وكالات-
في تعليق مثير للاستغراب، يصف مسؤول حكومي في وزارة التعليم السعودية إعلان بعض الطالبات التزامهن بالحجاب، بأنه بعيد عن مبادئ التربية والتعليم التي تنتهجها الوزارة.
إعلان الطالبات السعوديات ظهر في مقطع فيديو وهن يرتدين الحجاب الكامل داخل المدرسة، ويحملن أوراقاً كُتب عليها "حجابي تاج رأسي"، وذلك ضمن حملة ترويج للحجاب في المدرسة عنوانها "شعيرة لن تندثر"، وحاز مشاهدات عالية، وتفاعلاً واسعاً من قِبل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن هذا المقطع المصور يبدو أنه أثار وزارة التعليم السعودية، ما جعل الوزير أحمد العيسى يقرر محاسبة المسؤولين في المدرسة.
هذا ما أكده المتحدث الرسمي للوزارة مبارك العصيمي، الذي نشر في حسابه الشخصي بـ"تويتر" تغريدة يقول فيها: "إشارة إلى الفيديو الذي تم تداوله في تويتر مؤخراً ويُستنتج منه استخدام المدرسة لتعزيز الصراعات الفقهية والفكرية، بطريقة لا تمت للعمل التربوي والتعليمي بِصلة، فقدْ وجَّه معالي وزير التعليم بالتحقيق في مصدر هذا العمل ومن يقف خلفه، وستقوم الوزارة بإيضاح الإجراءات التي ستُتَّبع لوقف هذه التجاوزات".
العمل -بحسب ما يوضحه المقطع المصور المرفق- يُظهر طالبات يرتدين حجاباً كاملاً يغطي جميع أجزاء الجسد، وهو زي منتشر في المملكة؛ بل إن كبار مفتي المملكة يعتبرون ما دون هذا الزي حجاباً ناقصاً.
أيضاً، فإن ما كُتب في الأوراق التي حملتها الطالبات ليس سوى عبارات يؤكدن من خلالها التزامهن بهذا الزي، الذي لا تعارضه وزارة التعليم، بحسب تعليماتها.
تصرُّف الطالبات هذا لم يكن جديداً؛ فهو جاء ضمن ردود الفعل المتتالية لقرارات التغيير المتسارعة في المملكة، والتي طالت الزي المتعارف عليه منذ تأسيس الدولة.
وطالت التغييرات تقاليد عديدة في المملكة، بينها ما حرّمه كبار علمائها، ولعل من بين أبرزها اختلاط النساء مع غير محارمهن، والاختلاط في الأماكن العامة، وحضور الحفلات الغنائية وعروض الأزياء، ودخول الملاعب وغيرها.
كل هذا الانفتاح السريع والغريب يقف خلفه ولي العهد محمد بن سلمان، الذي قال في حديث سابق لقناة "سي بي إس" الأمريكية: إن "لبس العباءة غير مُلزم".
وضمن سياسة الانفتاح غير المسبوقة في المجتمع السعودي، أعلن الشيخ أحمد الغامدي، الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة، في حديث سابق لموقع "العربية.نت"، أن "ما يفتي به كبار العلماء ليس فيه أي أمر يحتاج للتوضيح أكثر"، تأييداً لما قاله بن سلمان حول الحجاب.
وبيَّن أن "اللون الأسود ليس هو اللون الوحيد المقَر بالشريعة الإسلامية؛ بل جاء بفعل استغلال فتاوى معيّنة من قِبل جماعة الصحوة، وتكريس مفهوم عباءة الرأس واللون الأسود، ليكون هو المتصدر بالحجاب للمرأة السعودية".
وأضاف: "المقصود بالعباءة أن تكون المرأة محتشمة، ولا يُشترط أن تكون سوداء، فإذا لبست ثياباً تؤدي الستر نفسه بالعباءة، وتؤدي مهامها من خلال هذا اللباس في عملها والتزامها ودراستها، فقد أدت ما عليها، وليس هناك أي غضاضة حول الزي الذي تلبسه إن لم يكن عباءة سوداء، فقد تكون إحدى هذه العباءات مختلفة وترتدي أي زي يستر ما يجب ستره للمرأة، ولا يلزم بعد ذلك أن يكون فوقه شيء".
- توجُّه بعيد عن العباءة
الحديث عن الزي والحجاب في السعودية أحدث ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يرى سعوديون أن الانفتاح سيشمل تغيير زي الحجاب المعروف.
وزاد من حدة التخوف بين السعوديين الملتزمين الذين يرون أن الحجاب يجب أن يشمل غطاء الرأس، والهيئة المتعارف عليها، إقامةُ عروض أزياء للنساء داخل المملكة، في حدث هو الأول من نوعه.
فقبل أيام، احتضنت السعودية أسبوع الموضة العربي، لأول مرة داخل المملكة.
وتدفقت شقراوات من شرقي أوروبا، وسعوديات، يرتدين أحدث صيحات الموضة، على قاعات فندق الريتز كارلتون، في العاصمة الرياض.
وأعربت العارضات وخبراء التجميل، الذين أعدوا النسخة السعودية من أسبوع الموضة العربي، عن دهشتهم من تنظيم الحدث في المملكة المحافظة.
ووفق ما ذكرته وكالة "رويترز"، قالت عارضة الأزياء أنيتا دميكروسكا: "نحن متحمسات للغاية؛ لأن هذا أول أسبوع للموضة في السعودية، وهو ما يعني أننا نصنع التاريخ".
ولَم تشمل عروض الأزياء أي عباءات، وتضمن أسبوع الموضة عروضاً اقتصر الحضور فيها على المدعوين.
وأقام متجر هارفي نيكولز الشهير منفذاً مؤقتاً لبيع ملابسه في خيمة.
وشارك في عروض الأزياء مصممون من البرازيل ولبنان وروسيا والسعودية والولايات المتحدة والإمارات.
وتوافدت شخصيات في عالم الأزياء من إيطاليا وروسيا ولبنان على الرياض؛ للاحتفاء بعمل المصممين المحليين والدوليين.
كل تلك التغييرات أحدثت رد فعل في أوساط الملتزمين بالزي الإسلامي في المملكة، وهو ما دعا الطالبات للدفاع عن زيهن بطريقة سلمية لا تخالف القوانين الرسمية.
نشطاء أعلنوا تأييدهم الطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم (هاشتاغ) نشطَ على "تويتر"، حمل عنوان "#وزير_التعليم_يحارب_الحجاب".
أحد النشطاء وصف من يقفون وراء مثل هذه التغييرات بأنهم "باعوا دينهم لإرضاء الغرب".
حساب آخر أرفق صورة لولي العهد السابق محمد بن نايف (عُزل ليأخذ مكانه بن سلمان)، وهو يدفع كرسيّاً متحركاً تجلس عليه امرأة ترتدي حجاباً كاملاً، مختصراً بالقول: إن "الصورة تتكلم عن معنى الحجاب وقيمته مهما كانت المناصب".
ناشط آخر يشبِّه المرأة المحتشمة بالشمس، لا يستطيع أحد أن يحدق فيها، وهو دليلُ رفضٍ واضحٍ لما صدر من وزير التعليم حول رفضه إعلان الطالبات التزامهن بالحشمة، ورفض مسايرة تغيير عادات المجتمع وتقاليده.
ووقف عدد كبير من النشطاء مع الطالبات بالتفاعل مع الوسم نفسه، آملين أن يحفظ الله البنات من الفتن.