مجتمع » شؤون المرأة

عن كل النساء: لا نريد مدائح بل احترامًا

في 2018/08/20

كوثر الأربش- الجزيرة السعودية-

كثيرون استغربوا موقفي الحازم من تغريدة لرئيس قسم اللغة العربية، والمشرف العام بالإدارة العامة للإشراف: ماجد بن حسن الفيفي. عندما غرد بما يلي، وأنقله نصًا: «المرأة هي المرأة في حدة انفعالاتها، تفقد الموضوعية عندما تغضب، وتذوب الفوارق بين ربة المنزل والمستشارة»

إن هذه المقولة ليست مجرد هفوة، بل كلمة تعبر عن ثقافة جيل، عن فكر ذكوري احتكر الحكمة والروية له، مجرِّدًا منها المرأة. هذا وقد وضع «ربة المنزل» في نهاية الترتيب!. هنا أتوقف، لأحاكم فكرة عشعشت وأباضت ثم أفرخت في عقول بعض الرجال. يا له من نضال حقيقي أن تحاول اجثاث فكرة قديمة؛ حيث الفكرة القديمة تشبه الصخور الجبلية التي تحتاج لقوة مضاعفة لإزالتها.

لذاك، علينا جميعًا أن نبذل جهودًا كبرى لتهيئة أرضية مناسبة، لما يحدث اليوم من تمكين للمرأة في كل المجالات، وفقًا لرؤية 2030. فلو شققنا مليون طريق للمرأة، دون إزالة الأشواك والعوائق، لن نصل للهدف، لن تتمكن المرأة من السير بسلاسة في تلك المسارات. في الحقيقة، لا أرى عائقًا أكثر وعورة من امتهان الرجال لعقلها وحصافة رأيها، اتزانها وحسن تصرفها. نحنُ النساء لا يكفينا تكرير كلمات الفخر، وعبارات التمجيد التي يمطروننا بها في كل مكان، وإن كنا نشكرهم على طيب الثناء وحسن المؤازرة. ولكن لا شيء في الدنيا يضاهي الاحترام. احترام عقولنا قبل احترام كل الحقوق الأخرى. إن فحوى تغريدة الفيفي، تؤكد على وجود هذا الفكر، الذي يعمم، ولا يفرق بين النساء، سواء كانت متعلمة أو أمية، ذات منصب أو بدونه، فكلنا حسب وجهة نظره يطيش بنا الغضب ويلغي عقولنا. كيف إذا نصبح أهلا للثقة طالما يجردنا من حلمنا وتعقلنا؟ أؤكد أن الأمر ليس شخصيًا، بل له علاقة مباشرة بذهنية جائرة، وصمت المرأة بنقصان العقل حقبًا طويلة.

ستذهب الأيام، وتغريدة الفيفي ستُنسى، لكن فكر امتهان المرأة باقٍ طالما سمحنا له بالنمو أكثر. بدءًا بالتعليم ومرورًا بالإعلام وليس انتهاءً بالمنابر، إنني أدعو هنا لمكافحة هذا الفكر، و تأسيس فكر حديث يبدأ أولاً باحترام عقل المرأة، قبل أن يطلق الأشعار وتكرار الكلام الجميل، الكلام الذي يتم نسيانه إذا اصطدم بالواقع.

غازي القصيبي رحمه الله، عندما سُئل هذا السؤال: خلف كل رجل عظيم امرأة، فمن وراءك؟ قال: (إذا أردتم الحقيقية، كلهن في الأمام ونحن نركض خلفهن). إنني أفهم هذا الركض بمعنى الاهتداء، فهل يهتدي العظماء بناقصات عقل وحلم؟