يدور فيلم "سعودية هاربة"، الذي عُرض في مهرجان "صاندانس" السينمائي بالولايات المتحدة لعام 2020، حول سعودية شابة تخطط للهرب عشية زواجها المدبر، وتشترك عن بعد مع مخرجة أفلام أوروبية لتسجيل الأحداث التي تدور بعد ذلك.
يتم تشويش الوجوه في الفيلم مع استثناء الفتاة التي يدور حولها موضوع الفيلم الوثائقي والمصورة السينمائية في الوقت نفسه. ويُشار للفتاة باسم "منى" فقط دون اسم عائلتها، والأسباب واضحة في ظل سردها لتخطيطها للهروب من بلد قمعي، مستخدمة عرسها كخطة جريئة لذلك.
صورت "منى" قصتها من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2019 باستخدام هاتفين ذكيين ككاميرات خفية بمساعدة من المخرجة السويسرية الألمانية "سوزان ريجينا موريس".
قابلت "موريس" الفتاة السعودية، التي كانت مقيمة في جدة، والبالغة من العمر 26 عامًا، من خلال مجموعة دردشة للنساء اللواتي يحاولن الهرب من المملكة. وبعد تعليم "منى" أساسيات التصوير، تواصلت معها المخرجة طوال أسابيع التصوير.
وضعت "موريس" والمحررة المنتجة "كريستيان فراي" اللقطات الناتجة في فيلم وثائقي بسيط يوفر نظرة ثاقبة من بطلة القصة للثقافة العالقة بين التقاليد والحداثة. كما تصف "منى" الأمر بتعليقها الصوتي الذكي.
تشرح "منى" لأخيها الصغير أن كونها امرأة في السعودية، وابنة رجل متحجر التفكير، فلا يُسمح لها بالخروج بمفردها، حتى لو كانت حياة العائلة اليومية حديثة وميسورة. ولكي تحصل على دروس في القيادة أو تجدد جواز سفرها، فإنها تحتاج إلى إذن من والدها أو زوج المستقبل.
يرد أخوها الصغير: "أنا سعيد للغاية لأنني لست فتاة". يلاحظ الطفل تسجيلات أخته "السيلفي" في غرفة نومها، ويهدد بطريقة طفولية بتدمير سرية مشروعها.
لكن طفولته ليست بريئة كما يجب أن تكون؛ فهو يتعرض للضرب المتكرر من قبل والده، ويعرف أن ذلك خطأ لهذا يقول لأخته: "اتصلي بالشرطة الآن ليأخذوي أبي".
لكن الفيلم ليس تجربة مظلمة مليئة برهاب الاحتجاز كما قد تتوقع؛ حيث تتضمن اللقطات التي تم تصويرها سرا مشاهد لحشود الحجاج في الكعبة المشرفة في مكة المكرمة والبهجة الجماعية لوجبات الإفطار خلال شهر رمضان.
تشعر "منى" بالارتباط العاطفي وتعترف بكرامة العديد من التقاليد التي ترعرعت عليها، لكن حساسيتها الفنية (بما إنها عملت لفترة وجيزة خارج المنزل كمصممة) تجعلها ترفض المعاملة الأبوية للنساء في ثقافتها، وترفض الاعتقاد بأن مثل هذا القمع وسوء المعاملة هو أمر من الله.
فهي تقول في تعليقها الصوتي، مخاطبة الجمهور غير المرئي: "لا يحق لأحد أن يفرض علي هذه الأشياء"، بينما تنصحها جدتها، التي تتطلع إلى زواجها المرتب والتضحيات التي لا مفر منها التي تتبعه، بالصلاة والطاعة.
خضعت "منى" لضغط الزواج لأنها ترى شهر العسل بأبوظبي فرصتها في الهرب، لكن خطورة الخطة تتكشف حتى مع توجيهات ناشطة سعودية خارج المملكة مع ظهور المزيد من التفاصيل حول الاحتفال بالعرس وطريقها المأمول إلى أوروبا.
يقترب تاريخ انتهاء صلاحية جواز سفر "منى"، ويتصاعد التشويق، وبينما ينتظر حفل الزفاف دخولها، فإنها تراقب بشكل محموم تحميل محتويات الفيديو من هاتفها إلى جهاز كمبيوتر محمول.
صحيح أن كل عروس تمثل إلى حد ما، لكن "منى" تستحق جائزة الأوسكار، ونحن نشاهدها تتحول (مثل العديد من العرائس المعاصرات) إلى أميرة أوروبية، مكملة المظهر بعدسات زرقاء على عينيها البنية، وسط تركيز والدتها المبتهج غير المحدود على "الزفاف المثالي" الذي تعرف "منى" أنه محض تظاهر.
في اللحظات الأخيرة، يتعقد الشعور الممض بالذنب والحب باعتراف مذهل من والدة "منى"، ويظهر التساؤل حول ما إن كان يجب إكمال الخطة أم لا.
الخلفية الموسيقية تتصاعد بشكل مؤلم مذهل، وينتهي الفيلم بصوت يقدم رسالة بسيطة، لكنها مؤثرة بعمق.
يعكس إعداد الفيديوهات التي شكلت الفيلم، عملا شجاعًا، حتى -أو خاصة- عندما لا تستهدف العدسة سوى "منى".
على عكس الصور المشوشة للعائلة والأصدقاء والغرباء، فإن الذكاء الجائع في عينيها الحنونتين يزداد قوة، وهي ليست الوحيدة الشجاعة؛ إذ تهرب حوالي ألف امرأة من السعودية كل عام، وفقا لما يقوله القائمون على الفيلم.
ذا هوليود ريبورتر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد-