كلما أراد المجتمع أن يخلع الوصاية عن المرأة برز من يحاول التخويف من تعاملنا مع المرأة كإنسان كامل الأهلية، فالمرأة إذا قادت السيارة سوف تنحرف اجتماعياً أو ستأكلها الذئاب البشرية، وإن سافرت بدون إذن ولي الأمر فسوف ترتكب جريمة الهروب!!
مع أن المبتعثات يدرسن في الخارج ويحققن النجاحات والإنجازات ولم يهربن بلا عودة.
وسيدات الأعمال والمحاميات والصحافيات وغيرهن من صاحبات المهن التي لا تدعمها المجتمعات المحافظة يحققن النجاحات تلو النجاحات.
المرأة في المجتمع مهما بلغت من العمر تظل بحاجة إلى السماح لها بالتعليم والعمل، وقد كان سابقا العلاج لولا حصلت على تمكينها الصحي عام 2012 وارتفع مؤشر التمكين السياسي لها لدخولها مجلس الشوري كعضوة وحصولها على حق الانتخاب والتصويت عام 2013.
لكن رغم دفع الدولة المجتمع باتجاه تمكين المرأة إلا أن التعامل النمطي مع المرأة ظل حاضرا، والأمر اللافت أن تكون الوصاية ليست من الرجل فقط وإنما أيضا من المرأة؛ حيث تنشط بعض النساء المثقفات والداعيات إلى بث الرسائل الإعلامية لمنع تمكين المرأة بحجة أنه مشروع تغريبي، بينما ينجون وبناتهن من خطورته ويتعلمن بل ويعملن في الخارج وفي «بلاد الكفار» حسب التعبير العامي الشائع لبلاد الغرب.
وهو ما أشارت إليه «نعومي صقر» من جامعة وسمنستر في كتابها عن المرأة العربية والإعلام.
فكرة الوصاية على المرأة ليست سراً فقد دُرست وحُلّلت هذا الإشكالية في كثير من كتابات النسويات الغربيات في حديثهن عن معوقات تمكين المرأة السعودية في المجتمع.
الغريب أن المجتمع يتبنى فكرة قديمة يحاول الشرق أن يتخلص من تبعاتها في خضوعه لصورة المرأة الشرقية في مخيلة الغرب، والتي أسسها المستشرقون، وقالت عنها الأديبة «رنا قباني» إن المرأة الشرقية في مخيلة الغرب إما غاوية أو خانعة.
لذلك خضعت المرأة في المجتمعات الشرقية ونحن ضمنها لسنوات طويلة من التشكيك في إمكاناتها وقدراتها للمشاركة مع الرجل في بناء المجتمع.
ورغم كل القيود والعقبات التي لم يضعها الإسلام إنما ابتكرتها العادات والأعراف استطاعت المرأة السعودية ان تحقق الإنجازات، لكن المجتمع فقد الكثير من الطاقات النسائية التي لم تستطع كسر قيود الأعراف.
عندما كانت المرأة في زمن الرسول وصحابته الكرام كاملة الأهلية استطاعت أن تبني الأسرة وتشارك الرجل في العمل، لكن حينما بدأ المجتمع يتعامل معها على أنها قاصر أهدر وقته وجهده في حمايتها كقاصر وابتكر القوانين لسجنها بدلا من القوانين التي تستثمر طاقتها وامكاناتها كإنسان.
ولعل الوقت حان لخروج المرأة من دائرة التعطيل إلى دائرة الإنتاج، وقريباً بإذن الله.
ناهد باشطح- الجزيرة السعودية-