مجلة “إيكونوميست”-
قاربت مجلة “إيكونوميست” بين مسبار الأمل الإماراتي، ويأس الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي، محمد بن راشدالمكتوم في مقال بعنوان “الأمل واليأس: الإمارات تدفع مسبارين إلى العالم الخارجي”.
وجاء في المقال: “بدت بالتأكيد مثل فيديو صنعته رهينة: فيديو بلقطات قريبة متوترة وداخل غرفة مظلمة”، وفي 16 شباط/ فبراير نشرت بي بي سي التسجيلات المسربة من الشيخ لطيفة، والتي حاولت مرتين الفرار، متهمة والدها بالقسوة، وهو ما ينفيه. وانتهت محاولتها الثانية بالقبض عليها في يخت بالمحيط الهندي. واليوم تزعم أنها تحت الإقامة الجبرية فيما يبدو وكأنها “زنزانة انفرادية” وبدون عناية طبية. وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنها ستطرح الموضوع مع الإمارات التي تعتبر دبي جزءا منها.
وتعلق المجلة أن التسجيلات ظللت على ما اعتبرتها الدولة النفطية لحظة انتصارها. ففي 9 شباط/ فبراير، أنهى مسبار رحلة تسعة أشهر، بطول 493 مليون كيلومتر نحو المريخ. وبوصوله إلى مدار المريخ، فقد أصبحت وكالة الفضاء الإماراتية الجهة الخامسة التي تصل إلى الكوكب الأحمر، والأولى في العالم العربي. وسيبدأ المسبار بين شهرين من التصحيح وتعديل المسار بدراسة فضاء المريخ ويرسل البيانات بحلول أيلول/ سبتمبر. وتمت إضاءة برج خليفة أطول بناية في العالم بالأحمر احتفاء بالمناسبة، فيما انتشرت صور على منصات التواصل الإجتماعي تظهر حاكمي أبو ظبي ودبي، أي العاصمة السياسية والمركز التجاري يسيران يدا بيد وخلفهما صورة لكوكب المريخ.
والمكوك بالطبع هو جزء من الهندسة الأمريكية القديمة، كما أن مسبار الأمل لا يعتبر مغامرة عربية باستحقاق، أقل من نصف فريق العاملين في المشروع وعددهم 450 باحثا هم من الإمارات، وتمت الاستعانة بالبقية من الجامعات الأمريكية. وتم تجميع المسبار في جامعة كولورادو، وأطلق إلى الفضاء عبر صاروخ ياباني. وتعلق المجلة أن العلوم هي عبارة عن فريق رياضي، فقد تعلم رواد الفضاء الأمريكيين من الصواريخ الفضائية الروسية. ويقول الإماراتيون إنهم تعلموا مهارات جديدة بشكل سيقود إلى صناعة فضاء محلية. ويقول عمران شرف، مدير برنامج مهمة المريخ: “خمس أو عشر سنوات من الآن أود رؤية شركات إماراتية ومهندسين إماراتيين ينجزون القطع الفضائية ليس للإمارات ولكن للخارج”.
وتقول المجلة إن السياسة لم تكن أبدا بعيدة عن المناسبة، فاللوحات الإعلانية على الطريق السريع التي عادة ما تحذر المسافرين عليه من الاصطدام أو الغيوم أعلنت بالعربية: “تهانينا للعرب، وصل مسبار الأمل للمريخ”.
وتعلق أن الإمارات ليست الدولة الوحيدة التي تحاول تصدير الأيديولوجيا للمنطقة. ففي القرن العشرين حاولت مصر تصدير القومية العربية، والسعودية حاولت تصدير السلفية الإسلامية. وهما قائدتان طبيعيتان، فمصر هي أكبر دولة عربية من ناحية عدد السكان. أما السعودية فهي التي تشرف على سلامة الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة. وتظل الإمارات صغيرة لا يتجاوز سكانها المليون نسمة، وستحيي مناسبة 50 عاما على تأسيسها في كانون الأول/ ديسمبر. وتقدم الإمارات نفسها على أنها دولة ما بعد أيديولوجية بشكل يجعل من الاحتفال بإطلاق مركبة فضاء مناسبة للتوعية العلمية. وهذا هو بالضرورة أيديولوجيا لا يتردد صداها في الدول العربية المختلة وظيفيا.
ففي لبنان، مثلا، لاحظ البعض الفرق. فمنذ بدء مسبار الأمل رحلته، عانت بيروت من انفجارات وتماحك الساسة حول الحكومة والمناصب في الدولة الفاسدة. وأطلق عرب آخرون النكات حول مشاريع البنى التحتية المتواضعة التي طالت أكثر من ستة أشهر.
وتصف الإمارات مسبار الأمل إلى المريخ بأنه تحد للعرب “لو استطاعت الإمارات الوصول إلى المريخ في أقل من خمسين عاما، فأنت تستطيع عمل هذا في ضوء تاريخنا” كما يقول شرف.
وتعلق المجلة في النهاية أن الإمارات تحتاج لتحسين حقوق الإنسان والحريات كما تظهر قصة الشيخ لطيفة.