رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قالت أن السعودية أنقذت مئات الأرواح من الأبرياء عبر المعلومات الأمنية التي زودت بها بريطانيا، وهذا الإقرار بالجميل يأتي امتداداً لنجاحات سعودية شهدها العالم في مكافحة الإرهاب.
نجاح السعودية في إحباط الكثير من العمليات الإرهابية في الداخل، والخارج جعلها من مصادر المعلومات المهمة في هذا المجال، ورجال الأمن فيها حققوا انتصارات بطولية على الإرهابيين معظمها استباقي، وهي نجحت أيضاً في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال عبر رقابة مالية صارمة وأنظمة دقيقة جففت إن لم تكن أنهت معظم مصادر التمويل من الداخل، ومن أعدائها في الخارج.
واليوم يتواصل هذا النجاح وإن بوتيرة أبطأ، ونتائج أقل، في مكافحة الفكر الذي يقود الى الإرهاب، أو الفكر الضال، أو التشدد المتنطع الذي يحارب كل شيء بما فيه الحكومات والناس لأسباب واهية.
وفي سياق التشدد، وقع حادث غريب ليس إرهابياً بالضرورة لكنه أرهب فتاة أو مجموعة من الفتيات كما نقلت وسائل التواصل الاجتماعي، حيث صادرت مديرة إحدى مدارس البنات في السعودية عباءة طالبة، وربما غيرها، ولم يتم رصدها، ليخرجن من دونها بسبب عدم تطبيقهن النظام الذي يقضي بأن تكون العباءة على الرأس وليس على الكتف.
عندما ينشر هذا المقال ربما تكون نتيجة التحقيق الذي أعلنت وزارة التعليم أنها ستجريه قد ظهرت، وأتوقع عقوبة تنصف الطالبات والمجتمع من مثل هذه التصرفات التي في ظاهرها تطبيق صارم للنظام، لكنه تطبيق أفضى الى فوضى نفسية لن تكون خلاقة أبداً لبضع فتيات يكفيهن من الحادث الحياء والإحراج اللذان تعرضن لهما، والضغوط المستقبلية التي ستكون عليهن جراء انتشار خبر الحادث على نطاق واسع.
«التربية والتعليم» لا تكون هكذا، ووصول مثل هذه المديرة الى منصبها هو بحد ذاته مشكلة حقيقية.
شخصياً لا أمانع أن تفرض الوزارة على البنين والبنات إجراءات تتعلق بالزي، وهذا أمر مفهوم ومطبق في كل الدنيا، لكن لو أن طالبة خالفت النظام في أي دولة لن يكون عقابها بكشف سترها وإحراجها على الملأ.
عائلات الطالبات أيضاً شريكة في مسؤولية تعرضهن لهذا الترهيب، فهي تعرف النظام الخاص بزي الطالبات وكان عليها عدم السماح بارتداء عباءات مخالفة.
أما قضية العباءة نفسها وأشكالها فهذه قصة طويلة يتطرف فيها الجانبان، المتشددون والمتساهلون، والأخيرون يكادون يفرغون العباءة من معاني الحشمة والستر بجعلها تشبه الفساتين أحياناً. تربية الطالبات وتعليمهن يكونان بالاهتمام بما في رؤوسهن، وليس بما على رؤوسهن.
محمد اليامي - الحياة السعودية-