يكاد يكون «تويتر» ذلك الموقع الشهير أقصر وأقوى الطُرق لإيصال الرسائل التي يُريد مجموعة من الناس إيصالها إلى فئات مُختلفة في المجتمع، سواء على مستوى المسؤول أو حتى مستويات أقل أو أرفع من ذلك، ويعتبر المُتنفس النافذ والواصل، والمؤثر في نفس الوقت لعديد من الجماعات أو الأفكار والأيديولوجيات والنقاشات الحادة منها والخفيفة، وهو مساحة للتعبير عن الآراء، وفيها الصالح ومنها الطالح ومنها ما هو مقبول، وغيرها لا يقبله المُجتمع، وتجد هناك تيارات واختلافات ولكنها تظل في محيط (الإنترنت) ورُبما كانت حالات ـ رُبما كانت قليلة ـ تتعدى مُحيط الدائرة الصغيرة لتكبر ككرة الثلج لتكون مُنعطفاً آخر في مسيرة المُجتمعات أو الأُمم، ومن هُنا جاء تويتر ليُؤثر على عديد من القضايا، وأصبح هُناك مكاتب استشارية واستطلاعات للرأي تأخذ من تويتر معلوماتها وإحصاءاتها وترسم خططها المُستقبلية على ما يتم طرحه من الأفراد أو الجماعات في هذا الموقع الشهير..!
بالأمس جاءتنا «هاشتاقات» عديدة تطالب بعديد من المطالب، وأهمها بعد قيادة المرأة السيارة مُطالبات برفع الولاية عن المرأة، وأصبح جدلاً واسعاً لعديد من الأفراد، ودخل في النقاش دُعاة ومشايخ وعلماء نفس واختصاصيون وأفراد عاديون، وكُلٌ أدلى بدلوه، وقرأنا تغريدات لفتاوى من مُختصين وغيرهم، وكُل يُدلي برأيه ويأتي بالأحاديث والآيات القرآنية، منها ما يصُب في صالح الموضوع، ومنها ما هو بعيد كُل البُعد عن صُلب الموضوع ومحتواه، ولكنه عالم الافتراضات وعالم افتراضي ومجتمع افتراضي يحاول البعض جاهداً أن يُرسّخه على الواقع، طالبت عديد من النساء برفع الولاية أو الحصانة عنهن كونهن مُحصنات مُثقفات وصلن مرحلة عمرية لا يتحتم على صبي بعمر الزهور أن يكون ولياً عليها وعلى تصرفاتها، واحتدم النقاش وطالت بعضهن الاتهامات بالخروج عن الملّة وعن تعاليم الشرع، ودافع البعض عنهن وعن مطالبهن وأنه حق من حقوقها، فهل نحن بحاجة ماسة إلى طرح قضايانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإيصال مطالبنا عبر «السوشال ميديا» أم إننا بحاجة إلى قنوات أُخرى كفيلة بالخطاب المُعتدل الواعي والمُدرك لمُتطلبات المُجتمع وأفراده نساءً كُن أم رجالاً..؟
هل ما يُطالبن به حق من حقوقهن وكفله لهن الشرع أم إنهن يُطالبن بأمر خارج المألوف..؟ هنا السؤال المتحتم على هيئة كبار العلماء أن تبت في الموضوع وتشارك ولا تترك الحبل على الغارب يتجاذب الحديث فيه من ليس مؤهلا للفتوى وتأخذه الحماسيات ليدلي بدلوه ويفتي من رأسه ويصول ويجول في أُمور ليست من اختصاصه؟؟
هل نحن بحاجة إلى قرار من الجهات العليا لإثبات أو نفي ذلك المطلب وإيضاح الصورة الحقيقية ووضع الأنظمة والقوانين التي تجعل من الولاية محددة المعالم والأُطر، وكيفية التعامل مع المرأة في شؤونها ومتى يحق لها رفع الولاية ومتى تظل تحت الولاية.. وهل المرأة قاصرة طوال عمرها لا تستطيع رفع الظلم عنها أو حماية نفسها؟ هل هي بحاجة إلى استمرار الولي لتكون إنساناً كاملاً..؟
متى هو العمر الحقيقي؟ وما هي المعايير التي يحق للمرأة أن تكون مُستقلة استقلالاً كاملاً في شؤون حياتها وتستطيع السفر دون محرم وتكمل دراستها وتحصل على كامل حقوقها دون وصاية من الرجل الذي رُبما كان ابنها الذي يصغرها بعشرات السنين..؟!
أسئلة تجول في الخاطر من جراء هذا الطحن والعجن وهذه المواضيع التي تهم المرأة وحياتها، ومتى نظل مجتمعاً يدور في قضاياه حول المرأة؟ متى نخرج من عنق الزجاجة لنلحق بركب الحضارات ونسعى إلى تطوير المجتمع وأفراده ونجعل منهم أفراداً مُنتجين عاملين نافعين لدينهم ووطنهم؟.. إلى متى تظل بعض القضايا عالقة لا حلّ لها ولا وجود في الأُفق لجزء من حلول؟.. متى يفيق مُجتمعنا أن هُناك عديداً من الدول سبقتنا ولحقت بركب الحضارات والتنمية ونحن نقبع في نقاشات لا جدوى منها ولا نفع..؟
الوطن بحاجة إلينا جميعا، والمرأة مُكملة للرجل في شؤون حياته، ووصلت مراحل مُتقدمة من العلم والمعرفة قادرة على المُشاركة الفعلية، وصناعة التنمية، فنحن نعيش مرحلة التغييرات الاجتماعية، ونصت رؤيتنا 2030 على عديد من الأطروحات التي تقفز بمجتمعنا إلى مصاف الدول الكُبرى، ونحن مُقبلون على تغييرات حاسمة.. فهل نعي ونُدرك معنى تطوير المجتمع وأفراده..؟!
صالح المسلّم- الشرق السعودية-