سعيد السريحي- عكاظ السعودية-
وجدت لجنة الشؤون الإسلامية في مجلس الشورى أن من السهل عليها أن تنفض يدها من المسؤولية وترفض مناقشة التوصية التي تقدم بها أعضاء في المجلس نفسه لضبط زواج القاصرات، تحت حجة أن للموضوع جانبه الشرعي الذي يعتبر من اختصاص هيئة كبار العلماء.
غير أن اللجنة نفسها لم تجد من السهل عليها أن تنفض يدها وترفض مناقشة التوصية نفسها حين جاء الطلب بمذكرة حكومية وضعت المجلس أمام مسؤوليته التي ينبغي أن ينهض بها، باعتباره جهة مشرعة للقوانين والأنظمة التي تحفظ مصالح المجتمع، وقد برهنت لجنة الشؤون الإسلامية بتصرفها ذاك، على أن قبول مناقشة التوصيات ورفضها لا يتعلق بالتوصيات نفسها، وإنما بالجهة التي تتقدم بها، ومؤكدة كذلك على أن مجلس الشورى نفسه، أو على الأقل بعض لجانه، بحاجة إلى توجيه أو أمر سام كي تنهض بدورها، وهو أمر يأسف له المواطنون جميعا، كما يأسف له أعضاء في المجلس كثيرا ما تعرضوا للخذلان حين أسقطت توصياتهم بذرائع لا تقل تهافتا عن ذريعة لجنة الشؤون الإسلامية، حين زعمت أن لضبط زواج القاصرات جانبه الشرعي وأنه من اختصاص هيئة كبار العلماء.
وأعضاء لجنة الشؤون الإسلامية في المجلس يخلطون بذلك بين الفتاوى التي هي من اختصاص هيئة كبار العلماء والتنظيمات التي هي من جوهر اختصاصهم ومسؤوليتهم، ومناقشتهم لضبط زواج القاصرات لا يعني أنهم سوف يفتون بحله أو حرمته، وإنما النظر في القوانين التي يمكن لها أن تحمي القاصرات من العبث بطفولتهن، وتحمي الأنظمة في المملكة من أن تكون مخالفة لما وقّعت عليه المملكة من اتفاقيات دولية تحفظ حقوق القاصرات والنساء وتحميهن من إلحاق الضرر بهن.
وأعضاء لجنة الشؤون الإسلامية الذين تحججوا بأن للموضوع جانبه الشرعي يعلمون أن أهم ما في ذلك الجانب الشرعي هو تحقيق مقاصد الشرع من الحفاظ على كرامة الإنسان وحماية جسده من الانتهاك الذي تتعرض له كثيرات من القاصرات عند تزويجهن، وما سيتبع ذلك من أذى نفسي يلحق بهن.
وعلى أي حال لم يعد مهما إن رفضت لجنة الشؤون الإسلامية مناقشة الموضوع، كما لم يصبح مهما إن تراجعت عن رفضها وقبلت مناقشته، وإنما المهم هو تلك الإرادة السامية التي طلبت من المجلس النظر في هذا الموضوع، وهو ما يعني أن للقاصرات أبا يحرص على وضع تنظيم يحميهن حين يخذلهن آباؤهن، وتخذلهن لجنة الشؤون الإسلامية في مجلس الشورى.