في حال حضور المرأة في المشهد العام أو الخاص تحضر ضوابط المنع والتحريم ويتم إغلاق مسامات التسامح والمباح، ومع الوقت وتعاقب الأجيال ودخول المرأة السعودية بقوة في المشهد العام أضافوا له اليوم تقييم تجربتها في ممارساتها العملية بشكل عام وخاصة تجربتها في الشورى وتجربتها في المجالس البلدية..؟
الدين نعمة من الله أنعم بها على الإنسان عموما دون تمييز بين الرجل والمرأة، بل ساوى بينهما بالحدود والعبادات..، إشكالية بعضنا أنه مع الحماس في رغبة إقصاء المرأة يتلبسه العرف الاجتماعي بكل مكوناته المتشددة ويلتف حول عنقه وعقله وفكره ويتحكم في لسانه فيتفوه بما يريد هو شخصيا وفق مكونه الفكري الخاص وضمن مكونه النفسي واتجاهاته نحو المرأة وربما بما لا يتفق مع ثوابت الدين، فللعرف سلطان طاغ في حضور المرأة في مجتمعنا.
المؤكد أنني لست ضد تقييم تجارب المرأة العملية في أي قطاع ولكن أيضا المؤكد أن المنطق لا يقبل فصل تجربة المرأة عن الرجل في القطاعات ذات القواسم المشتركة فما بالك حين يكون العمل منظومة واحدة.
تجربة المرأة في الشورى هي جزء من تجربة الرجل، بل الجميل في الأمر الملكي أنه أكد كامل عضويتها، مما يعني معه أن ممارسة العمل البرلماني للمرأة لم تكن منفصلة بأي شكل عن الرجل ومنتج الشورى من القرارات هو عمل مشترك بقوته وضعفه.
وهو لا يختلف عن محاولة البحث في نجاح المرأة في الطب والتعليم وكأن الرجل مسلّم بنجاحه وتميزه في هذا القطاع والمرأة لا بد أن تستمر في حالة مخاضات التجربة والحاجة للتقييم..؟
لو أن البعض بحث عن المعوقات الخاصة بالمرأة مثل سهولة التنقل أو موافقة ولي الأمر لبعض متطلبات عملها أو معاناتها من صراع الأدوار بين مسؤولياتها الأسرية في حال تعيينها في منطقة بعيدة عن أسرتها لقبلنا الموضوع بل يمكن اعتباره بدايات الحل، ولو أن بعضنا طالب بمعرفة معوقات النشاط التجاري للمرأة السعودي أيضا لاعتبرناه أمرا منطقيا لأن هناك محيطا تنظيميا واجتماعيا وثقافيا يمثل في بعضه تحديا للمرأة ويتطلب جهدا مضاعفا منها وربما قوة خاصة لمواجهته.
ولكن تقييم تجربتها في الشورى بالذات يمثل موقفا غير موضوعي بل ويمثل حالة من خصوصية الموقف تجاه المرأة ودخولها المشهد العام، فالنظام في مجلس الشورى كما نعلم لا يملك الإلزام بما يتم رفعه من توصيات أو أنظمة وتشريعات.
وبعيدا عن تعاطفي مع أي تجربة نسائية أقول إن محاولة فصل تجربة النساء في الشورى، ليست عادلة، بل هي خضوع لفكرة أن للمرأة خصوصية بالمطلق، سواء كان صاحب الرأي أو الموقف معها أو ضدها، فلست مع التمييز حتى الإيجابي لأن تعاملنا مع المرأة الآن لا بد أن يكون وفق استحقاقاتها التي وصلت لها بدعم من صانع القرار السياسي، وبحديتها وصلابتها واستمرارية تطوير قدراتها.
هيا عبدالعزيز المنيع- الرياض السعودية-