الخليج أونلاين-
انطلقت الثورة السورية في مارس 2011، مطالبة بالحرية والكرامة، ومتأثّرة بالربيع العربي، والذي اتخذته بعض الدول الخليجية عدواً لدوداً منذ اللحظة الأولى.
لم تأخذ أبوظبي والرياض موقفاً حاسماً من الثورة السورية في بدايتها، بل ظلّتا متردّدتين لبعض الوقت، ثم قطعتا العلاقات الدبلوماسية بعد 5 أشهر من العنف.
ولكن النتائج أثبتت أن هاتين الدولتين، ودولاً عربية أخرى، كان لهما أدوار عبثية وتخريبية على مدار أيام الثورة، خصوصاً في الشق العسكري منها؛ كصناعة ولاءات لكيانات عسكرية كاملة كانت تدين لإحدى العاصمتين لا للثورة السورية وأهدافها ومحليّتها.
وتراجعت المعارضة عسكرياً أمام عنف كبير جداً نفّذه نظام الأسد، بدعم لا محدود من روسيا وإيران وعشرات الآلاف من المليشيات الطائفية، مقابل فصائل مشتّتة عسكرياً أراد داعموها أن تبقى كذلك حتى لا تصل لأي نتيجة خلاص نهائية.
الرياض تواجه الإخوان بالسوريين
ففي مقال جديد نشرته جريدة الرياض السعودية بعنوان "عودة إلى سوريا!"، لكاتبه عادل الحربي، قال فيه: "لو نظرنا إلى الهدف الأساسي للدول المؤيّدة للثورة في سوريا فسنجد أنها حقّقت أهدافها والتزاماتها، ولا مصلحة لها باستمرار الوضع الحالي فيها، إذ قطعت الطريق على تنظيم الإخوان (المسلمين)!".
وأضاف الكاتب السعودي: "لقد تم تدمير تنظيم داعش الإرهابي، وعاد الأسد للإجماع العربي بشروط أقل في ظل تشرذم المعارضة".
وبيّن الحربي أن "النجاح أن تخرج من هذا الخراب بصفقات ناجحة؛ أهمها مع الجانب الروسي عبر إغلاق ملف الخلاف الوحيد مع موسكو في سياق حل إقليمي نافذ وتم إقراره.. روسيا تريد بقاء الأسد ولو لفترة انتقالية تحفظ ماء الوجه، والجميع يريد الحل الإقليمي الشامل.. على قاعدة.. أكبر قدر من المكاسب".
ومن هنا يظهر أن السعودية لم تقف في وجه نظام الأسد لأنه مجرم وقاتل، وهو ما يؤكّده الكاتب السعودي في مقاله، وليس لمواجهة إيران لأنه أمرٌ منتهٍ؛ بل لقطع الطريق على الإخوان المسلمين في سوريا، وهو ما جرى في مصر عبر الانقلاب العسكري الذي نفّذه عبد الفتاح السيسي.
ففي عام 2014، أصدر كل من الإمارات والسعودية قوائم بالجماعات التي تعتبرها إرهابية، ووضعتا على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة"، في حين لم يضع أي من الدولتين نظام الأسد وأياً من رموزه على قوائم الإرهاب، رغم اتهام منظمات حقوقية دولية للنظام بارتكاب جرائم ترقى لجرائم ضد الإنسانية، وإرهاب دولة، واستخدام كافة أنواع الأسلحة المحرّمة دولياً، ومنها الكيماوي.
وسبق للكاتب السعودي، جمال خاشقجي، الذي اغتيل في قنصلية بلاده في أكتوبر 2018، أن عبّر عن خيبة أمله (في نوفمبر 2017) من عداء السعودية لثورات الربيع العربي، مؤكداً أنه كان يتمنّى "أن تحتضن السعودية الربيع العربي، وتتعامل معه كظاهرة حقيقية وليس كمؤامرة"، إذ اعتبر أن "مواجهة ذلك التحوّل هو سبب الفوضى التي تشهدها المنطقة حالياً".
ورغم أن كل المؤشرات توحي بأن الرياض دعمت الثورة السورية لمواجهة إيران في سوريا، لكن أن "بعبع" الإخوان المسلمين هو ما كانت تواجهه، بحسب كاتبها، إذ إن إيران تقدّمت في كل الأماكن التي واجهتها بها السعودية.
الإمارات دعمت الأسد منذ بدء الثورة
وسارت الإمارات على خُطا السعودية، وربما سبقتها في كثير من الملفات بما يخص سوريا؛ بسبب عدائها الأكثر صراحة لجماعة الإخوان المسلمين، واعتبار أي مظاهرة تخرج في أي بلد عربي أياً كان هي من تنظيم الإخوان، وهو ما يتهكّم به عشرات الناشطين يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي، استناداً للإعلام المصري والإماراتي والسعودي.
وأعلن مسؤول في نظام "بشار الأسد" بسوريا، أمس، أن الإمارات كانت أول دولة عربية تدعم نظامه وتدعوه لقمع المتظاهرين.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوّراً لشريف شحادة، عضو مجلس الشعب السوري، يتحدّث في إحدى الفضائيات قائلاً: إن "الإمارات أرسلت لسوريا سيارات مدرّعة لقمع المتظاهرين منذ بداية الثورة".
وأضاف: "جاء إلى سوريا أول وفد من الإمارات، وطلب من المسؤولين قتل المتظاهرين لأنهم من الإخوان المسلمين، قبل انتشارهم في سوريا والوطن العربي".
من جانب آخر كشفت صحيفة "يني شفق" التركية، يوم الجمعة، تفاصيل جديدة عن تورّط الإمارات والسعودية بمقتل قيادات من المعارضة السورية العسكرية؛ بعد تزويد نظام الأسد بمواقع وجود هذه القيادات، الذين زوّدتهم مسبقاً بهواتف "الثريا" المتّصلة بالأقمار الصناعية.
وبيّنت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه "الخليج أونلاين"، أن ما يقارب 80 قيادياً معارضاً لنظام الأسد اغتيلوا في سوريا، بين عامي 2012 و 2014، أرسلت لهم السعودية والإمارات المئات من هواتف "الثريا" متّصلة بالأقمار الصناعية، وشاركت مواقع أهم أسماء قياديي الثورة السورية الذين يمتلكونها مع أجهزة استخبارات نظام الأسد.
وبحسب الصحيفة، فقد تسبّبت أبوظبي والرياض عبر هذه الخدعة بمقتل كل من زهران علوش قائد فصيل "جيش الإسلام"، وعبد القادر الصالح قائد "لواء التوحيد"، وحسان عبود قائد حركة "أحرار الشام".