مجتمع » شؤون المرأة

المرأة بين العمل والبيت

في 2016/07/04

يقف الشعور بالذنب وراء عدم تقدم كثير من النساء في المجال المهني، ويحلو لبعض لرجال في حياة المرأة الضرب على هذا الوتر الحساس لإبقاء المرأة قابعة أسفل السلم الوظيفي طوال حياتها، زوجاً كان أم رئيساً مباشراً – وكل له أسبابه – وفي أحيان كثيرة تكون المرأة هي التي تؤجج في نفسها وفي غيرها من النساء هذا الإحساس بالذنب، الناتج عن سعيها للعمل خارج المنزل والتفوق المهني، فتجد الكثير منهن يرفضن أي فرصة للتأهيل والتدريب التي من الممكن أن تساهم في تفوقهن المهني، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك فترفض المسؤولية التي تقنع نفسها بأنها ستستهلك طاقتها ووقتها على حساب اهتمامها ببيتها وأسرتها، فترضى بالبقاء مكانك سر سنوات طويلة، مستسلمة استسلاما تاما لهذه الحيل التي تبقيها حيث هي، وذلك تضييع لاستثمار مكلف ومجهد في تعليمها وتدريبها.
رغم أن كثير من الدراسات تشير إلى أن المرأة اليوم تقضي أضعاف الوقت الذي كانت تقضيه مثيلاتها من الأجيال السابقة مع أطفالها، اللائي كن يقضين أوقاتا أكثر في رعاية المنزل وتوفير الغذاء للأسرة عن طريق الزراعة وتربية الحيوانات، الأمر الذي لا يترك لهن مجالا لقضاء وقت مع أبنائهن الذين هم أنفسهم كانوا يقضون أضعاف الوقت الذي يقضيه أقرانهم اليوم في المدرسة، لاهين في الحقول وعلى الشواطئ بالنسبة لسكان السواحل، بين لعب ولهو ومساعدة أسرهم في توفير لقمة العيش.
وفقا لدراسة قامت بها جامعة كاليفورنيا وجدت أن النساء في الولايات المتحدة كن يقضين في المتوسط اثنتي عشرة ساعة أسبوعيا مع أطفالهن في عام 1995 للميلاد، في عام 2007 للميلاد زادت هذه المدة لتصل إلى 21 ساعة بالنسبة للأمهات ذوات المؤهلات الجامعية و16 ساعة بالنسبة للنساء الأقل تعليماً، وكذلك الوقت الذي يقضيه الآباء مع أطفالهم أيضا تضاعف خلال المدة ذاتها.
نعيش في هذا الجزء من العالم كنساء أفضل فترة في حياة المرأة العمانية على الإطلاق، ونتميز بساعات عمل قصيرة نسبيا مقارنة بغيرنا، تؤهلنا لعمل هذا التوازن بين البيت والعمل، خاصة في ظل أسر ممتدة متماسكة، وتبقى العبرة ليس في طول المدة التي يقضيها الوالدين مع أطفالهم، بالتالي الشعور بالذنب أجده غير مبرر، فالمرأة العاملة اليوم توفر لأطفالها حياة أفضل بكثير من تلك التي تتوفر لأطفال غير العاملات، إذ أن العمل يصقل شخصية المرأة ويمدها بمهارات وقدرات قد لا تتيحها وظيفة ربة المنزل، وتنقل المرأة هذه القدرات والمهارات لأطفالها من خلال التربية بالقدوة، فيشب أطفالها طموحين معتدين بأنفسهم ذوي شخصيات قوية واثقة من نفسها، والنجاح المهني أراه شخصيا ثمرة سنوات طويلة من الكفاح سواء في التحصيل العلمي أو العمل، والشعور بالذنب ليس حكرا على النساء وحدهن طبعا إلا أن النساء يملن على تغليب هذا الشعور أكثر من الرجل لقناعة البعض بأن دورها هو داخل جدران المنزل، وهو دور فرض على المرأة العمانية بالذات في العقود الخمسة الماضية للمفارقة العجيبة، في حين كانت المرأة العمانية على مر العصور عنصرا فاعلا في جميع المجالات.

حمدة بنت سعيد الشامسية- عمان اليوم-