بدأت الرياضة النسائية في المملكة منذ الستينات الميلادية، حيث تمت ممارسة رياضات مختلفة مثل كرة القدم والسلة والطائرة، وفي العام 2006 تم إنشاء أول أكاديمية رياضية خاصة في جدة، كما يوجد في المملكة 26 فريقا نسائيا موزعة على عدد من مناطق المملكة وتضم العديد من الأنشطة الرياضية مثل الفروسية وكرة القدم وخلافه.
الأندية الرياضية النسائية منتشرة في طول المدن وعرضها في بلادنا الحبيبة، ولكن لكونها غير مرخصة بشكل رسمي (إلا في الآونة الأخيرة)، فإنَّ أسعارها تفوق الخيال وتستعصي على المواطنة ذات الدخل المتوسط، حيث تصل أسعار الاشتراكات السنوية في بعضها إلى 14 ألف ريال، في حين وأثناء تفرغي العلمي الأخير قبل سنتين في مدينة غالية مثل بوسطن بالولايات المتحدة كان اشتراكي في أحد الأندية لا يتجاوز ستين دولارا، واشتراكي في ناد آخر مخصص لليوغا لا يتجاوز عشرين دولار شهريا.
لماذا نحتاج إلى الرياضة مثل حاجتنا إلى الماء والهواء؟
لأنها تحقق صحة العقل والبدن معا، ولن نبتعد عن قول المصطفى عليه السلام فيما رواه ابن عباس عنه قال - صلى الله عليه وسلَّم - : (أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم).
وهل أجمل وأنبل من الرياضة البدنية لإدخال السعادة على قلوب الناس. البحوث العلمية دون استثناءات تؤكد على القيمة العالية عقليا ونفسيا لممارسة الرياضة عدا عن الفوائد الجسمية. يذكر موقع الهيلث لاين أن ممارسة الرياضة تحسِّن المزاج خصوصاً الجماعية منها بإفرازها مواد كيمائية في المخ تحفز ذلك، هي أيضاً تحسن من القدرة على التركيز خاصة مع التقادم في العمر، إِذْ هي تشحذ القدرات العقلية وتستمر في تدريبها كما انها تساعد على مقاومة الضغوط والإحباطات بفعل مواد كيمائية يفرزها الدماغ أثناء ممارسة الرياضة، وهي ترفع من الثقة بالنفس بسبب أسلوب الحياة المتوازن وبسب الحفاظ على جسد صحي، مما يترتب عليه التقليل من التداعيات الصحية الكبيرة للسمنة وللخمول الجسدي المنتشر في مجتمعنا.
http://www.healthline.com/health/mental-benefits-sports#confidence7
غني عن القول إن الرياضة حجر أساس في رؤية المملكة 2030 بحيث يصبح المأمول هو أن أربعة أشخاص من بين كل عشرة مواطنين رجالا ونساء سيكونون نشطين رياضيا. كشفت دراسة أجراها كرسي أبحاث السمنة بجامعة الملك سعود أن ثلاثة أرباع المجتمع مصابون بنوع من أنواع السمنة (70 في المئة من رجال المملكة و75 في المئة من نسائها) وأن أكثر من 80 في المئة من مرضى السكر من النوع الثاني في المملكة لهم علاقة بالسمنة، كما صنفت المملكة الثالثة عالميا في ميزان السمنة من قبل منظمة الصحة العالمية. كذلك أظهرت دراسة للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الخليجي أن عدد الوفيات بسبب أمراض السمنة في السعودية بلغت نحو 20 ألف حالة سنوياً، كما وصل عدد الأطفال المصابين بالسمنة إلى نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون طفل، بينما يمثل نسبة الذين يعانون من السمنة 36 في المئة في المئة من سكان المملكة، في ظل حدوث إصابات بين الأطفال السعوديين بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وانسداد شرايين القلب بسبب السمنة المفرطة.
هذا كله يقال ولم نبدأ بعد في الحديث حول الرياضة كاقتصاد كبير مثله مثل باقي القطاعات التجارية، إِذْ من المتوقع أن يحقق هذا القطاع توفير وظائف لا حدود لها للعناصر النسائية السعودية إذا ما وجد التعليم والتدريب. لا توجد أرقام دقيقة لأعداد الأندية النسائية حالياً، إِذْ إن كثيرا منها كان يتدثر برخص المشاغل النسائية رغم ان هيئة الرياضة سمحت منذ فترة بتراخيص الأندية النسائية، ولم يبق إلا أن تبدأ الجامعات والمعاهد العلمية في خلق صناعة الرياضة البدنية والنشاط الجسماني.
لا يوجد مبرر عقلي أو حضاري يعطي تبريرا لإسقاط توصية بعض عضوات مجلسنا الشورى من الوطنيات ذوات البصيرة النافذة وما نحتاجه هو تحويل بعض هذه الكراسي المعيقة للتنمية إلى متحف التاريخ، وليحتل الشباب من الجنسين أمور بلادهم وسنرى خيرا عظيما كما نراه اليوم في قيادتنا الشابة.
د. فوزية البكر- الجزيرة السعودية-