لم أستغرب معارضة 21 عضو شورى وامتناع 19 عضواً عن التصويت على توصية تخص «توعية المرأة بحقوقها»، فلم يَعُد هناك ما يدعو للغرابة في مجتمع عاش الأدلجة الفكرية باحتقار المرأة أكثر من ثلاثة عقود!
وبعض المعترضين يرون عدم الاقتصار على توعية المرأة فقط وإنما توعية المجتمع ككل، وهو منطق لا يخلو من (تقية) ولكنه يحمل عدم اعتراف ضمني بمكانة المرأة، كونها تمثل نصف المجتمع وتقوم على تربية النصف الآخر! وكنت أتمنى التصويت على التوصية من باب التحضُّر فحسب! وأننا مجتمع مدني، برغم أنّ التوصية - واقعاً - لا تعني شيئاً طالما اعتمد المجلس في جلساته المريحة على آراء غير ملزمة!
وإني لأتطلّع لقيام جهة حكومية بتوعية المجتمع كلياً، بحقوقه وبدوره وواجباته، فما ينقصنا سوى التوعية حتى نرتقي للحضارة المطلوبة. ولكني أخص توعية المرأة بحقوقها لأنّ إدراكها بما لها من حقوق وما عليها من واجبات، يقلل من القضايا المطروحة على مكاتب القضاة ومراكز الشرطة، وما وقوع المرأة في مشاكل اجتماعية إلا لأنها لا تعرف حقوقها وما المطلوب منها! فهي ببساطة جاهلة، والجاهل مسكين وقد يتعرض للاستغفال والاستغلال والنصب والغدر! والقانون لا يحميها حين تقع فريسة لهذه الأمور بل يحاسبها حساباً عسيراً!
والمرأة السعودية للأسف قد تتعرض لاستغلال الرجل اللئيم أو الفاسد حين يقنعها أنها ملك خاص له فيصادر مالها وكرامتها! وإن كانت زوجته قد يطلقها ويأخذ أبناءها برغم حقها في حضانتهم، وكم امرأة اقترضت باسمها لصالح زوجها ثم تركها تسدد القروض دون أن تميز أنه ليس من حقه قانوناً ولا شرعاً أن يفعل ذلك! لأنها تجهل أن العلاقة الزوجية هي شراكة وتكامل وليست ملكية مُطْلقة يأمرها فتطيع تحت مفاهيم مغلوطة، أقحم فيها الشرع بأحاديث موضوعة وضعيفة تخدم الرجل لتكون الزوجة تحت سيطرته! حتى تحوّلت المرأة السعودية لكومة من الهموم والقلق ودخلت في دائرة الأمراض النفسية بسبب عدم فهمها لحقوقها ابنة كانت أو أختاً أو زوجة، ولا تدرك أيضاً أنها حين تعرف حقوقها ستكون أسعد؛ حيث لا تشعر بالاضطهاد وقلة الحيلة!
رقية سليمان الهويريني- الجزيرة السعودية-