمة قولها: «يأمل المدافعون عن حقوق الإنسان أن يكبح الملك سلمان جماح قمع المعارضين السلميين في المملكة، لكن السلطات تضايق وتسجن الأفراد جراء التعبير سلميا عن آراء إصلاحية»، مضيفة «على الملك إنهاء هذا الاعتداء المتصل والمستمر على حرية التعبير، وأن يُفرج عن جميع النشطاء السلميين والكُتاب».
وأحصى التقرير معتقلى الرأي في المملكة على مدار عام 2015 حيث «عوقب ما لا يقل عن 6 رجال، بينهم كُتاب بارزون ومعارضون ومطالبون بالإصلاح، جراء التعبير سلميا عن آرائهم، حُكم على أحدهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات طويلة، هناك 4 على الأقل مُنعوا من السفر للخارج لـ 5 إلى 10 سنوات»، لافتا إلى أن «أغلبهم واجهوا اتهامات فضفاضة ترمي إلى تجريم المعارضة السلمية بصياغات عامة ومبهمة، مثل إثارة الفتنة وتقليل هيبة الحكم وتهييج الرأي العام».
«زهير كتبي»
وبالعودة إلى «زهير كتبي» قال التقرير: «ضايقت السلطات زهير كتبي على كتاباته السلمية منذ التسعينيات، واحتجزته 6 مرات على الأقل، بحسب نشطاء سعوديين، وتوقيفه الأخير كان بعد ظهوره لمدة ساعة على برنامج في الصميم، على قناة روتانا خليجية الفضائية، حيث تحدث زهير كتبي عمّا اعتبره إصلاحات ضرورية، منها تحويل البلاد إلى ملكية دستورية ومكافحة القمع الديني والسياسي».
المحكمة أدانت «كتبي» في 21 ديسمبر/كانون الأول 2015 على جملة من الاتهامات الفضفاضة، منها «إثارة الفتنة» و«تهييج الرأي العام» و«تقليل هيبة الحكم» بحسب وثائق المحكمة التي اطلعت عليها «هيومن رايتس ووتش»، وتستند بالأساس إلى تغريدات الكتبي على تويتر وكتاباته ودعواته للملكية الدستورية.
كما قررت المحكمة أن الظهور الإعلامي لـ«زهير كتبي» يخرق تعهده في 2013 بعدم «تهييج الرأي العام»، على صلة بكتاباته الأخرى، بحسب التقرير.
إضافة إلى الحُكم عليه بالسجن، الذي خُفض إلى عامين، وحظر السفر والكتابة، فقد غُرّم 100 ألف ريال سعودي (26634 دولارا أمريكيا) وأُمر بحذف حسابه على تويتر والمواقع التي يديرها والتي ذُكرت في القضية.
«الشمري» و«فياض»
ومن «كتبي» إلى «الشمري» قال التقرير «في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أيدت محكمة استئنافية السجن عامين و200 جلدة على مخلف الشمري، وهو ناشط حقوقي معروف، وجزء من السبب هو مجالسته للشيعة، حيث سعى الشمري لتحسين العلاقات بين السنة والشيعة وتصدّر عناوين الأخبار في 2008 عندما زار مسجدا شيعيا في القطيف وصلّى إلى جوار قيادي شيعي إظهارا للتضامن».
وتطرق التقرير كذلك إلى الشاعر الفلسطيني «أشرف فياض» الذي حكمت عليه المحكمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني بالسجن بتهمة الردة، بزعم إدلائه بتصريحات فيها ازدراء للدين أثناء انعقاد حلقة نقاش، وفي ديوان شعر يخصه، وأنكر أشرف فياض (35 عاما) الاتهامات وقال إن رجلا آخر أدلى باتهامات ملفقة للشرطة الدينية السعودية إبان خلاف شخصي بينهما».(طالع المزيد)
وفي أكتوبر/تشرين الأول حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على 3 رجال بالسجن لمدد مطولة في محاكمات منفصلة. اثنان منهم – «عبد الكريم الخضر» ود.« عبد الرحمن الحامد» – كانا من مؤسسي «جمعية الحقوق المدنية والسياسية» السعودية المحظورة، وقد سُجن بالفعل عدد من أعضائها جراء نشاطهم. الثالث هو «عبد العزيز السنيدي»، وهو مُعارض مستقل.
وتراوحت الأحكام من 8 إلى 10 أعوام، إضافة إلى حظر سفر من 8 إلى 10 أعوام، وارتبطت جميع الاتهامات ضد الثلاثة حصرا بدعوات التغيير السلمية التي تبنوها، بحسب التقرير.
وأشار التقرير إلى أنه «إضافة إلى الإدانات الأحدث المذكورة، فهناك أكثر من 12 ناشطا سعوديا بارزا يقضون عقوبات بالسجن لمدد طويلة نتيجة لنشاطهم السلمي، ومنهم وليد أبو الخير وفاضل المناسف، وقد حُكم على كل منهما بالسجن 15 عاما أمام المحكمة الجزائية المتخصصة نتيجة لنشاطهما السلمي بمجال حقوق الإنسان.»
التقرير لفت إلى أن السلطات السعودية تلجأ بشكل متكرر إلى نسب اتهامات إلى النشطاء الحقوقيين بسبب ممارستهم السلمية لحرية التعبير، في خرق لالتزاماتها بمقتضى القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث يكفل «الميثاق العربي لحقوق الإنسان» الذي صدقت عليه المملكة الحق في حرية الرأي والتعبير في المادة 32.
وقالت «سارة ليا ويتسن»: «الأحكام العجيبة المُنزلة بالنشطاء والمعارضين السلميين تُظهر تعصب الحكومة السعودية البالغ إزاء المواطنين المجاهرين بالحديث عن حقوق الإنسان والإصلاح»، مطالبة السعودية «ألا تزج بالناس وراء القضبان جراء آرائهم السلمية، ولا مكان لهذه القضايا قطعا في محكمة معنية بالإرهاب».