مجتمع » شؤون المرأة

"صندوق النفقة".. ملاذ المطلقات السعوديات من روتين المحاكم

في 2016/06/11

ما تزال قضايا المرأة في السعودية موضع جدل في كثير من جوانب حياتها، وتبحث عن حلول لعدد من مشكلاتها التي تعززها عادات المجتمع ولا تتقبلها المرأة، ومن بينها موضوع نفقة المرأة المطلقة.

تطالب المطلقات بالمملكة بعلاج لمشكلة الإحجام عن النفقة على الأبناء، التي تعد من أكثر المشكلات التي تعجّ بها المحاكم السعودية في إطار القضايا الأسرية.

دخلت قضية النفقة إلى أروقة اجتماعات "برنامج التحوّل الوطني" مؤخراً، لتكشف وزارة العدل عن "إنشاء صندوق للنفقة" ضمن مبادرات الوزارة في برنامج التحوّل، التي تهدف إلى تولي الصرف على المستحق للنفقة لحين الفصل في القضية المنظورة في المحكمة، أي عند وقوع الطلاق تأخذ المرأة صك الطلاق الذي حكم به القاضي وتتوجه لهذا الصندوق، ويصرف لها فوراً.

ويتولّى الصندوق الصرف على المستحق للنفقة لحين الفصل في القضية المنظورة من المحكمة في حالتين؛ وهما: إعانة المرأة وأولادها خلال فترة التقاضي في حالات الطلاق، وذلك لحين إصدار الحكم بالطلاق والبدء بتنفيذ حكم النفقة، أو في حال عدم تمكّن أي فرد (رجل أو امرأة) من إعالة نفسه، ولا يقوم أحد من أولاده بإعالته، وهنا يقوم الصندوق بصرف النفقة بقرار من القاضي إلى حين الفصل في القضية.

وقد تبنت وزارة العدل السعودية منذ العام 2012، هذا المشروع، إلا أنه بقي معلقاً بسبب آلية تنفيذ الأحكام الخاصة بتقرير النفقة التي تصدر من المحاكم والمستندة إلى التشريعات التي تلزم الأب بالنفقة، وهو ما يجعل ذلك أحد أسباب إحجام الآباء عن الإنفاق، بحسب ما يؤكده مختصون.

حلول جذرية في قلب المجتمع

تهدف الوزارة من خلال هذا الصندوق إلى تفعيل الدور المؤسسي الاجتماعي للوزارة، وإنشاء صندوق نفقة مستدام يسهم في تحسين جودة المعيشة وضمان العيش الكريم للمرأة، حيث إن عدم توفير الدعم المادي اللازم للأُم وأولادها خلال فترة التقاضي في حالات الطلاق سيؤثر في قدرة الأُم على تأمين لقمة العيش الكريم، وملجأ للعائلة، في حال عدم حصولها على الدعم اللازم من أهلها أو أفراد عائلتها.

ولن يعتمد الصندوق على الدعم الحكومي فقط، بل سيتعدّى ذلك إلى تفعيل الدور المجتمعي، وكذلك الجهات الخيرية، وسيعمل على إيجاد منافذ دعم مختلفة له في المستقبل؛ لضمان استدامته وخدمته لأكبر عدد ممكن من الحالات التي تستدعي الدعم، وهذه من أولى الأهداف التي أُنشئ من أجلها، بحسب ما نقلت صحيفة سبق.

الوزارة كشفت معطيات دراسة الجدوى التي أعدّتها لتقدير الأثر الاجتماعي للصندوق باعتماد وتطبيق معدل النمو لحالات الطلاق وقضايا النفقة التي بلغت خلال الأعوام الأربعة الأخيرة (51.835) قضية نفقة عن أعداد المستفيدين بناءً على هذه المعطيات للفترة (2016- 2020) بإجمالي (155.505) مستفيدين، وبلغت إيرادات الفترة ذاتها (732.523.000) ريال.

ويستهدف الصندوق مختلف فئات المجتمع التي قد يكون أحد أفرادها طرفاً في قضية نفقة تؤهله للاستفادة من الصندوق، شاملةً جميع سكان المملكة من السعوديين والمقيمين من الفئات المستهدفة، ولجميع فئات الأعمار من ضمنهم كبار وصغار السن.

الصندوق يعتمد على التمويل الذاتي، إذ يموّل نفسه إلى أقصى مدى ممكن، وذلك بعد إنشائه من قبل الوزارة وتوفير التمويل الأولي له، وهي الدفعة التأسيسية، حيث خطِّط لاستمرارية تمويل الصندوق من مصادر دخل مختلفة لدعم وضمان استدامة الصندوق وتمكينه من التصدِّي للأخطار المالية غير المخطط لها.

وتعمل الوزارة على إعداد دراسة استشارية أهم مخرجاتها تحديد مصادر التمويل، بحيث تضمن الاستمرارية ولا تعتمد على فرض رسوم على الخدمات.

الطلاق ينخر المجتمع السعودي

تعد ظاهرة الطلاق من أكبر المشكلات التي يعانيها المجتمع السعودي، وسط تحكم العادات والتقاليد المجتمعية فيه، وتتزايد يوماً بعد يوم وسط تحذير المؤسسات المجتمعية ونشاط الجمعيات المتخصصة في التوعية بالأمر.

ففي عام 2015، وفي الشهور الستة الأولى منه، بلغ عدد حالات الطلاق التي سُجلت 33954 حالة، في مقابل 11817 حالة زواج فقط. وللمرة الأولى تكون حالات الطلاق ثلاثة أضعاف الزواج في السعودية، بواقع 7.75 حالات طلاق في الساعة الواحدة، في مقابل 2.69 حالة زواج. وبلغت حالات الخلع في مختلف المناطق 434، وهي أرقام يؤكد باحثون اجتماعيون أنها تنبئ بخطر اجتماعي كبير.

وزادت حالات الطلاق بمعدل أكثر من 8371 حالة عن نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت حالات الخُلع بنسبة كبيرة جداً.

ويرى مختصون أن من أبرز أسباب ارتفاع نسب الطلاق في السعودية فارق العمر، في ظل انتشار زواج القاصرات، إضافة إلى مشكلة عدم التوافق الاقتصادي، إضافة إلى الاختلاف بمستوى الثقافة والاطلاع.

عدد من أعضاء مجلس الشورى السعودي من السيدات قدمن، في جلسة للشورى في سبتمبر/أيلول 2015، تسعة تعديلات على نظام الأحوال المدنية، وحدد أصحاب المقترح عدداً من الأهداف، من ذلك: ترسيخ مبدأ تأكيد وحماية الحقوق، وتعزيز مواطنة المرأة السعودية بعدم التفريق بينها وبين الرجل، وخصوصاً حق حصولها على الوثائق الوطنية.

ويعد إنشاء صندوق للنفقة، ضمن "برنامج التحوّل الوطني"، أحد أبرز الخطوات الإيجابية في صراع المرأة السعودية مع المجتمع.

الخليج اونلاين-