فاضل العماني- الرياض السعودية-
في الثامن من مارس من كل عام والذي يُصادف يوم بعد غد، يحتفل كل العالم بيوم المرأة العالمي وهو عُرف سنوي يُقام منذ أكثر من سبعة عقود وتحديداً في العام ١٩٤٥ حينما عُقد في باريس أول مؤتمر للاتحاد النسائي العالمي للنظر في المعوقات والتحديات التي تواجه المرأة في كل العالم، لاسيما العالم الثالث الذي يرزح تحت خطوط الفقر والجهل والمرض والبطالة والأمية والدكتاتورية.
وهناك من يؤكد بأن اليوم العالمي للمرأة كان قبل ذلك بكثير، وذلك إثر الإضرابات النسائية التي حدثت في أميركا في عام ١٨٥٦، حيث خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها. وفي ٨ مارس ١٩٠٨، تظاهرت الآلاف من عاملات النسيج وهن يحملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية تختزل حركتهن الاحتجاجية التي عُرفت ب "خبز وورود"، وطالبت المحتجات بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الترشيح في الانتخابات. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ الاحتفال بهذا اليوم في أميركا وأغلب دول العالم تخليداً لتلك الاحتجاجات الشجاعة.
ولم توافق منظمة الأمم المتحدة على تبني هذا اليوم العالمي للمرأة إلا في عام ١٩٧٧، حيث أصدرت قراراً يدعو كل دول العالم إلى اعتماد الثامن من مارس ذكرى سنوية للاحتفال بهذه المناسبة المهمة، فتحول هذا اليوم إلى رمز لنضال المرأة.
لقد استطاعت المرأة وبعد كل تلك القرون الطويلة من المعاناة والظلم والتهميش أن تُثبت أحقيتها كإنسان كامل الأهلية والرشد، وأنها لا تقل عن الرجل في شيء، بل هما شريكان حقيقيان ومتساويان، يعملان معاً من أجل تنمية ونهضة البشرية.
ولكن، ماذا عن المرأة السعودية في يومها العالمي؟ سؤال ملتبس لا أبحث له عن إجابة مباشرة، لأنها كما يبدو جاهزة ونمطية ومعروفة، أشبعت كتابة وبحثاً وتعريضاً، ولكنني على ثقة تامة بأن هذا اليوم العالمي للمرأة السعودية سيمر دون أن يلتفت إليه أحد!
للأسف الشديد، تقع المرأة السعودية ضحية لصراعات أيديولوجية وفكرية وثقافية مفتعلة لا أساس لها، ولكن ملف المرأة كما يبدو أكثر غواية وجاذبية وحساسية يوظفه بذكاء بل بخبث الكثير من المنتفعين من كل الأطراف والمستويات والتوجهات من أجل تحقيق الكثير من الأهداف والمصالح والغايات التي لا تتقاطع لا من قريب أو من بعيد مع طموحات وتطلعات واستحقاقات المرأة السعودية.
نعم، المرأة السعودية نالت الكثير من المكتسبات وتبوَّأت العديد من المناصب وتُشارك في صناعة القرار الوطني وتحظى باهتمام الدولة، ولكنها رغم كل ذلك مازالت حبيسة دائرة الشك والريبة والتوجس من قبل شريحة عريضة من المجتمع!
الفوبيا من المرأة السعودية التي مازالت تُعشعش في فكر ومزاج الكثير من مكونات وتعبيرات المجتمع السعودي، مرض بطعم الوهم آن له أن يُعالج بشكل سريع وفعّال ونهائي، لكي تستطيع المرأة السعودية التي أذهلت العالم بنبوغها وتميزها وشخصيتها والتزامها ممارسة حقها الكامل في تنمية ونهضة وطنها.