حين قالت لي صديقتي «المرأة انعكاس للرجل» نظرت إليها باستغراب شديد وقلت «وكيف ذلك؟»، قالت بهدوء: لاحظي النساء حولنا وستدركين من فورك أن ما أقوله صحيح. فكثير من تصرفات النساء انعكاس لمعاملة الرجال في حياتهن لهن. فالله خلق المرأة بصفات وطبيعة مختلفة عن الرجل لهدف ما وليس عبثا. وقد كانت آخر وصية الرسول الكريم استوصوا بالنساء خيرا، لأنه كان يعلم أن الكثيرين لن يدركوا أصول التعامل معهن.
وقد قرأت كثيرا وقارنت تصرفات النساء عبر عدة أزمنة وأمكنة فوجدتها متشابهة. فعلاقة الرجل والمرأة تمثلها النظرية الفيزيائية التي تقول إن لكل فعل ردة فعل متناسبة معه، حيث يمثل الرجل (الفعل)، وتمثل المرأة (ردة الفعل)، فإن كان الرجل جميل الفعل والطبع والخصال فإن ذلك ينعكس في تعاملها معه والعكس صحيح.
لطالما تساءلت عن سر خلق الرجال والنساء بمثل هذا الاختلاف، التباين وما يبدو أحيانا أنه التضاد. ألم يكن من الأسهل أن نكون متشابهين في الفكر والطبيعة النفسية حتى يسهل علينا التفاهم والتعايش؟
ولكن إعادة قراءة للآية الكريمة «وليس الذكر كالأنثى» وتفسيرها عزز لدي ذلك الإدراك بأن حكمة خلقنا بمثل هذا الاختلاف تكمن في معادلة دقيقة بمكونات معينة تهدف لتحقيق التكامل، وأن ما يحصل في حياتنا هو إخلال في مكونات القيادة الحكيمة، العطاء، والاهتمام من قبل الرجل.
يقابله إخلال في مكونات الحنان، الدفء، والرعاية من قبل المرأة، والذي نتج عنه معادلة خالية من الحب والإشباع العاطفي للطرفين. ولعقود طويلة قامت الموروثات الاجتماعية بإلقاء حمل نجاح الحياة الزوجية ومدى إشباعها للطرفين على كاهل الزوجة، بحجة أنها بعاطفتها وصبرها قادرة على فعل المعجزات، ولكن البحث والدراسة العلمية والشرعية أثبتت أن الحقيقة هي العكس تماما، فقوامة الرجل تشمل في بنودها الاحتواء الإنساني، الحكمة، والذكاء العاطفي، والذي من المفترض أن يبدأ مع الزوجة، ومن ثم يستمر ليشمل العائلة كلها.
كلمة المرأة والمرآة مشتقتان من بعضهما، لذا أيها الرجل المرأة مرآتك التي سترى انعكاسك الحقيقي فيها. هي مرآتك التي تعكس مهاراتك وفنونك في التعامل، فتجدها سهلة ولينة الجانب. هي مرآتك التي تعكس ذكاءك وعطاءك العاطفي فتجدها حنونة وحبيبة ومحتوية. هي مرآتك التي تعكس كرمك وإغداقك فتجدها متفانية وحريصة عليك أشد من حرصها على نفسها. هي مرآتك التي تعكس احتواءك ودعمك فتجدها مساندة ومشجعة في كل وقت وتحت أي ظرف. هي مرآتك التي تعكس رجولتك، شهامتك وحمايتك فتجدها حبيبة جميلة تتضوع أنوثة ودفئا. هي مرآتك التي تعكس حبك واهتمامك فتجدها بيتا وعائلة، وسكنا ومتعة هي جنة الله في الأرض. نعم هي مرآتك التي تعكس من أنت وكيف تكون، فكن أنت لها كما تريد لها أن تكون.
هبة زهير قاضي- مكة السعودية-