مجتمع » شؤون المرأة

احترام المرأة

في 2016/02/25

د. وائل الحساوي- الراي الكويتية-

من إبداعات مصطفى لطفي المنفلوطي، التي سطرها في رسائله الكثيرة موضوع بعنوان «احترام المرأة» يذكر فيه:

«نعم إن الرجال قوامون على النساء كما يقول الله تعالى في كتابة العزيز، ولكن المرأة عماد الرجل، وملاك أمره وسر حياته، من صرخة الوضع إلى أنَّة النزع».

لا يستطيع الأب أن يحمل بين جانحتيه لطفله الصغير عواطف الأم، فهي التي تحوطه بعنايتها ورعايتها، وتبسط عليه جناح رحمتها ورأفتها، وتسكب قلبها في قلبه حتى يستحيلا إلى قلب واحد، يخفق خفوقاً واحداً ويشعر بشعور واحد، وهي التي تسهر عليه ليلها، وتكلؤه نهارها، وتحتمل جميع آلام الحياة وأرزائها في سبيله، غير شاكية ولا متبرمة، بل تزداد شغفاً به، وايثاراً له، وضنا بحياته بمقدار ما تبذل من الجهود في سبيل تربيته، ولو شئت أن أقول لقلت: إن سر الحياة الإنسانية وينبوع وجودها وكوكبها الأعلى الذي تنبعث منه جميع أشعتها ينحصر في كلمة واحدة، هي قلب الأم.

لا يستطيع الرجل أن يكون رجلاً حتى يجد إلى جانبه زوجة تبعث في نفسه روح الشجاعة والهمة، وتغرس في قلبه كبرياء التبعة وعظمتها، وحسب المرء أن يعلم أنه سيد وأن رعيته كبيرة أو صغيرة تضع ثقتها فيه، وتستظل بظل حمايته ورعايته، وتعتمد في شؤون حياتها عليه، حتى يشعر بحاجته إلى استكمال جميع صفات السيد ومزاياه في نفسه، فلا يزال يعالج ذلك من نفسه ويأخذها أخذا حتى يتم له ما يريد، وما نصح الرجل بالجد في عمله والاستقامة في شؤون حياته، وسلوك الجادة في سيره، ولا هداه إلى التدبير ومزاياه والاقتصاد وفوائده، والسعي وثمراته، ولا دفع به في طريق المغامرة والمخاطرة والدأب والمثابرة مثل دموع الزوجة المنهلّة ويدها الضارعة المبسوطة.

ومجمل القول: «إن الحياة مسرات وأحزان، أما مسرّاتها فنحن مدينون بها للمرأة، لأنها مصدر ينبوعها الذي تتدفق منه، وأما أحزانها فالمرأة هي التي تتولى تحويلها إلى مسرات أو ترويحها عن نفوس أصحابها على الأقل، فكأننا مدينون للمرأة بحياتنا كلها».

كم أشعر بالعجب عندما أرى أناساً كثراً يختزلون العلاقة بين الرجل والمرأة بمسألة القوامة أو بالحقوق المسلوبة من الرجل تجاه المرأة، أو بالعلاقة الشهوانية بينهما، أو حتى بحقوق المرأة السياسية التي يرون بأن الرجل قد سلبها من المرأة وينادون بالثورة ضد الرجل وتحرير المرأة!!

إنهم بذلك إنما يزيدون النار اضطراماً ويخلقون العداوة بين المرأة والرجل ويدفعون المرأة إلى الثورة على الرجل، وقدوتهم في ذلك هي الأمم الغربية التي أخرجت المرأة من العبودية للرجل إلى تدمير شخصيتها وتحويلها إلى منافس شرس للرجل، وبذلك هدموا بيوتاً كثيرة وشتتوا النشء وملأوا ملاجئ الأيتام بالأطفال الذين لا آباء لهم، أو بالمشردين!! وملأوا المسارح والملاهي بالفنانات اللاتي يتسابقن على إرضاء نزوات الرجال بالباطل.

كم نحن بحاجة إلى إعادة دراسة تلك السنن الكونية التي ميز الله تعالى بها الإنسان على سائر خلقه وآيات الرحمة التي زرعها سبحانه في قلوب الناس تجاه بعضهم البعض حيث يقول سبحانه «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون».