مجتمع » شؤون المرأة

«سعادة» رئيسة البلدية

في 2018/09/04

علي القاسمي- الحياة السعودية-

جاء تعيين المرأة في منصب رئاسة البلدية مفاجئاً إلى حد كبير مع تقديري لكل الذين رأوه تعييناً متوقعاً عطفاً على دخول المرأة في العديد من المساحات القيادية ووصولها إلى منصات لم تكن تحلم بها في وقت مضى، هذا التعيين الذي احتفى به بالكامل فريق النساء واحتفل به أيضا جزء من الفريق الرجالي، أعده من التحديات الكبرى والأبرز للمرأة السعودية في حكاية الإدارة والقيادة، وهنا يبرز السؤال الدقيق؛ لماذا؟.

قطاع البلديات يعد واحداً من القطاعات الغنية بالعراك والحراك والنقد المتواصل، ولعل من الصريح جداً القول بأن الرجل عانى كثيراً في رئاسة البلديات، بل إن معدل الرضا على رؤساء البلديات يعد معدلاً غير مشجع على رغم ما يبذل من جهود ولم يبلغ الحد المقنع إلا فيما ندر والنادر لا حكم له، وليت أن وزارة البلديات تعمل إحصاءً لقياس هذا المعدل على امتداد خريطة الاختصاص الكبيرة والواسعة وتعرف أن هذا الكرسي من أكثر الكراسي التي يجب تدويرها سريعاً.

تقتحم المرأة كرسي الرئاسة الأصعب حتى وإن كان من نوافذ بلديات فرعية أو صغيرة في نطاق العمل والأمل والطموح، ربما عبرت المرأة بهدوء وبلا جدل في عدد من المناصب القيادية الأخرى، لأن الكراسي منزوية إلى حد ما، فضلاً عن أنها تبعد بمسافة كافية عن جملة المطالبات المتواصلة والتقاطع المباشر من المواطن، إذ إن البلديات ذات مساس يومي هائل مع الجمهور على رغم الحماس لخلق حكومة إلكترونية في أرجائها، لست متشائما بالطبع من تعيين المرأة كرئيسة بلدية ولكني مشفق عليها بمقام أول وأتمنى أن تدرك أن مثل هذه الأمكنة ليست أمكنة هادئة أو يمكن تحمل تحدياتها وضغوطها.

البلديات من الأمكنة التي يطمح كل من يعرفها إلى أن تتغير بشكل جذري، وأن تتحول لقطاعات جاذبة ذات تعامل ميسر وواضح، ولأننا من الذين يحملون التفاؤل في أي مشاريع تحول أو تغيير لم تكن تخطر على البال في زمن مضى فإني أدعو للنساء الثلاث اللاتي اقتحمن الكرسي المسمى «رئيس البلدية» في واحدة من مفاجآت أمانة مدينة جدة ومغامراتها -إن صحت العبارة- إلى الصبر والصمت ما أمكن، وليت أن الأمانات الأخرى لا تتسرع في التجربة وخوض غمار المغامرة نفسها، امنحوا الثلاثي الجديد من فريق القيادة النسائي ستة أشهر ثم اسمعوا منهن، خذوا موجز التجربة من أفواههن ثم مرروا الفكرة على بلديات أخرى فيما لو كان النجاح الباهر حليفهن، والرضا سيد الصورة العامة، وأخشى أن يعشق نساء بلدي كل المناصب التي يرشحن لها إلا أن يكن في موضع أمين منطقة أو رئيس بلدية، أعود وأقول عجز الرجال في هذه الأمكنة أو عانوا منها، وغادروا وهم بذكريات غير جيدة أو بعطاء ضعيف، وجعلوا هذين الكرسيين في أذهان العامة كراسي لا تأتي بجديد أو يصحبها كثير من الصداع والصراع والضجيج، كراسي مثيرة وأثيرة، ولكنها مزعجة ومفتاح لأسئلة لا تتوقف.