رأيتُ في المنام كأنّه سُمِحَ للمرأة لدينا بسياقة السيّارة، وكنْتُ قبل ذلك مؤيداً لسياقتها، أمّا بعده فأصبحْتُ معارضاً، فما الذي رأيته وقلب موقفي بزاوية ١٨٠ درجة هكذا؟.
رأيتُ مواطناً خمسينياً على شفا التقاعد، وقد وهن عظمُه، واشتعل رأسه شيْبا، وحُدِّد دخلُه بما لا يكفيه، ولديه زوجة وابنتان، وكلٌ منهنّ تريد سيّارة مستقلّة، وأقلّ سعر لسيارة مناسبة هو ٨٠ ألف ريال، يعني ربع مليون ريال للثلاثة، وهذا «بالكاش» أمّا بالإيجار المنتهي بالتمليك فأضِف نسبة «مُربربة»، ولا حلّ سوى أن يقترض ليقضي بقية عمره وجزء من حياته البرزخية بعد موته في التسديد!.
ورأيت المواطن وقد اشترى السيّارات الثلاث، وكان لديه قبلها سيّارة واحدة ويتضارب يومياً مع الجيران على مواقف السيّارات القليلة والعشوائية في الشارع غير المُخطّط جيداً، وعندما صار لديه ٤ سيّارات افتتحت الشرطة فرعاً بشارعه لفضّ الاشتباكات اللفظية واليدوية بين الجيران!.
ورأيتُ المواطن وهو يُرحّل سائقه لبلده لعدم الحاجة إليه وتوفيراً لراتبه، ثمّ يقضي بنفسه كلّ مشاوير احتياجات البيت لأنّ المرأة تسوق لمشاويرها الخاصة فقط، وهو الرجل المسؤول، وهكذا تحوّل لسائق عجوز ووقور في آخر عمره!.
ورأيتُ المواطن يتأمّل ازدحام الطرقات قبل السماح للمرأة بالسياقة وهو يخفّ حيناً ويزداد أحايين، أمّا بعدها ومع تكاثر السيارات الأسطوري بسبب سياقة المرأة فلذوي الألباب فقط تخيّل عاقبة الأمور!.
ورأيت المواطن وهو يتحسّر على شهامة «رجال الماضي» الذين مشوا في الأرض هوْناً، ونظروا النظرة الأولى فقط للمرأة الأجنبية عنهم خارج بيتها، ويتأسّف إذا صارت «تسعطعشر» نظرة إليها وهي تسوق سيّارتها من «ذكور الحاضر»!.
أفقْتُ من نومي، وسألتُ أهلي: هل سُمِحَ للمرأة بسياقة السيّارة؟ قالوا: لا، قلت: الحمد لله، إنها نعمة عظيمة!.
طلال القشقري- المدينة السعودية-