الخليج أونلاين-
تنفق دول الخليج ثروة طائلة سنوياً على العمالة المنزلية تزيد من العوامل التي تساهم في إنهاكها مالياً، في ظل التراجع الحاد في مؤشرات اقتصادها وارتفاع عجز موازناتها، بسبب أزمة أسعار النفط والتوترات السياسية والعسكرية التي تعيشها المنطقة.
وتصنف دول مجلس التعاون الخليجي بين أكثر بلدان العالم التي تلجأ للعمالة المنزلية؛ فالمملكة العربية السعودية على سبيل المثال تحتل المركز الرابع عالمياً في استخدام العمالة، بعد الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا.
ويبلغ عدد العمالة المنزلية في دول الخليج العربي، باستثناء قطر، 4 ملايين و626 ألفاً و308 عمال، ينفق عليهم الخليجيون سنوياً ما يصل إلى 20 ملياراً و594 مليوناً و950 ألف دولار، بحسب بيانات جمعها "الخليج أونلاين" من مصادر رسمية.
وتقدر نسبة العمالة المنزلية في الخليج بأكثر من 18% من العدد الإجمالي للمواطنين الخليجيين (25 مليوناً و645 ألفاً و791 نسمة).
ولا يشمل هذا الرقم عدد مواطني قطر التي لم تدخل ضمن المقارنة؛ بسبب عدم توفر بيانات حول أعداد العمالة المنزلية فيها.
وتأتي الأغلبية العظمى من العمالة المنزلية من الهند، وسريلانكا، وبنغلادش، والفلبين، وإندونيسيا، وإثيوبيا، وكينيا. ويبلغ متوسط أعمار الخادمات ما بين 25 و30 عاماً، ويختلف متوسط أجورهم حسب الدولة التي يعملون بها.
وتتصدر السعودية قائمة دول الخليج في استقدام العمالة المنزلية، فبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة فإن إجمالي عدد العمالة المنزلية وصل خلال العام 2017، إلى 2.41 مليون عامل.
وأشارت البيانات إلى أن السائقين يستحوذون على 57.4% من إجمالي العمالة المنزلية في المملكة، بإجمالي يبلغ مليوناً و385 ألفاً و553 سائقاً، ويحل بالمرتبة الثانية بعد السائقين الخدم وعمال تنظيف المنازل الذين يبلغ عددهم 963 ألفاً و723 عاملاً وعاملة، ثم حراس المنازل والاستراحات البالغ عددهم 34 ألفاً و692 حارساً.
ووفقاً لبيانات ملتقى العمالة المنزلية بالرياض (يجمع شركات الاستقدام وشركات ومكاتب الخدمات العمالية الموثوقة)، التي نشرتها صحيفة "الحياة" الشهر الماضي، فإن 86% من الأسر السعودية تملك سائقاً خاصاً، و67% منها لديها عاملة منزلية.
وفي نهاية الشهر الماضي، ذكرت صحيفة الاقتصادية السعودية أن وزارة العمل تستهدف استقدام 40 ألف عاملة منزلية من إندونيسيا خلال ستة أشهر، وبراتب شهري قدره 1500 ريال سعودي (400 دولار).
ويبلغ إنفاق السعوديين على العمالة المنزلية نحو 56.6 مليار ريال (15 مليار دولار) سنوياً، حيث يبلغ المتوسط العام للراتب الشهري لهؤلاء العمال نحو 1882 ريالاً (500 دولار)، وفق هيئة الإحصاء بالمملكة.
وتوضح البيانات أن العمالة المنزلية موزعة ما بين مليون و673 ألفاً و336 عاملاً من الذكور، يتقاضون في المتوسط 3.55 مليارات ريال (نحو مليار دولار) شهرياً، بما يعادل 42.6 مليار ريال (11.36 مليار دولار) سنوياً.
أما العمالة المنزلية من الإناث فيبلغ عددهن 739 ألفاً و337 عاملة، يتقاضين بالمتوسط 1.65 مليار ريال (440 مليون دولار) شهرياً، بما يعادل 14 مليار ريال (3.73 مليارات دولار) سنوياً، وفق البيانات ذاتها.
وتحل الكويت في المرتبة الثانية بعد السعودية، فأعداد عمال المنازل فيها وصلت إلى 677 ألف عامل في نهاية نوفمبر الماضي، بحسب بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في البلاد.
وذكرت البيانات نفسها أن الكويتيين ينفقون نحو 1.02 مليار دينار سنوياً (3.4 مليارات دولار) على العمالة المنزلية.
ويضاف إلى الإنفاق الدوري على العمالة المنزلية تكلفة الاستقدام، والتي تصل إلى قرابة 700 مليون دينار (323.2 مليون دولار) للعمالة القائمة، بناء على احتساب ألف دينار متوسط تكلفة الاستقدام للعامل الواحد، وفق صحيفة "القبس" الكويتية.
في حين يصل حجم تكلفة الاستقدام سنوياً إلى قرابة 15 مليون دينار (49.7 مليون دولار)، حيث يتم استقدام 15 ألف عامل منزلي سنوياً في المتوسط.
وفي المركز الثالث تأتي سلطنة عمان التي يبلغ عدد العمالة المنزلية فيها نحو 271 ألفاً و250 عاملاً، ويبلغ إنفاق العمانيين الشهري على رواتب هؤلاء العاملين أكثر من 27 مليون ريال (70.22 مليون دولار) شهرياً، بواقع 325 مليون ريال (845.25 مليون دولار) سنوياً، بحسب إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات العماني.
الإمارات تحل رابعة في هذا التصنيف، إذ يعيش فيها 268 ألف عامل منزلي، وفق بيانات إدارة الإقامة وشؤون الأجانب في وزارة الداخلية.
ويبلغ حجم إنفاق الأسر الإماراتية على هذه العمالة المنزلية، كما تشير بيانات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، نحو 3 مليارات درهم (قرابة 820 مليون دولار) سنوياً.
ويضاف إلى الأجور الشهرية تكلفة استقدام العمالة المنزلية التي تتراوح للشخص الواحد ما بين 16 ألف درهم (4.36 آلاف دولار) إلى 20 ألف درهم (5.45 آلاف دولار).
أخيراً تأتي البحرين، التي تعد صغرى دول مجلس التعاون، ويصنف اقتصادها على أنه الأضعف بينها بفعل مواردها الضعيفة.
وفي المملكة الجزرية، بحسب إحصائية هيئة تنظيم سوق العمل، نحو 100 ألف و58 عاملاً منزلياً، بينهم 76249 عاملة، و23809 عمال.
وأوضحت الإحصائية أن الطلب على العمالة المنزلية قد بدأ يتزايد في البحرين بشكل سنوي منذ مطلع العام 2010.
وتشمل العمالة المنزلية في البحرين كلاً من خدم المنازل ومن في حكمهم؛ من مزارعين منزليين وحراس المنازل والمربيات والسائقين والطباخين، الذين يؤدون أعمالهم لشخص صاحب العمل أو لأشخاص من عائلته.
ويبلغ متوسط الأجور للعمالة المنزلية في البحرين ما بين 65 ديناراً (نحو 173 دولاراً) إلى 150 ديناراً (400 دولار) شهرياً، بحسب نوع العمالة (هندية، فلبينية، إثيوبية)، حيث تعد العمالة الإثيوبية الأرخص أجوراً بين بقية الجنسيات.
واستناداً إلى بيانات أعداد العمالة المنزلية ومتوسط أجورهم سابقة الذكر، فإن البحرينيين ينفقون شهرياً على هؤلاء العمال نحو 40 مليون دولار، أي ما يعادل 480 مليون دولار خلال العام الواحد.
ولا تتوفر أي بيانات رسمية حول حجم العمالة المنزلية أو أجورها في قطر، إلا أن بيانات لمنظمة العفو الدولية، نشرت في العام 2014 على موقعها الإلكتروني، ذكرت أن هناك 84000 عاملة منزلية في قطر.
هذه الأعداد الضخمة من العمالة المنزلية التي تشكل نحو 18% من عدد الخليجيين، وتحول مليارات الدولارات سنوياً إلى مواطنها، تستنزف بشكل أو بآخر اقتصادات دول الخليج التي تعاني أصلاً من تراجع حاد بسبب أزمة أسعار النفط، والتوترات السياسية والعسكرية التي تزدحم في المنطقة منذ العام 2011.
وحول ذلك، يقول المحلل الاقتصادي وليد سيف: إن "المبالغ المالية الكبيرة التي تحولها العمالة الوافدة بجميع أشكالها، ومن ضمنها المنزلية، الموجودة في دول الخليج إلى مواطنها تلحق ضراراً تراكمياً بالاقتصاد الخليجي".
وأوضح سيف لـ"الخليج أونلاين"، أن العمالة المنزلية غير منتجة ومن ثم فهي لا تحقق فوائد حقيقية كبيرة للاقتصاد الخليجي، في حين أنها تحصل على أموال من هذا الاقتصاد (الرواتب) وتوجهها نحو اقتصادات بلادها.
وأشار إلى أن استمرار زيادة أعداد العمالة المنزلية في دول الخليج يعني ارتفاع نفقاتهم وأجورهم، وزيادة قيمة الأموال التي تتسرب من الاقتصاد الخليجي وتستنزفه.
هذه الحوالات، بحسب المحلل الاقتصادي، تستنزف أيضاً العملات الصعبة، ما قد يؤدي مستقبلاً إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، خاصة في ظل تراجع عائدات النفط الذي شهد تراجعاً في أسعاره بالسنوات الماضية.
ومن جهة ثانية بعيدة عن الاستنزاف المالي المباشر، فإن أكثر من 4.5 ملايين عامل في القطاع المنزلي، يزيدون من الضغط على البنى التحتية ما يعني زيادة حاجة الدولة لتطويرها وصيانتها، وهذه خسائر أخرى.
ومن وجهة ثانية، فإن للعمالة المنزلية في دول الخليج مساهمة وإن كانت محدودة في النشاط الاقتصادي، بحسب ما أوردت صحيفة "الأنباء" الكويتية عبر موقعها الإلكتروني في نهاية أبريل الماضي.
ووفق الصحيفة، فإن شركات الطيران تستفيد من هذه الأعداد الكبيرة في رحلاتها السنوية إلى مواطنها الأصلية، وكذلك شركات الصرافة حيث يحتاج العمال إلى استبدال رواتبهم بالعملات الأجنبية ليتمكنوا من تحويلها لبلادهم.
وتستفيد أيضاً شركات الاتصالات من العمالة المنزلية، فمعظم هؤلاء العمال يعتمدون على خدمات الإنترنت في الاتصال بذويهم بشكل شبه يومي.
وتندرج تجارة التجزئة ضمن القطاعات التي تستفيد من العمالة المنزلية، لكن هذه الاستفادة محدودة وتتركز خلال فترة الإجازات السنوية.