سمر المقرن -
لا تختلف من وجهة نظري فتاة أشيقر التي قامت تتجول في القرية التراثية بلا عباءة، عن أي امرأة مسلمة في فرنسا ترتدي النقاب. كلتاهما كما أرى تتحديان الأنظمة والقوانين بعيداً عن وجهة النظر الدينية في لباسهما. فالمعركة الأساسية التي تلوّح بها هذه أو تلك هي بروز حدّة التحدي، وعدم احترام قوانين الدولة وهي تخالف أنظمتها. ومن خلال متابعة ردود الأفعال بين الفريقين الأول الذي يشذب ويستنكر ما قامت به فتاة أشيقر، في الوقت ذاته يؤيد تلك التي تسير في شوارع باريس بنقابها، وكذلك العكس من الفريق الثاني الذي يؤيد ما قامت به فتاة أشيقر ويعتبرها حرية شخصية، وهو يستنكر على تلك التي ترتدي النقاب في فرنسا وينظر لها أنها قامت بفعل غير شرعي حسب أنظمة فرنسا. كلا الفريقين يعيشان تناقضات كبيرة يُرجّح فيها التوجهات الفكرية والأيدولوجية التي تتحكم باتخاذ المواقف حسب الميول.
ربما يأتي من يقول كيف لكِ بمقارنة فتاة سافرة ومتبرجة بامرأة منقبة؟ أو يأتي من يقول العكس، كيف تقارني بين فتاة طمست هويتها بارتداء النقاب بفتاة تُمارس حريتها الطبيعية؟ كلا السؤالين مشروع، وجوابهما في حدودي أنّ قوانين البلد هي المرجعية الأساسية لكل السلوكيات والممارسات، وهنا مع بالغ الأسف تتحدى الميول الفكرية القوانين باعتبار أنّ هذه الأيدولوجية أقوى وتمتلك الحقيقة المطلقة!
لو نظر كل منّا إلى أنظمة البلد بتجرّد من الميول والتوجهات الفكرية، فإنّ هذا سيقود إلى ثقافة الاحترام، احترام النفس قبل احترام الآخر، وسوف يُنمي هذا شعور الفرد بالمسؤولية، وستتغير حياة الفوضى بارتفاع معدّل الوعي، لأنّ الالتزام بالأنظمة أمور واجبة تفرضها المسؤولية تجاه تطبيقها.
إنّ الخروج على قوانين البلد من خلال اللباس يُمارسها أحدهم إما عن جهل، أو عن قصد في محاولة لحصد شهرة سريعة، فهذه الفتاة لا أحد يعرفها وليس لديها تاريخ يُمكن أن يُقرأ ولا أفعال يُشار لها ليعرفها الناس، إنما هي الآن أصبحت ذات شهرة واسعة، ولا أستبعد أن تكون في القريب العاجل من مشاهير التواصل الاجتماعي الذين تتهافت عليهم شركات الإعلانات، كل الأمور جائزة في عصر الفقاقيع!