شؤون خليجية-
جاء التقرير السنوي لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان لعام 2015، مثيرًا للدهشة حيث حمل التقرير شعار "لا انتهاكات لحقوق الإنسان.. القانون سيد الموقف" مما يثير التساؤلات حول هذا مدى صدق ومهنية هذا التقرير وعن أي دولة يتحدث في ظل الشكاوى والانتقادات المتكررة في الإمارات لتدني أوضاع حقوق الإنسان.
لا انتهاكات حقوقية
في مفاجأة من العيار الثقيل خلا التقرير الصادر عن جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، أمس الأحد، من أي شكاوى أو انتهاكات حقوقية معتبرًا ذلك دلالة على عدم وجود أي انتهاكات حقوقية في الإمارات مرجعًا ذلك لنفاذ القانون والنزاهة والشفافية في الدولة.
وادعى التقرير الذي نشرته جريدة الاتحاد الإماراتية أن ما يوجه للإمارات من انتقادات وما يوجه للجمعية من شكاوى محض افتراءات وادعاءات من أصحابها ومحاولة لتشويه الواقع وللنيل من السمعة العالمية لدولة الإمارات.
وحول أوضاع الوافدين، قال التقرير إن عدد من المقيمين أكدوا أن "الإمارات تعد نموذجاً مبهراً وفريداً من نوعه في احترام الحريات وحقوق الإنسان والعدالة الناجزة وحرية الرأي والفكر والعقيدة".
وأشار التقرير إلى فوز الإمارات بعضوية الدورة الثانية في مجلس حقوق الإنسان، وكذلك اختيار جمعية الإمارات لحقوق الإنسان عضواً استشارياً للمجلس الاقتصادي الاجتماعي في المؤسسة الأممية، معتبرًا ذلك مؤشرًا على المكانة الحقيقية لدولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
التقارير الدولية تكشف الحقائق
تغافل تقرير جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، نقل عدد من الإحصائيات الحقوقية التي أبرزت وجود ما لا يقل عن 4426 انتهاك لحقوق الإنسان، كان أبرزها تقرير مركز الإمارات للدراسات والإعلام.
كما تغافل تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في أكتوبر الماضي والذي تحدث فيه عن رفض السلطات الإماراتية التعاون مع المنظمة وكشف الحقائق حول عدد كبير من الانتهاكات التي قامت بها وأبرزها حالة المعتقل أسامة النجار وابنه السيد أسامة النجار والذي تم اعتقاله تعسفيًا وإخفاءه قسرًا بعد لقائه مع السيدة غابرييلا كنول المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، خلال زيارتها لدولة الإمارات العربية المتحدة .
وأشار تقرير هيومن رايتس ووتش إلى الانتهاكات التي يتعرض لها المدافعون عن الحريات وحقوق الإنسان بشكل خاص في الإمارات، راصدا وموثقاً مالا يقل عن 65 حالة إخفاء قسري في الإمارات خلال الفترة التي صدر خلالها التقرير، لافتاً إلى أن السلطات الإماراتية كشفت عن مصير حالتين فقط وتضم حالات الإخفاء القسري خمس حالات لنساء بينهم بنات العبدولي والمختطفات منذ فترة تصل للثلاثة أشهر دون معرفة مصيرهن.
وأوضح تقرير هيومان رايتس ووتش أن المنظمة تقدمت بطلبات لزيارة قطرية متعلقة في قضية متعلقة بحقوق الإنسان منذ الـ13 من سبتمبر 2013 ولم يصل أي رد حتى الآن من الحكومة الإماراتية على الرغم من تذكير أرسل في 27 أكتوبر 2014، وذلك في رد واضح حول ما يدعيه التقرير عن الشفافية في الإمارات.
أحوال السجون
وعلى الرغم من إشادة الإمارات بأحوال السجون بها إلا أن عدد كبير من الشكاوى خاصة من سجن الوثبة القريب من أبوظبي كانت من الردود على التقرير، حيث أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الوضع داخل السجن في تقرير لها أكتوبر الماضي.
ونقلت المنظمة العالمية اتهامات عن معتقلين سابقين داخل الوثبة وصفتها بأنها ذات مصداقية بأن عناصر أمن الدولة عذبوا المعتقلين من خلال الضرب والإجبار على الوقوف، والتهديد بالاغتصاب والقتل والصعق الكهربائي .
وحول سيادة القانون وتفعيل جهات الشكوى الرسمية بالإمارات تغافل تقرير جمعية الإمارات الحديث عن استمرار اعتقال السوري عمر الدباغ والمصري سامح بسيوني علام في السجون الإماراتية، على الرغم من انتهاك محكوميتهما دون إبداء أسباب.
الإمارات عضو مجلس حقوق الإنسان!
وعلى الرغم من اعتبار تقرير جمعية الإمارات أن فوز الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان دلالة على تقدمها في هذا الملف إلا أن عدد من المختصين بالشأن الحقوقي أكدوا أن ذلك إدعاء خاطئ، مشيرين إلى أن انضمام الدول للمجلس مرتبط بالمحاصصة الجغرافية وليس أوضاع حقوق الإنسان.
وأكد الناشط الحقوقي أحمد منصور والحائز على جائزة مارتن انيال الحقوقية العالمية، أن عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لا يرتبط بوضع حقوق الإنسان في الدولة، قائلًا: "الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان لم يعد في الحقيقة مرتبط بمدى التزام الدول بتطبيق أعلى معايير حماية حقوق الإنسان والترويج لها، بالرغم من أن ذلك جزء من متطلبات العضوية في المجلس، إلا أن الغالب على النظام هو المحاصصة الجغرافية للدول".
وأضاف منصور، معللًا دخول الإمارات للمجلس، في تصريح له: " يمكن أن تكون الدول المرشحة للمقاعد في المجلس عددها مماثل لعدد المقاعد المطلوبة فيتم اختيار الدول بناء عليه بشكل تلقائي. وهذا ما حدث في حالة دولة الإمارات في الدورة السابقة عام 2012". ولفت إلى الدور الكبير العلاقات العامة، والدبلوماسية في انتخاب الدول، مضيفًا: "في نهاية المطاف، الدول هي التي تصوت للمترشحين وليست منظمات حقوق الإنسان أو حتى من قبل مجلس حقوق الإنسان بذاته".