المدينة السعودية-
رسمت قصص العديد من مستفيدات جمعية حماية الأسرة الخيرية صورة مؤلمة تختلف فيها التفاصيل والحيثيات وتجتمع تحت عنوان عريض هو «العنف الأسري» والذي تتصاعد وتيرته بحسب مسؤولي الجمعية، وسردت عدد من ضحايا العنف الأسري قصصهن المأساوية لـ «المدينة» والتي انتهت بالخروج إلى بر الأمان بمساعدة الجمعية.
أوضحت المديرة التنفيذية لجمعية حماية الاسرة الخيرية ايمان مبارك المعبدي أن عدد حالات العنف الأسري المسجلة منذ بداية العام الهجري الحالي بلغ 480 حالة، واحتل العنف الجسدي المرتبة الاولى بـ 210 حالات يليها النفسي 115 فالجنسي 80 واخيرا اللفظي 75 حالة، وقدمت 350 جلسة علاجية واجتماعية ونفسية كما خضع المستفيدون لـ 301 استشارة بمختلف انواعها بالاضافة الى خدمات اخرى كالمساعدات العينية والمالية والدعم القانوني حيث قدمت الخدمة الاجتماعية لـ 221 حالة في برنامج المسكن «الآمن».
وحول أبرز الصعوبات التي يواجهها فريق البحث الميداني أوضحت الاختصاصية النفسية صفا باجنيد أنها تشمل صعوبة الوصول للمنازل خاصة في المناطق النائية خارج المحافظة أو للوضع داخل المنازل نفسها وعدم تقبلهم للفريق بل ومحاولة إيذاء الفريق وندرك ذلك كونهم معنفين ولايقبلون بالمواجهة، ونتجاوز هذه المعضلة بالتواصل الهاتفي مع المعنفة حتى نتمكن من إخراجها بالطرق والوسائل التي تحفظ سلامة الجميع.
بينما فصلت أمل محنشي مشرف البرامج التربوية الخطوات التي يمر بها المستفيد والتي تتمثل باثبات الحالة اولا واثبات الهوية ومرور المستفيد بجلسة اجتماعية ونفسية ومتابعة الحالة والوقوف الميداني على وضع الاسرة وبحثها ومن ثم الانتقال لمرحلة الحلول والعلاج والمتابعة مع الجهات ذات العلاقة ودعم المستفيد لمواصلة حياته الاجتماعية والتعليمية لكي لا يتضرر مما تعرض له.
ومن جانبها أبانت الدكتورة إيمان محسن العقيل رئيس مجلس ادارة الجمعية أن فكرة إنشائها كانت الحالات المتكررة التي تصل الى المستشفيات لذا قرر مجموعة من الاطباء اطلاقها وانضم لهم رجال اعمال وفاعلون ومهتمون وبذلك تأسست رسميا في 25 محرم 1429 بهدف مناهضة العنف الاسري والحد من مظاهره في المجتمع من خلال التوعية والرعاية والتمكين والتأهيل بشراكات إسترتيجية مع الجهات واللجان الرسمية الحكومية والخاصة والخيرية.
وبينت العقيل أن الجمعية تعاني منذ تأسيسها من قلة الدعم المالي، مشيرة إلى أنها تقدم الرعاية النفسية والاجتماعية والقانونية وتعمل على تأهيل وتدريب الحالات المعنفة وتطوير الكوادر العاملة وتوعية وتثقيف المجتمع للحد من ظاهرة العنف الاسري وتهدف الجمعية الى رفع مستوى الوعي وتوعية الاطفال بمظاهر العنف والتحرش وكيفية التعامل معها وتوعية المرأة بمظاهر العنف وكيفية مواجهته.
«حماية» تستقبل 480 ضحية عنف أسري في 5 أشهر
6 سنوات من التعذيب والإهانة والهروب في الظلام
«م.ع « ذات السبع والعشرين ربيعاً صبرت كما تقول على الضرب المتوالي والمتكرر 6 سنوات تعرضت فيها وطفلتها لأشد أنواع التعذيب والإهانة من زوج متعاطٍ للمخدرات لا يفقه في التعامل الزوجي الا القسوة بينما كانت تجهل آنذاك الحلول أو الطرق الصحيحة للتخلص منه لتقرر ذات مساء الهروب من المنزل وهي تحمل طفلتها ذات السنوات الثلاث لتهيم في الشارع بحثًا عن مأوى يحميها لتتلقفها أيادٍ نذرت نفسها «للعمل التطوعي» ممثلة في جمعية حماية والتي كانت هي الملاذ الآمن سكنًا وعلاجًا نفسيًا وتوعية ومساعدة في طريقة اتخاذ الإجراءات القانونية لتكمل مسيرتها في حياة آمنة. وخضعت للعلاج من الإيذاء الجسدي والنفسي ووفر لها السكن وأدخلت في برامج تعليمية بدورات متقدمة في الحاسب الآلي لتتمكن اليوم من شغل وظيفة تحفظ ماء وجهها وتعينها على تربية أبنائها بل وتتحول من يائسة محبطة مكلومة الى فتاة منتجة.
مأساة
وفاة الزوج وتعنيف الأطفال في بيئة المسكرات
القصة الأخرى روتها «س.م» والتي بدأت معاناتها بوفاة زوجها تاركا لها طفلين وهنا كان قرار اسرة زوجها بالزامها بالزواج من شقيقه حفاظا على اطفاله ورفضت لتتزوج من شخص خارج العائلة وهنا كانت المعضلة حيث كان الحكم لهم بالحضانة، وتعرض أطفالها لمختلف انواع العنف جسديا ولفظيا حيث إن المسكرات موجودة بين عائلة زوجها الأول ونتيجة ذلك هرب اطفالها من منزل اسرة والدهم ولكي تتمكن من حضانتهم اضطرت للطلاق من زوجها الثاني من أجل أطفالها لتتواصل مع جمعية حماية التي دعمتها ماديا ووفرت لها السكن المناسب وتابعت الدراسة وكذلك أطفالها لتصبح ابنتها طالبة بالصف الثالث ثانوي ومن المواهب الناجحة ببرنامح المواهب.
من الضرب وحافة الانتحار إلى عبق العطور
أما «خ.ص» التي قررت يوما «الانتحار» واعتبرته الحل الأمثل لأنها كانت تحت وطأة زوج معنف يكبرها بثلاثين عاماً ويعتقد أنه يربي طفلة صغيرة ويجب أن يكون الضرب مستمرًا ونتيجة للضغط النفسي الذي تعرضت له بدأ ذلك ينعكس على أبنائها حيث تنهال هي الأخرى عليهم ضربًا والنتيجة كراهية من أبنائها لها، ورغم مرور السنين فهي اليوم تحاول جاهدة بمساعدة اختصاصيات الجمعية إعادة جسر التواصل بينها وبين أبنائها وبناتها.
وذكرت أنها كانت في وضع مأساوي فأسرتها ترفض الطلاق مهما بلغت الأسباب وعظمت المسببات لأنهم يعتبرونه عارًا أما التقدم بشكوى لأقسام الشرطة فيعد جرم لايمكن التهاون به فالعبارة الدارجة وهو العرف الثابت «ليس لدينا بنات يدخلن أقسام الشرط» فحاولت كثيرًا إيذاء نفسها بمحاولاتها المتكررة بالانتحار الا أن اختصاصيات الجمعية ساعدنها لتجاوز ذلك الفكر علاجا ومتابعة وتنمية قدرات حتى اصبحت ماهرة في تركيب العطور بمختلف انواعها ضمن برامج الاسر المنتجة.