مجتمع » شؤون المرأة

الاقتصاد هو السبب الحقيقي للسماح بقيادة النساء في السعودية

في 2018/06/25

ذا كونفرسيشن- ترجمة زياد محمد -

بعد سنوات من الحملات من قبل الناشطات السعوديات، يتم رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات في المملكة العربية السعودية رسميا اليوم 24 يونيو/حزيران، وتعد هذه المبادرة الأبرز ضمن حزمة من المبادرات الأخيرة التي اتخذها الملك السعودي وولي عهده «محمد بن سلمان»، لتعزيز دور المرأة في المجتمع السعودي.

وتشمل هذه المبادرات المزيد من فرص العمل للمرأة في القطاع العام، والتساهل فى زي المرأة، ومنح النساء حق التصويت والترشح في الانتخابات البلدية لعام 2015، وبعض الخطوات للحد من تأثير نظام ولاية الذكور الذي يلزم النساء الحصول على موافقة الذكور في القرارات المهمة.

في الأسابيع التي سبقت رفع الحظر، تم اعتقال عدد من الناشطات في السعودية، ما ألقي ببعض الشكوك على عزم الحكومة تخفيف الرقابة الاجتماعية على النساء، وحيث إن قبضة الدولة على بعض الوزارات ضعيفة نسبيًا، فإن الاعتقالات تم إرجاعها إلى تذمر بعض أجزاء المؤسسة الدينية من سرعة ومضمون عملية الإصلاح.

ومن المعروف أن السعودية هي واحدة من أكثر الأنظمة المحافظة في العالم، الأمر الذى يستدعى السؤال عن سبب تخفيف السيطرة المجتمعية على النساء فى هذه الآونة، ويبدو أنه من أهم الضروريات تعزيز الاقتصاد بجعل النساء والرجال أكثر إنتاجية في العمل.

الوضع الاقتصادي المتردي

تجد السعودية نفسها حاليا في وضع اقتصادي خطير، فخلال السنوات الستين الماضية، سمحت العائدات الوفيرة من النفط ببناء نظام رفاهية واسع، والذي يوفر مساكن مجانية وغيرها من الميزات المربحة للمواطنين، ويقدم وظائف جيدة الأجر في القطاع العام، تتميز بقلة مهام العمل، مع توفير إجازات طويلة وتقاعد مبكر.

نجح هذا النموذج جيدًا مع قلة عدد السكان ووفرة عائدات النفط، ولكن هذا لم يعد الحال مع سرعة نمو السكان واستمرار ذلك في المستقبل المنظور، واليوم فإن 60% من المواطنين السعوديين البالغ عددهم 22 مليونًا هم دون سن الثلاثين، كذلك انخفض سعر النفط في عام 2014 -على الرغم من أنه قد تعافى الآن قليلاً- الأمر الذي كان له تأثير سلبي شديد على دخل المملكة.

مع أخذ هذا في الاعتبار، أعلن ولي العهد الشاب في عام 2017 عن رؤية السعودية 2030، وهو الإصلاح الأكثر جذرية في الاقتصاد السعودي حتى الآن.

ويتمثل الهدف الطموح على المدى الطويل في تحويل الاقتصاد من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد ما بعد النفط، وإلى جلب أجزاء أكبر من السكان السعوديين إلى القوى العاملة، فمن بين 12 مليون وظيفة مدفوعة الأجر في السعودية، لا يحوز السعوديون إلا على خمسة ملايين وظيفة، بينما يشغل الوافدون الـ7 ملايين المتبقية.

ومن العناصر الأخرى في رؤية 2030 أن يكون التعيين على أساس الجدارة وليس الروابط العائلية أو القبلية.

النساء في سوق العمل

تلعب النساء دورا مهما في رؤية 2030، فالنساء السعوديات أفضل تعليماً نسبياً من الرجال ولذلك تعتقد الحكومة أنه بإمكانهن لعب دور نشط في تطوير البلاد، وقد تكون المرأة أقل ترددًا من نظرائها من الرجال لتولي بعض الوظائف - مثل التمريض أو الوظائف الأخرى ذات الصلة بالخدمات - التي يستأثر بها الوافدون، وتمثل نسبة النساء العاملات نسبة صغيرة مقارنة بمثيلاتها فى العالم، حيث يشغلن خمس العمالة السعودية بالمملكة.

ويرتبط جزء من السبب وراء غياب المرأة إلى حد كبير عن القوى العاملة بالتقاليد الثقافية والتفسيرات الدينية، فالمرأة يجب أن تعتني بالمنزل بينما يتولى الرجال وظائف خارج المنزل، ولكن هناك أيضاً مجموعة من العوائق العملية التي تجعل من الصعب على المرأة أن تلتحق بسوق العمل إذا كان عليها أن ترغب في ذلك، من بين هذه المشاكل طبيعة المرأة ووسائل النقل.

تقع السعودية في مناخ شديد الحرارة حيث من الصعب جسديًا أن تكون في الخارج في الشمس، كما تم تصميم المدن أيضًا على النمط الأمريكي بمسافات طويلة بين العمل والمنزل والخدمات والتسوق، لذا، حتى لو لم تكن هناك حواجز ثقافية، فإن إمكانيات المرأة للمشي أو ركوب الدراجات إلى العمل محدودة للغاية.

كذلك فإن وسائل النقل العام متخلفة إلى حد كبير، ولا تعد سيارات الأجرة خيارًا متاحا إلا إذا سافرت امرأتان معًا، وبموجب حظر القيادة النسائية، فإن هذا يعني أن مغادرة المرأة المنزل يجب أن تكون بصحبة قريب ذكر، أو باستئجار سائق إذا كان بإمكان العائلة تحمل التكاليف.

بالنسبة للعائلات الثرية، لا يعد استئجار سائق وشراء سيارة إضافية مشكلة، ولكن بالنسبة لغالبية أصحاب العمل في وظائف القطاع العام ، فإن استخدام سائق هو ببساطة تكلفة باهظة.

ويحث ولي العهد مؤسسات القطاع العام على إنشاء أو توسيع خدمات النقل للعاملات.

كفاءة الرجال في العمل

ولقضية النقل تأثير أيضًا على مدى كفاءة الرجال في العمل، حيث يضطر الأزواج غير القادرين على تحمل تكلفة سائق خاص على مغادرة العمل لتوصيل زوجاتهم إذا كانوا بحاجة للذهاب إلى الطبيب أو حضور أي مواعيد أخرى مهمة، ومعظم أرباب العمل في ​السعودية، على الأقل في القطاع العام، يقبلون هذه القاعدة الثقافية، ما يعني أن توصيل امرأة واحدة هي سبب مشروع لعدم التواجد في العمل.

وهذا يجعل رفع الحظر المفروض على النساء خطوة أساسية من أجل جعل الاقتصاد السعودي أكثر كفاءة على المدى الطويل، ويمكن أن يجلب المزيد من النساء المتعلمات إلى سوق العمل، مع زيادة كفاءة القوى العاملة من الذكور، ولكن في المقام الأول، فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير في المعايير الثقافية حيث سيسمح في المستقبل للرجال والنساء باحتلال نفس الأماكن والعمل جنباً إلى جنب.