وكالات-
نشرت منظمة حقوقية دولية تقريرا مفصلا بعنوان «محكوم عليهن بالصمت.. وضع النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية»، تناول فيه عدد من الناشطات السعوديات اللاتي طالبن ببعض الحقوق والحريات للمرأة في المملكة، وكان مصيرهن الاعتقال أو الملاحقات الأمنية.
وفي تقرير مرصد «حماية المدافعين عن حقوق الإنسان»، وهو شراكة بين الاتحاد الدوليّ لحقوق الإنسان والمنظمة العالميّة لمناهضة التعذيب، تم تسليط الضوء على معاناة عدد من الناشطات السعوديات اللاتي تم اعتقالهن على خلفيه نشاطاتهن في المطالبة بحقوق المرأة في المملكة.
ورحب المرصد بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة لأول مرة في تاريخ المملكة، ودخول الملاعب الرياضية والمشاركة في الفعالية الوطنية العامة، لكنه أكد أن «حقوق السعوديات مازالت تواجه قيودا»، وأوضح أن «معضمها غير منصوص عليه قانونا بل يقوم على أساس ممارسات عرفية».
واستطرد التقرير: «(السعوديات) كنساء يخضعن لنظام أبوي غارق في عدم المساواة بين المرأة والرجل، وعليهن أيضا التصدي لسياق يقمع بشدة كل الأصوات المخالفة».
وتابع: «النساء اللاتي يقمن بالإبلاغ عن العنف الأسري أو يقفن كناشطات، يواجَهن بقمع لا هوادة فيه، وبما أنه لا يسمح لهن بتشكيل حركات أو جمعيّات، فإنهن يلجأن إلى شبكات التواصل الاجتماعي».
وتابع المرصد أنه منذ العام 2016 وتشهد السعودية تعبئة غير مسبوقة تقوم بها نساء للدفاع عن أبسط حقوقهن الأساسية، خاصة مع توفّر إمكانية قيامهن بذلك من خلال الشبكات الاجتماعية.
ولفت أنه هناك الآن آلاف من الناشطات في الفضاء الإلكتروني على الشبكات المختلفة، أغلبهن يستخدم حسابات مع إخفاء الهوية خوفا من تعرضهن لأعمال انتقامية، وملاحقات أمنية.
ورغم الإشارات الصادرة عن الحكومة تجاه مزيد من الانفتاح خلال السنوات الأخيرة، «خاصة منذ وصول جيل جديد من القادة ممثلا بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن المرأة لا تزال عرضة لتهديد مزدوج»، وفق التقرير.
وأوضح أن هذا التهديد يتمثل في وضع المرأة القانوني، حيث إن الإبقاء على نظام «ولي الأمر» يديم حالة عدم المساواة بين المرأة والرجل ويحكم على المرأة بأن تكون قاصرا طوال حياتها.
معتبرا أنه لم يحدث تغيير يذكر رغم التعديلات الأخيرة بهذا الخصوص، «فلا تزال المرأة ملزمة بالحصول على موافقة ولي أمرها (الذكر) للسفر إلى الخارج أو للحصول على جواز سفر».
ولفت أنه «وراء هذه النصوص، التي غالبا ما تكون غير واضحة، يمكن للشرطة والسلطات القانونية أن تكون بالغة القسوة وتمييزية بشكل خاص، خصوصا في حالات التبليغ عن العنف المنزلي».
أما الوجه الآخر للتهديد، فيتعلق بوعود السلطات السعودية بإجراء إصلاحات والتي لا تزال تصطدم بواقع حال حقوق الإنسان في بلد يستمر في قمع كل الآراء المخالفة، وبالتحديد التي يعبّر عنها المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان الداعون إلى إصلاحات مجتمعية بعيدة المدى، بحسب المنظمة.
كما تطرق المرصد إلى حالة الحقوق والحريات التي وصفها بالمتدنية، بشكل عام بالنسبة للمعارضين أو مجرد التعبير عن الرأي في المملكة، موضحا أنه لا يزال «القانون غير ضامن لاحترام الحقوق الأساسية كالحق في حرية تكوين الجمعيات والحق في التعبير والحق في التجمّع السلمي، ويتم سحق أي محاولة لتأسيس حركة أو جمعية».
وانتقد ما وصفه بغموض القوانين في السعودية والتي يتم استخدامها لأغراض انتقامية، حيث لفت إلى أنه علاوة على أن القانون السعودي «يعج بالمفاهيم الغامضة» التي تترك مساحة واسعة للقضاة، فإن القوانين التي يُقصد بها مكافحة الجريمة والإرهاب يجري توظيفها لتجريم التعبير المشروع عن الرأي مخالف.
وكشف أن العشرات من الناشطين الحقوقيين، والمدونين، والمحامين، اتهموا بـ«الردة، والإلحاد، وازدراء الدين، والإرهاب، وزعزة استقرار الدولة، وتأليب الرأي العام، أو حتى إنشاء جمعية غير مرخّصة، ويُمضون الآن أحكاما بالسجن لسنوات طويلة».
ويقتفي التقرير المسار الرمزي لبعض تلك النساء، أغلبهن ناشطات في الفضاء الإلكتروني ممن يستخدمن شبكات التواصل الاجتماعي دون الإفصاح عن هوياتهن في سعيهن لشجب جميع أشكال المعاملة التعسفية التي يجبرن على التصدي لها.
وأشار إلى أن هناك أيضا ناشطات وناشطين حقوقيين يعلنون عن مواقفهم علنا كمدافعين عن حقوق الإنسان وينخرطون في قضايا ذات رمزية كإنهاء ولاية الرجل على المرأة، أو في محاولة تأسيس جمعية للدفاع عن حقوق المرأة، أو في قضية حقوق الإنسان بشكل عام، أو الترشّح للانتخابات البلدية، وكلهم «يخاطرون بأنفسهم ومعرّضون للخطر بشكل كبير».
وذكر المرصد واقعة اعتقال الناشطة السعودية «نعيمة المطرود»، مستنكرا الحكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات، وذلك على خلفية مشاركتها في احتجاج سلمي.
وقال حول ذلك: «في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حُكم على نعيمة المطرود بالسجن ست سنوات لمشاركتها في حركة احتجاج سلمية في شرق السعودية رفعت مطالب اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولدعوتها إلى إخلاء سبيل السجناء السياسيين وإلى إجراء إصلاحات ديمقراطية».
واختتم مرصد «حماية المدافعين عن حقوق الإنسان» بالتأكيد على أن «جميع هذه النساء معرّضات أصلا لضغوط من عائلاتهن، والآن هنّ مجبرات من قبل الحكومة على الصمت، وقد يتعرّضن للتهديد بالملاحقة القضائية، والاعتقال التعسفي، وبأن يوضعن في السجن، وأن يمنعن من السفر والتحدّث في العلن».
وفي أعقاب المباشرة بإجراءات قانونية بحقهن فإن معظمهن يصبحن عرضة لخطر وتهديد مستمر في ظل هذه الإجراءات ولسنوات عديدة بهدف إسكاتهن، وفقا للتقرير.