مجتمع » شؤون المرأة

من جدّة إلى دبي.. حياة سوداء لأميرات القصور الملكية

في 2018/05/12

وكالات-

حكايا القصور الخليجية الموصدة ملأى بالأسرار، واتّضح أنها ملأى بالفضائح أيضاً، فعلى الرغم من درجة الكتمان العالية التي تُفرض على ما يجري داخلها فإن بعضها يظهر إلى العلن ولو بعد حين.

وبطبيعة حال العديد من الحكام في الخليج فإن تعدّد الزوجات والطلاق ضرورة يفرضها واقع الثراء والسلطة.

وفي تتبّع زيجات حكام السعودية سنجد أن بعضهم تجاوز عدد زوجاته الـ 30 زوجة.

وهنا يؤدّي شعور الحاكم لطليقته دوره؛ ليصل في بعض الأحيان شعور الكره إلى أن يفرض عليها وعلى ذرّيته منها قرارات قاسية تصل إلى الحبس، تفرض عليها درجة عالية من التكتّم والسرية، التي إن تفشّت فقد تهزّ العروش، لا سيما مع وجود إعلام حرّ وسهل لنقل الأخبار ونشرها.

ويفيد الكثير من التسريبات وجود خلافات عائلية داخل بعض الأسر الحاكمة في الخليج، لكن ما كان يُدفن من أسرار بوفاة أصحابها لم تعد كذلك اليوم بوجود عالم إعلامي مفتوح ومتاح للجميع.

- "ورطة" آل مكتوم

قضية الشيخة لطيفة، بنت حاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، التي ظهرت في تسجيل مصوّر نُشر على الإنترنت، في مارس الماضي، معلنة أنها فرّت من منزل عائلتها من أجل "استعادة حياتها"، تأكيد لتناقض حكام البلاد.

فإمارة دبي، التي تنال سمعة واسعة عالمياً بكونها من المدن التي وصلت إلى مكانة مهمّة تنافس فيها المدن المتطوّرة، تُعرف بكونها مدينة تتحلّى بحرية واسعة؛ فالمجال متاح للمرأة في جميع المجالات، وفيها تقام بطولات عالمية لرياضات تشارك فيها بطلات عالميات، بل إنها أسّست وزارة لـ "السعادة"، التي غابت عن الأميرة الهاربة.

دبي مدينة استقطبت كبريات الشركات العالمية للاستثمار والعمل؛ كل ذلك لمّا تبيّن لتلك الشركات، ولجميع البلدان، أن الحكومة في هذا البلد منفتحة ومتحرّرة، وتُولي حرية المرأة اهتماماً واسعاً وتمنع تقييدها، لكن في قصور الحكام يبدو الأمر مختلفاً عما هو في خارجها.

هذا ما تشير إليه منظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي طالبت، السبت 5 مايو 2018، السلطات الإماراتية بـ "الكشف فوراً" عن مكان ابنة حاكم دبي؛ لكيلا يتم اعتبار وضعها بمنزلة "إخفاء قسري".

الشيخة لطيفة قالت في الشريط المصوّر، وقد ظهرت على متن يخت، تتحدّث فيه عن سبب هروبها من دبي، مبيّنة أنه "بسبب التعذيب الذي تواجهه من قبل العائلة".

وكانت الشيخة لطيفة وصلت إلى الهند وتم إرجاعها من هناك. ويقول مناصروها إنها فرّت أولاً إلى عُمان، وكانت تأمل الوصول من الهند إلى الولايات المتحدة، حيث كانت تحاول طلب اللجوء هناك، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، في وقت سابق.

وفي الفيديو قالت الشيخة لطيفة (32 عاماً) إنها واحدة من 30 من أبناء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وإنها واحدة من 3 من بناته يحملن الاسم نفسه، وإن خلافها مع والدها بدأ عام 2001؛ عندما حاولت أختها الكبرى شمسة الهروب.

وتزعم تقارير ظهرت آنذاك أن الشيخة شمسة فرّت من ضيعة الأسرة في بريطانيا، وعُثر عليها ونُقلت على متن طائرة خاصة إلى دبي.

ولفتت الشيخة لطيفة في الفيديو الانتباه إلى أنها أيّدت موقف الشيخة شمسة، وأنها على أثر ذلك سُجنت ثلاث سنوات وعُذّبت.

ووفقاً لوكالة "فرانس برس"، قالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، في بيان: إن السلطات الإماراتية يجب "أن تسمح لها (الأميرة) بالاتصال بالعالم الخارجي"، وأن توضّح "وضعها القانوني".

وأضافت: "إذا كانت محتجزة فيجب إعطاؤها حقوقها كمحتجزة، ومن ضمن ذلك المثول أمام قاضٍ مستقلّ".

وتُصدر منظمة "ديتيند إن دبي" (معتقلون في دبي)، التي تتّخذ من لندن مقراً، وتقدّم نفسها على أنها جمعية تدافع عن حقوق محتجزين في الدول الخليجية، بيانات منتظمة عن قضية الشيخة لطيفة.

وكانت المجموعة أعلنت أنه تم بالقوة اعتراض قارب قبالة الشواطئ الهندية، في بداية مارس الماضي، على متنه الأميرة مع عدد من الأجانب، بينهم صديقتها الفنلندية تينا جوهياينن، ومواطن أمريكي- فرنسي، يُدعى إيرفيه جوبير، واجه في السابق مشاكل مع القضاء الإماراتي في قضايا "احتيال تجاري".

وفي 17 أبريل، خرجت حكومة دبي عن صمتها في هذه القضية الغريبة، مشيرة إلى تورّط فرنسي آخر هو كريستيان إيلومبو، متّهم بمساعدة الأميرة وموقوف حالياً في لوكسمبورغ.

- السعودية.. أميرات "القصر الصامت"

لطيفة، وقبلها شقيقتها شمسة، ليستا هما فقط من بين نساء العوائل الخليجية الحاكمة اللاتي يعانين من التعذيب والقهر؛ ففي السعودية الأمر قد يكون أكثر بشاعة.

فقد تمكّنت اثنتان من بنات العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، من الاتصال بالإعلام وفضح ما يتعرّضن له من اعتداءات، فيما عُرف حينها بقصة "أميرات القصر الصامت".

صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية قالت، في مارس 2014، إنها تلقّت عدة اتصالات من سحر (46 عاماً) وجواهر (42 عاماً)، ابنتي الملك من طليقته العنود الفايز، تشتكيان فيها من كونهنّ محتجزات بأمر والدهن الملك، وممنوعات من مغادرة المقرّ الملكي في مدينة جدة غربي البلاد، منذ 13 عاماً.

وأشارت الأميرتان إلى أن شقيقتيهما هالة (43 عاماً) ومها (41 عاماً) محتجزتان أيضاً لكن في قصرين منفصلين.

وكانت والدة "الأميرات الأسيرات"، العنود الفايز، وهي مطلّقة من الملك عبد الله، راسلت مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان -قبل تمكّن بنتيها من الاتصال بالإعلام- لحثه على التدخّل.

في أبريل 2014، تمكّنت الأميرتان سحر وجواهر من الظهور في برنامج "عين على الديمقراطية" على قناة "الحرة"، وتحدثت خلاله أيضاً والدتهما الأميرة العنود الفايز.

الأميرتان قالتا حينذاك إنهما وشقيقتيهما محتجزات منذ 13 عاماً، ولم يقابلا شقيقتيهما منذ ثلاثة أعوام.

وأكّدتا أن الطعام والماء قُطع عنهما، وأنهما تأكلان طعاماً معلّباً منتهي الصلاحية.

ومن جانبها حمّلت أمّهما المجتمع الدولي المسؤولية عن مصير بناتها، مطالبة بالإفراج عنهما والسماح لهما بمغادرة البلاد لتلقّي العلاج في بريطانيا، ولا سيما الأميرة مها، التي تعاني مرضاً يحتاج إلى علاج خارج المملكة، على حدّ قول الأميرة الفايز.

وقالت الأميرة سحر إن علاقة الأميرات مع والدهنّ تغيّرت عقب طلاق الملك عبد الله من والدتهنّ.

وفي حديثها آنذاك للقناة الرابعة البريطانية، تقول الأميرة جواهر: "لقد هددنا، وقال لنا إن وضعنا لن يتغير أبداً، أما بعد وفاته فإن أشقاءنا (الذكور) سيستأنفون اعتقالنا وسيستمرون في الإساءة إلينا".

وتضيف جواهر: "ما نحن إلا نموذج لما تعانيه الكثيرات، في عائلات كثيرة. ما نحن إلا مثال بسيط جداً. فإذا كان (الملك) يفعل ذلك ببناته، فماذا تظنون هي حال باقي البلد؟".

لكن اللافت أن موجة الحديث عن أسرار الأميرات السعوديات تلاشت تدريجياً، وترك الإعلام العالمي الحديث عنهنّ بعد فترة من الجدل، وهو ما لم تُعرف أسبابه ولم يُكشف مصيرهنّ، وهو ما يُخشى أن يتكرّر من الشيخة لطيفة في دبي.

يُذكر أن عدد زوجات الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (توفي عام 2015) بلغ 14 زوجة.

وهنّ؛ حصّة بنت عبد الله آل سعود، ونورة بنت عجمي المنيخر، وحصة طراد الشعلان، وتاضي بنت مشعان الجربا، ومليكة الجربا، وطريفة الفيصل آل رشيد، وهيفاء مهنا آل مهنا، وعايدة فستق، وهيا العطيشان، والعنود الفايز.

وأخريات لم تُذكر أسماؤهنّ؛ وهن: والدة الأمير خالد وهي من أسرة آل الشيخ، ووالدة الأميرة فهدة من أسرة الجمعة، ووالدة الأميرة نوف من أسرة الحثلين، ووالدة الأميرة مضاوي من أسرة الدويش.