ممّا لاشك فيه أنّ إقرار مجلس الشورى تعديل مدة صلاحية جواز السفر لتكون 10 سنوات بدلاً من 5 لمن أتم العشرين عاماً، في غاية الأهمية، ويُشكر عليه، ولكن هناك أمر أهم منه يتعلق بحقوق الإنسان؛ إذ كنتُ أنتظر أن يُقِّر حق المرأة التي أتمت سن العشرين عامًا في استصدار جواز سفرها وتجديده دون اشتراط موافقة ولي أمرها، مثلها مثل شقيقها الرجل، وممّا لفت نظري أنّ لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى تدرس الآن مقترحًا يقضي بمنح المرأة السعودية التي تمتلك وثيقة هوية وطنية خاصة بها حق استخراج جواز سفر دون الرجوع لولي أمرها من الرجال،ولست أدري ما علاقة منح المرأة هذا الحق بلجنة الشؤون الأمنية ؟
كنتُ انتظر أنّ المقترح يُدرس من قبل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، وليس اللجنة الأمنية ،إنّ مثل هذا الإجراء أرى فيه دلالة على عدم الثقة بالمرأة السعودية ، ولا أدري إلى متى سيستمر سوء الظن بالمرأة ؟
كم هو صعب على المرأة البالغة الرشيدة أن تُطالب بموافقة ولي أمرها باستصدار جواز سفرها. أو تجديده، أيّا كان سنها، وأيّا كان هذا الولي حتى لو كان ابنها، أو حفيدها، وأيًا كان سنه، المهم أن يكون ذكرًا لتكون الأنثى تحت وصايته، مع أنّ المرأة كاملة الأهلية مثلها مثل الرجل تمامًا، وليست قاصراً على الدوام حتى توضع تحت الوصاية من الميلاد إلى الممات، وأن يعتبر قرار منحها حق إصدار جواز سفرها بدون موافقة ولي أمرها مسألة متعلقة بلجنة الشؤون الأمنية مع أنّنا تعودنا أنّ قضايا المرأة وثيقة الصلة بالأمور الشرعية والفقهية !!
فما من موضوع يتعلق بالمرأة، إلّا ويتم التطرّق إلى الضوابط الشرعية، وهذا يجرّنا إلى التطرق إلى مسائل فقهية، فمثلًا : اشتراط موافقة ولي المرأة البالغة الرشيدة على استصدار جواز سفرها، أو تجديده أدخله النظام في إطار شرعي لفرض الوصاية الذكورية على المرأة من الميلاد إلى الممات، مع أنّ المرأة شرعًا كاملة الأهلية مثلها مثل شقيقها الرجل بدليل أنّه يُطبّق عليها القصاص ونفس الحدود والعقوبات والتعزيرات التي تُطبّق على الرجل، بل تكون في بعض الأحيان أشد عليها، فكيف تُعامل معاملة كاملي الأهلية في العقوبات، وناقصة الأهلية فيما عدا ذلك، باشتراط الولي؟
فالولاية لا تكون إلّا على القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد، فلماذا تُرفع عن الذكور عند بلوغهم سن الرشد، وتظل قائمة على الإناث إلى مماتهن، مع تحملهن العقوبات، ولا يتحمّلها عنهنّ أولياؤهن؟
أرجو من أعضاء مجلس الشورى أن يثقوا بالسعوديات فمنهن أمهاتهم اللاتي ربيّنهم، وأن يُحوّل المقترح للجنة حقوق الإنسان، وأن يقر المجلس منح المرأة السعودية حق إصدار جواز سفرها بدون موافقة ولي الأمر متى أتمت سن العشرين مثلها مثل شقيقها الرجل.
سهيلة زين العابدين حماد- المدينة السعودية-