كلما رصدنا إنجازات المرأة السعودية خلال السنوات القليلة التي انصرمت والتي استطاعت خلالها تحقيق مراكز متقدمة في مختلف جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن خلال القطاعين العام والخاص ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني كذلك، وكلما شعرنا بالفخر أن بنات وطننا قادرات على إنجاز ما كان الكثيرون يشككون في قدرتها على إنجازه، كلما رصدنا ذلك ومسنا طيف من الفخر والإعجاب بذلك توجب علينا أن نتذكر تلك العقود التي عطلنا فيها قدرات المرأة محتكمين إلى عادات وتقاليد أفرزتها عصور من الأمية والجهل والتخلف ومستندين إلى فهم قاصر للشرع وضوابطه حتى انتهت بنا تلك العادات والتقاليد وذلك الفهم القاصر للشرع وضوابطه إلى إهدار طاقات نصف المجتمع فمارسنا على المرأة كافة سبل العزل والتهميش والإقصاء، علينا كلما فاجأتنا المرأة وهي تحتل المراكز القيادية وتنجز ما يعجز كثير من الرجال عن إنجازه أن نلوم أنفسنا كثيرا وأن نقسو على أنفسنا في اللوم وأن ندرك حجم الخطأ الفادح الذي ارتكبناه ليس في حق المرأة فحسب بل حق الوطن كذلك، وأن نراجع أنفسنا وقوانيننا وأنظمتنا كي نكتشف ما لا يزال يندس فيها من إرث تلك القرون التي همشنا فيها النساء، وأن نعيد تصحيح وعينا بالمرأة ودورها كي نمنحها هامشا أكبر تتجلى فيه قدراتها وإمكاناتها، بل إن علينا أن ندرك كذلك أننا إن لم نقم بمثل هذه المراجعة والتصحيح فإن المرأة نفسها لم تعد كما كانت من قبل خاضعة خانعة مستسلمة وأن ندرك كذلك أنها باتت قادرة على انتزاع حقوقها كاملة شئنا ذلك أم أبينا بعد أن خرجت من القمقم الذي حبسناها فيه عصورا طويلة وجربت معنى أن تكون إنسانا حرا قادرا على العطاء.
سعيد السريحي- عكاظ السعودية-