المدينة السعودية-
«نأسف لعدم وجود وظيفة شاغرة في مجالك» .. «نأسف .. درجة الدكتوراة مؤهل أعلى من متطلباتنا» .. «نأسف .. بإمكانك التقديم على وظيفة بعد عدة سنوات».
3 لاءات مصحوبة بـ «الأسف والاعتذار» واجهتها طبيبة سعودية كرمتها جامعات العالم ورفضتها الجامعات السعودية . وربما لا أحد يصدق على الإطلاق أن طبيبة حصلت على الجائزة الأمريكية الأولى في المخ والأعصاب لا تجد وظيفة في مجالها بأي مؤسسة أكاديمية سعودية، حتى أن وزارة التعليم العالي التي ابتعثتها لم تدعمها لتجد نفسها في مهب الريح.
إنها الحقيقة المرة التي تحدثت عنها الدكتورة نرمين فايز جميل زقزوق الحاصلة على جائزة «مُبتكر العام 2018 « من هيئة جراحة المُخ والأعصاب الأمريكية Congress of Neurological Surgeons (CNS)
في المؤتمر العلمي السنوي الذي انعقد هذا العام بمدينة هيوستون بولاية تكساس بأمريكا.
تقوم فكرة بحث الدكتورة الحاصلة على الجائزة على استحداث وسيلة جديدة بالتسجيل المباشر للمستوى الجراحي في عمليات العامود الفقري بالاعتماد على الملاحة الجراحية عن طريق التصوير البصري الطبقي لتجنب إجراء عمليات العمود الفقري في الفقرة أو الفقرات الخاطئة، وتجنب استخدام الأشعة التصويرية كما هو مُعتاد في مثل هذه النوعية من العمليات.
وجاء ترشيح الدكتورة نرمين لهذه الجائزة بعد منافسة لما يفوق 60 بحثاً علمياً قُدّم هذا العام في مجال جراحة المُخ والأعصاب. وأُختير بحثها كأحد أفضل 4 أبحاث ابتكارية ودُعيت مع المنافسين الآخرين من قبل المنظمة لتقديم بحثها في المؤتمر السنوي لعام ٢٠١٨ ومن ثم جاءت نتيجة التصويت مُعلنةً فوزها بجائزة «مُبتكر العام ٢٠١٨» عن تقديمها أفضل ابتكار علمي في مجال جراحة المُخ والأعصاب. هذا وقد قامت جامعة تورنتو بكندا بتكريمها نظراً لإنجازها المُتميز، حيث كانت أول طبيبة متدربة تحصل على جائزة رفيعة المستوى في هذا المجال طيلة مسيرة الجامعة في مجال البحث العلمي في جراحة المُخ والأعصاب.
حكاية نرمين مع التفوق
نشأت نرمين في مدينة مكة المُكرمة ودرست فيها ومن ثم التحقت بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة لدراسة درجة البكالوريوس في الأدب الفرنسي .. ورافقت زوجها المُبتعث آنذاك الدكتور أحمد أحمد عطار لكندا، حيث كان يدرس درجة الزمالة في مجال المخ والأعصاب، ومن هنا كانت البداية حيث ثابرت نرمين وحصلت على بعثة مستقلة من قبل وزارة التعليم وتمكنت من الحصول على درجة الماجستير في العلاج الوظيفي من جامعة ويسترن أونتاريو بالإضافة إلى دبلوم في علوم الحاسب والأعمال التطبيقية.
تفوقت نرمين في دراستها ما جعلها تحصل على قبول لدراسة بكالوريوس الطب والجراحة في جامعة مكماستر وهي إحدى جامعات كندا الشهيرة والأولى والرائدة عالمياً في دراسة الطب المبني على البراهين Evidence-basedMedicine والتعلّم القائم على حل المشكلات الطبية Problem-basedLearning.
واصلت بعد ذلك دراستها بجامعة مكماستر للزمالة كطبيبة مقيمة في مجال جراحة المُخ والأعصاب، ولم تكتفِ بذلك بل التحقت مؤخراً بجامعة تورنتو وهي الجامعة الأكبر والأعرق في كندا لا سيما في مجال الأبحاث والاكتشافات العلمية لدراسة درجة الدكتوراه في مجال الابتكارات الجراحية والهندسة الطبية. ومن الجدير بالذكر التحاقها أيضاً ببرنامجين لا يتسنّى القبول بهما لغير المتميزين والمتميزات من الأطباء والجراحين في تخصصاتهم المختلفة في كندا حيث التحقت ببرنامج تدريب الجراحين العلماء Surgeon ScientistTraining Program بجامعة تورنتو وكذلك برنامج الطبيب الإكلينيكي الباحث ClinicianInvestigator Program المُنشأ والمُشرف عليهن قبل الهيئة الملكية للأطباء والجراحين بكندا Royal
College of Physicians and Surgeons of Canada
ومن المفارقات أنه على الرغم من هذا الإنجاز الذي يُحتسب للوطن على يد الدكتورة الباحثة نرمين زقزوق إلا أنه لم يلق صدى من الجهات الأكاديمية السعودية، هذا علاوةً على أنها لم تتمكن للآن من الحصول على وظيفة في مُنشأة أكاديمية في المملكة تتناسب مع كفاءاتها العلمية للاستفادة مٌستقبلاً من خبرتها البحثية حيث جاءت الردود بين «نأسف لعدم وجود وظيفة شاغرة في مجالك»، إلى «نأسف حيث إن درجة الدكتوراة مؤهل أعلى من متطلباتنا لأطباء أعضاء هيئة التدريس»، أو « بإمكانك التقديم بعد عدة سنوات عند إنهاء دراساتك لكن لايمكننا ابتعاثك حالياً» .هذه كانت ردود جامعتين حكوميتين كما اعتذرت إحدى الشركات الكبرى عن قبولها في المستشفى التابع لها بحجة عدم وجود شواغر حاليا لهذا التخصص .
الوزارة لم تدعمني
وأضافت أن وزارة التعليم وهي جهة ابتعاثها التي دعمتها مادياً بمنحها بعثة لدراسة درجة الزمالة لم توافق على دعمها لدراسة درجة الدكتوراه بالإضافة للزمالة. وعللت الوزارة سبب الرفض أن اللوائح والأنظمة لا تسمح بدراسة درجة علمية أُخرى بالتزامن مع برنامج الزمالة حيث تُعتبر درجة الدكتوراه درجة إضافية وليست الدرجة الأساسية التي أُبتعثت من أجلها ما جعلها تدرس الدكتوراه على حسابها الخاص.
وأردفت قائلة: وجدت نفسي أمام طريق مسدود لمحاولة إقناع وزارة التعليم أو أي مؤسسة علمية في المملكة بأهمية وقيمة البحث العلمي الذي دفعني لدراسة درجة الدكتوراه رغم تطلعاتي المستقبلية بالعمل في مُنشأة أكاديمية في إحدى جامعات المملكة كعضو هيئة تدريس ومواصلة نشاطي في البحث العلمي والابتكار في مجال جراحة المخ والأعصاب لخدمة مجتمعنا والارتقاء بمستوى البيئة الأكاديمية لدينا.
وتابعت..على أية حال لازلت منشغلة بتحقيق حلمي فنحن ينقصنا أطباء وجراحين مُنتجين للأبحاث العلمية المُعتبرة التي يُعتد بها عالمياً لدفع عجلة التطور في البحث العلمي في بلادنا، حيث لايخفى على أحد أننا مستهلكون فقط لما ينتجه الغرب من أجهزة وأدوية التي هي بالضرورة نتاج البحث العلمي الشاق في أي مجال ولا يقتصرهذا على جراحة المخ والأعصاب فحسب.
وأضافت : أحب أن أنوه أن المملكة تبتعث طلبتها الأطباء منذ عقود طويلة للدراسة في كندا من أجل الحصول على البورد الكندي في مجالات مختلفة ولكن مع الأسف لا زلنا معتمدين بالدرجة الأولى على ما ينتجه الآخرون.. أما حان الوقت لكي نكون في مصاف المنتجين والمصدرين للأبحاث العلمية بدلاً من تلقيها وعدم الاستفادة بما تعلمناه في الخارج لدفع عجلة البحث العلمي من أجل النهوض بالوطن؟
•3 لاءات مصحوبة بـ «الأسف والاعتذار» أغلقت الأبواب أمامها
•مؤسسات أكاديمية رفضتها قدمي أوراقك بعد عدة سنوات!!
•الوزارة ساعدتها في البداية لكنها تخلت عنها في نهاية المشوار