وكالات-
دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات الإماراتية، السبت، للكشف فورا عن مكان الشيخة «لطيفة بنت محمد آل مكتوم» (32 عاما)، ابنة حاكم دبي، وتوضيح وضعها القانوني.
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن عدم الكشف عن مكانها ومصيرها يعد إخفاء قسريا، بالنظر إلى الأدلة التي تشير إلى أن آخر مرة شوهدت فيها كانت السلطات الإماراتية تحتجزها.
وقال شاهد عيان لـ«هيومن رايتس ووتش» إن السلطات الإماراتية أوقفت الشيخة «لطيفة» في 4 مارس/آذار 2018 لدى محاولتها الفرار بحرا إلى بلد ثالث وأعادتها إلى الإمارات.
وأكد اثنان من أصدقاء الشيخة «لطيفة» أنها أعربت لهما عن رغبتها بالتخلص من القيود التي تفرضها عليها أسرتها، وأنها مختفية منذ شهرين ولا يعرف شيء عنها ما يثير القلق حول أمنها وسلامتها.
وفي 18 أبريل/نيسان الماضي، نقلت «فرانس برس» أن مصدرا مقربا من حكومة دبي أكد أن الشيخة لطيفة «أُعيدت» إلى الإمارات.
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش»، «سارة ليا ويتسن»، «على السلطات الإماراتية الكشف فوراً عن مكان الشيخة لطيفة ومصيرها، وأن تسمح لها بالاتصال بالعالم الخارجي. إذا كانت محتجَزة يجب إعطاؤها حقوقها كمحتجزة، بما في ذلك المثول أمام قاضٍ مستقل».
وأوضحت المواطنة الفنلندية «تينا جوهياينن»، المقيمة في الإمارات منذ 17 عاما لـ «هيومن رايتس ووتش» أنها قابلت الشيخة «لطيفة» في 2010 ونشأت بينهما صداقة طويلة.
وذكرت امرأة أخرى، مواطنة أمريكية، للمنظمة أنها والشيخة «لطيفة» أصبحتا صديقتين بعد أن بدأت بإعطاء الشيخة لطيفة دروس قفز بالمظلة في دبي عام 2014.
وتتفق هاتان الروايتان مع تقارير صحفية في 2017، بما في ذلك قصة نشرتها «Emirates Women» عن الشيخة «لطيفة» تتضمن صورا لها تقفز بالمظلة، وتصفها على أنها «مغامِرة ملكية تلهمنا لنصبح أكثر مغامَرة».
وأظهرت «تينا» نسخا لـ«هيومن رايتس ووتش» عن هوية الشيخة «لطيفة» وشهاداتها التعليمية، كانت قد أخرجتها «جوهياينن» من البلاد أواخر 2017 قبل محاولة الفرار.
وأكدت المدربة في مقابلتين منفصلتين أن الشخصية الظاهرة في فيديو نُشر أخيرا على «يوتيوب» هي الشيخة «لطيفة».
وتقول الشيخة «لطيفة» في فيديو مدته 40 دقيقة، إن أختها «شمسة» هربت أيضا من البلد عندما كانت في المملكة المتحدة عام 2000، لكن السلطات الإماراتية خطفتها لاحقا وأعادتها قسرا إلى الإمارات.
وتؤكد التقارير الصحفية في ذلك الوقت هذه الرواية.
وتتابع الشيخة «لطيفة» في الفيديو أنها حاولت الفرار إلى عمان في 2002، لكن السلطات الإماراتية أوقفتها على الحدود وأعادتها إلى دبي، واحتجزتها في مركز احتجاز 3 سنوات وعذبتها.
خطة الفرار وقصة الاختطاف
ولفتت «تينا» إلى أن الشيخة لطيفة أبلغت أصدقاءها بخطتها الجديدة للفرار في صيف 2017.
وقالت إنها والشيخة «لطيفة» غادرتا الإمارات أخيرا في 25 فبراير/شباط، وانضمتا لاحقا في نفس اليوم لـ«هيرفي جوبير»، وهو مواطن أمريكي-فرنسي، على قاربه الخاص، وأبحروا نحو جنوب شرق آسيا، وقالت «تينا» إنه كان على القارب عمال فليبينيون.
وأشارت «تينا» إلى أن القارب توقف في 4 مارس/آذار على بعد 50 ميلا من شاطئ غوا في الهند، وأن «جوبير» هو من أعلمها بالموقع.
وقالت إنها والشيخة «لطيفة» كانتا تحت سطح السفينة حوالي الساعة 10 مساء عندما سمعتا صراخا وإطلاق عيارات نارية، فاختبأتا في الحمام، ومُلئت الغرفة بالغاز ما أجبرهما على الصعود إلى سطح السفينة.
ونقلت المنظمة عن مجموعة «ديتيند إن دبي»، التي تقدم المساعدة القانونية والدعم لحالات مرتبطة بالإمارات، أنها كانت تساعد الشيخة «لطيفة» في محاولة الفرار، وأنها أرسلت لهم رسالة استغاثة عند سماعها الصراخ وإطلاق النيران.
وأشارت «تينا» إلى أنها رأت عدة قوارب تحاصر قاربهم.
وتابعت «صعد رجال على قاربهم موجهين مسدساتهم إلى رأسها وأجبروها على الانبطاح أرضا وقيّدوا يديها خلف ظهرها. قالت إنهم كانوا يصرخون بالإنجليزية، مَن لطيفة؟».
أضافت أنها سمعت الشيخة «لطيفة» دون أن تتمكن من رؤيتها تحاول الإفلات وتصرخ بأنها تطلب اللجوء، ثم قالت إن الرجال أخذوا الشيخة «لطيفة».
وأردفت «يبدو أن جوبير وطاقمه تعرّضوا لسوء المعاملة»، ووصفت وجه «جوبير»، «بأنه دام ولا يمكن التعرف عليه».
وأخبرت «تينا»، «هيومن رايتس ووتش» أن خفر السواحل الهندي شارك في الغارة بالتنسيق مع السلطات الإماراتية.
وفي 27 أبريل/نيسان، نقلت «بزنس ستاندرد»، وهي صحيفة هندية تصدر بالإنجليزية، مستندة إلى «مصادر حكومية رفيعة»، أن الغارة كانت بإذن من مكتب رئيس الوزراء.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية لـ«بزنس ستاندرد»: «لم يتم إعلامنا بأي حادثة من هذا النوع».
وتابعت «تينا» أن عناصر إماراتيين أبحروا بالمركب عائدين إلى الإمارات بينما كانت هي و«جوبير» والطاقم محتجزين تحت سطح القارب. بعد 4 أيام، نُقلوا إلى سفينة إماراتية ووصلوا بعد 3 أيام إلى الإمارات.
وقالت إن مسؤولين أمنيين حكوميين أخذوها إلى مركز احتجاز قالوا لها إنه مركز أمني سري للأشخاص الذين يشكلون «خطرا على الأمن الوطني».
وروت أنها بعد العديد من جلسات التحقيق، التي قالت إن المحققين هددوها خلالها بالإعدام أو السجن الانفرادي، اعترفت بأفعال لم ترتكبها مثل إرسال فيديو الشيخة «لطيفة».
وأشارت إلى أنه بعد 4 أيام أخرى من الاحتجاز الانفرادي قال لها المحققون إنهم سيطلقون سراحها إذا صوّرت اعترافا، ووقعت على بضع وثائق بالعربية لم تتمكن من قراءتها، ففعلت.
وقالت إنها لاحقا وقعت على ما تعتقد أنه تعهد بعدم الإفصاح مكتوب بالإنجليزية يمنعها من التكلم عن موضوع التحقيقات و«لطيفة».
وأضافت أن السلطات الإماراتية سمحت لها بالعودة إلى فنلندا في 22 مارس/آذار، لكنها احتفظت بحاسوبها وبعض متعلقاتها التي صادرتها من القارب.
وأكدت أن السلطات سمحت لـ«جوبير» وطاقمه بمغادرة البلاد في قاربه في نفس الوقت تقريبا.
ووثقت «هيومن رايتس ووتش» العديد من حالات الإخفاء القسري على يد السلطات الإماراتية في السنوات الأخيرة.
وقالت «سارة ويتسون»، «على السلطات الإماراتية الكشف فورا عما إذا كانت تحتجز الشيخة لطيفة، وعن مكانها ومكان جميع المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي».