كلما مكنت الدولة -أي دولة- المرأة في مفاصل العمل الحكومي، حقق ذلك توازنا في الحراك التنموي واستثمار الطاقات البشرية المؤهلة.
من تعليم المرأة السعودية إلى تعيين مديرة لجامعة الأميرة نورة وتعيين ثلاثين سيدة في مجلس الشورى، ثم تبع ذلك فتح باب العمل للمرأة في القطاع الخاص وبقوة القرار السياسي تجاوز عدد من تم توظيفهن في القطاع الخاص خلال عامين عدد العاملات فيه خلال أكثر من عشرين عاما.. كان ومازال القرار السياسي السعودي أكبر داعم للمرأة السعودية في تعليمها وتأهيلها وتمكينها في كافة القطاعات التعليمية والصحية والاجتماعية.
ومع إعطاء صانع القرار حقا للمرأة في الانتخابات البلدية مرشحة ومنتخبة.. نجح المجتمع في أول اختبار ومحك عملي لاتجاهاته نحو المرأة العاملة وتوقعاته منها حيث تم انتخاب اثنتين وعشرين سيدة، اللافت أن بعضهن كن في الضواحي ومدن الأطراف مما يؤكد قوة المؤشر للنظرة الإيجابية تجاه عمل المرأة ومشاركتها في الفضاء العام وخارج المنزل، وجاء انتخاب السيدة سارة جماز السحيمي لرئاسة إدارة تداول شاهدا آخر على أن الثقة في المرأة السعودية تتزايد، والثقة لا تأتي إلا بالعمل والنجاح والتميز.
شخصيا لا أملك معلومات عن السيدة سارة، وبالتالي لن أذكر مهاراتها وقدراتها ونقاط قوتها.. ولكن أثق أن اختيار هؤلاء الرجال لها وهم من يدير أكبر سوق في الشرق الأوسط حسب التقارير الاقتصادية يدركون قدرتها، ويدركون إمكاناتها في الارتقاء بالسوق للأفضل، وأنها كانت ذات رؤى وأطروحات اقتصادية تطويرية مميزة ومتقدمة التفكير مع افتراض الموضوعية والوطنية في كل ذلك.
لن يرشحها هؤلاء الرجال من باب المجاملة والتحضر أو التأكيد للعالم الخارجي أن المرأة السعودية باتت جزءا فاعلا من المشهد الاقتصادي، لأن من يعتلي هذا المقعد يعتلي كرسيا يشرف على إدارة مليارات الريالات من ناحية، ومن ناحية أخرى هو يشرف على محافظ استثمارات تديرها بنوك وأفراد يدركون واقع الاقتصاد المحلي والعالمي، ويدركون أن العمل الاستثماري عموما وفي سوق الأسهم على وجه الخصوص يحتاج للضبط والشفافية، وأن نتخطى مرحلة تعميق السوق بشركات مفلسة إلى مرحلة يكون فيها السوق فعلا الحصان الرابح في عالم الاستثمار..
انتخاب الرجال لسيدة لتمسك البيرق -كما قال بذلك أستاذنا عبدالله الفوزان- شهادة للمرأة السعودية وتأكيد أن المجتمع والقطاع الخاص باتا شريكين في تمكين المرأة وأن سرعة التغير تتطلب من بقية المؤسسات الحكومية التسريع في الاستيعاب لهذا التغير وأن تكون جزءا من دعم عملية تمكين المرأة السعودية ليس لأن أكثر من 30% من السيدات يقمن بإعالة أسرهن، ولكن لأن الجسد السليم يتنفس بكامل رئتيه، ولأن مجتمعنا يثق في نسائه، ولأن نساءه يثبتن أنهن أهل لكل تلك الاستحقاقات وأكثر.
هيا عبدالعزيز المنيع- الرياض السعودية-