قبل الكتابة عن الرياضة النسائية، دعونا نعرف كيف تاهت رعاية الشباب/ هيئة الرياضة ولم تستطع العودة، رغم المحاولات المتأخرة. لعل ذلك يفيد رياضة المرأة.
رعاية الشباب التي خرجت من رحم الشؤون الإجتماعية يفترض أن أمتدت أهدافها للعمل الشبابي بمختلف جوانبه، لكن ماحدث هو انشغالها بالرياضة التنافسية، وبالذات كرة القدم. هذا التوجه قضى على رعاية الشباب بمفهومها العام وعلى الرياضة بمفهومها المجتمعي. وحتى بعد إستقلال إتحاد القدم لازالت أيادي هيئة الرياضة تتدخل وتنشغل بقضية كرة القدم والمنتخب والإتحاد. ينطبق الأمر على بقية الاتحادات واللجنة الأولمبية، التي لازالت تحت سلطة رئيس الهيئة العامة للرياضة رغم افتراض استقلاليتها!
الفكرة هي أنه حدث انحراف كبير في مهام رعاية الشباب ووريثتها هيئة الرياضة من رعاية الشباب وتنمية الرياضة كممارسة مجتمعية إلى العناية بالمنافسات الرياضية فقط، وترك الرياضة المجتمعية ورعاية الشباب للحارة والشارع بشكل رئيس، وبعض مساهمات للمدارس والجامعات.
نصيحتي لوكيلة رئيس هيئة الرياضة، وهي المنوط بها الإسهام في بناء اللبنة الاولى لرياضة المرأة في بلادنا، أن لا تخطو نفس الخطوات فتذهب خلف الضوء الإعلامي الذي تجلبه أضواء المنافسات الرياضية الدولية والمحلية، على حساب الرياضة المجتمعية ورعاية الفتيات على كافة المستويات الشبابية والرياضية.
هناك حاجة إلى تنمية ثقافة مجتمعية وتهيأة بنية تحتية لرياضة المرأة كرياضة ترويحية واجتماعية وصحية قبل أن نقفز لمشاركتها في مسابقة دولية أو أخرى. حتماً ستأتي المشاركات كنتاج طبيعي لتطور البنية التحتية الرياضية عن طريق الاتحادات الأهلية ذات العلاقة. نعم؛ يجب أن تقتنع هيئة الرياضة بأن تلك ليست مهمتها!
نحتاج دعم وتشجيع رياضة المرأة في المدارس وفي الأحياء وفي النوادي الخاصة - يوجد مراكز خاصة غير كافية وغير منظمة. نحتاج المسارعة لتأسيس برنامج للعلوم الرياضة للبنات، سواء كفرع نسائي لأحد كليات التربية الرياضية أو كلية مستقلة، إضافة للابتعاث لهذه التخصصات لأن الرياضة لاتقوم دون توفر كوادر مؤهلة تديرها. لتجاوز البيروقراطية، يمكن دعم الكليات الخاصة لتقديم تلك البرامج مقابل تقديم الهيئة منح للطالبات بها. إضافة إلى إيجاد برامج رياضية تأهيلية قصيرة (دبلومات) لخريجات بعض التخصصات ذات العلاقة؛ اللياقة، الإصابات، التغذية، الإدارة وغيرها.
هناك حاجة لتوفير الدعم الاجتماعي والتشريعي وهذه مسؤولية الجهات المعنية حماية هذا التوجة وتوفير التشريعات ذات العلاقة. على افتراض أن تعيين وكيلة لرئيس الرياضة أتى عن قناعة تامة وليس مجرد تظاهرة شكلية!
أخيراً؛ القناعة والثقة يجب أن تبدأ من رأس الهرم الرياضي. وسأكون صريحاً بالقول أنه لم يرق لي تواجد وكيلة رئيس هيئة الرياضة في البرازيل و في نفس الوقت تجنبها الظهور الإعلامي جنباً إلى جنب مع السعوديات المشاركات في الأولمبياد... صورة واحدة كانت ستعني الكثير!
د. محمد عبدالله الخازم- الجزيرة السعودية-