وردتني رسالة من السيدة نوف تعتب عليَّ بعدم الكتابة حول الولاية المطلقة تقول فيها (أرسل إليك وكلي أمل بتجاوبك بالكتابة عن معاناتي والكثير من بنات هذا الوطن اللواتي يكابدن ومازلن مع الأسف الشديد من هضم حقوقهن! حتى أصبحت الواحدة تأسى على كونها أنثى برغم أنها إنسان عاقل غير قاصر، يفترض أن لها كامل الحقوق الشرعية والوطنية فلا تُظلم لسبب أنها ولدت أنثى! تحت ذريعة الولاية المطلقة المرتبطة بمفهوم السيطرة والاستبداد لأن في ذلك إهانة بالغة وتعطيل لشؤونها!).
وتتساءل نوف: (أليس في نظام الولاية المجحف تشويه لهذا الدين العظيم؟ أليس في ذلك إغلاق وتعسير على المسلمات؟ أليست معاناة المرأة وربطها بالولي لاستخراج وثيقة رسمية لتسهيل معاملاتها عار علينا وبلدنا مهبط الوحي؟!
إن المرأة في جميع الدول العربية تتمتع بكامل حقوقها بل حتى في الدول الإسلامية مثل ماليزيا وتركيا تنال حقوقها المدنية بيسر وسهولة. ألا يجدر ببلادنا أن تكون سباقة لمنح المرأة حقها دون إذلال من ولي قد يكون مبتزاً أو ظالماً أو حاقداً؟ ألا يقلل ذلك من كرامة المرأة لاسيما الأم وحقها في تقرير المصير حين يكون ولي أمرها ابنها؟!).
وأقول لنوف: أدرك تماماً حرقتك وألمك وامتعاضك، وإنه من المحزن أن تتحول الولاية المطلقة لمعول وسلاح يستخدمه الولي الجائر ضد المرأة على العموم؛ حتى تحولت الولاية المطلقة لشكل من أشكال العنف والبطش والاستبداد والابتزاز!
إن القوامة والولاية التي ذكرها الله بالقرآن ليست على إطلاقهما بل مشروطة بنظام إلهي دقيق يتطلب العدالة والرحمة والمودة، ولكن سوء الفهم لدى كثير من المسلمين لمعناهما ووظيفتهما الشرعية شوَّه الصورة وغيَّر من المفهوم، فهما تكليف للرجل، وتشريف للمرأة التي كانت تعد في الجاهلية من الممتلكات الخاصة للرجل فجاء الإسلام لكي يرفع من مكانتها ويجعل الرجل قائماً عليها وعلى خدمتها وليس إذلالها!
وكيلا نغضب من انتقادات منظمات وهيئات حقوق الإنسان وننكرها ونصفها بالاستهداف، ولا تجرحنا تهكمات البلدان المتقدمة على وضع المرأة السعودية؛ فمن الضروري أن نعترف بقصور الأنظمة عن مواكبة التقدم الحضاري والسعي حثيثاً لمنح المرأة حقها المدني. وليس من فائدة في المناشدة والكتابة ما لم تسندها وتدعمها إرادة سياسية تمضي قدماً بالقرار لتنال المرأة حقها الكامل في المواطنة وتستمتع بها!
رقية سليمان الهويريني- الجزيرة السعودية-