زينب كايا/كلية لندن للاقتصاد - ترجمة الخليج الجديد-
بالرغم من أن إعطاء الحق للمرأة الكويتية في الاقتراع لم يؤد إلى مستويات عالية من المشاركة النسائية الانتخابية، إلا أن التصويت والترشح في الانتخابات أثر على النظرة العامة لأدوار المرأة في السياسة الانتخابية مقارنة بالسابق.
ويرجع الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى الجهود التي بذلتها الناشطات في مجال حقوق المرأة ومنظمات المجتمع المدني وكذلك النساء اللواتي شاركن بنشاط في السياسة. ومع ذلك، يحتاج هذا العمل إلى دعم متسق ومدروس وبناء من الحكومة. ويعتبر ذلك ضروريا للتغلب على العديد من العقبات والتحديات القائمة.
ومنذ إدخال حق المرأة في الاقتراع في عام 2005، كان عدد النساء المنتخبات للبرلمان صغيرا جدا حيث نجحت 10 نساء فقط في الدخول إلى البرلمان منذ ذلك الحين. ولم يتم انتخاب أي منهن في انتخابات 2020 التي أدت إلى برلمان جميع أعضائه من الرجال.
وكشفت المقابلات التي أُجريت لصالح مشروع بحثي تم الانتهاء منه مؤخرا في كلية لندن للاقتصاد أن عدم المساواة بين الجنسين تلعب دورا مهما في منع انتخاب النساء بسبب نظام الصوت الواحد في الكويت. وبسبب عدم المساواة يكون من الصعب على النساء الحصول على الأموال اللازمة للحملات الانتخابية ما يجعل من الصعب الوصول إلى المساحات السياسية وبناء الشبكات.
وتتعرض النساء اللاتي يترشحن للمناصب إلى التحيز الجنسي والنقد والتشهير العلني، ما يضيف صعوبات وتوترا إضافيا إلى تجربتهن السياسية.
ومن ناحية أخرى، لا يعني انتخاب عدد قليل من النساء منذ عام 2005 أن النساء لا يشاركن في السياسة. وقد ترشّح عدد قياسي من النساء للبرلمان في الانتخابات الأخيرة. ويشغل عدد متزايد من النساء مناصب غير منتخبة في الحكومة.
ويجب أيضا النظر إلى النشاط الحقوقي والاجتماعي والاقتصادي ومشاركة المرأة في النقابات والجمعيات السياسية باعتبارها مشاركة سياسية. وتضغط ناشطات حقوق المرأة لتغيير "الخطاب الجندري" حول مشاركة المرأة ويقمن بالعمل من خلال منصات مثل قائمة "مضاوي" لدعم المرأة في السياسة.
ولا يعني عدم انتخاب عدد كبير من النساء في البرلمان أن الجهود المبذولة لزيادة المشاركة السياسية للمرأة قد فشلت ولم يكن لها أي تأثير. على العكس من ذلك، غيرت هذه التطورات الخطاب حول أدوار المرأة السياسية والعامة.
على سبيل المثال، تتمتع المرشحات والناخبات الآن بإمكانية الوصول إلى الديوانيات، على الأقل خلال فترات الانتخابات، وهي أماكن اجتماعات ونقاشات كانت محصورة على الرجال، وتدير بعض السياسيات مثل "غدير عسيري" ديوانياتهن الخاصة، وهي مفتوحة لكل من النساء والرجال.
وأصبحت فكرة المرأة البرلمانية الآن أكثر قبولا بشكل عام، ولكن ربما أقل قبولا في القطاعات الأكثر تحفظا وقبلية في المجتمع الكويتي. ويعد الجيل الأصغر من النساء أكثر وعيا بحقوقهن، وهو ما قد يكون نتيجة لزيادة نشاط الشباب في الكويت بشكل عام، والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك 15 عاما من منح المرأة حق التصويت السياسي.
ونتيجة لانتخاب النساء لعضوية البرلمان، تغير الخطاب السياسي أيضا بشكل طفيف؛ حيث طرحت السياسيات قضايا لم تتم مناقشتها على نطاق واسع في البرلمان من قبل. على سبيل المثال، لا يمكن للبرلمان الكويتي الآن الحديث عن قضية الإسكان دون الإشارة إلى النساء غير المتزوجات والمطلقات والأرامل.
وعلى الجانب الحكومي، كانت الوزيرات أكثر استعدادا للاستجواب في البرلمان ومواجهة التصويت على الثقة. وقال أولئك الذين تمت مقابلتهم في البحث المذكور أعلاه إن الوزراء الذكور عادة ما يستقيلون قبل التعرض للاستجواب.
وأدى حق المرأة في الاقتراع إلى تغيير كبير في العملية الانتخابية. ولا يأخذ المرشحون والسياسيون النساء الآن بجدية أكبر فحسب، بل يتحدثون أيضا عن قضايا المرأة وما يثير اهتمامها. وبالطبع، لا تتحول وعودهم الانتخابية عادة إلى تشريعات بعد انتخابهم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عدم وجود دعم لمثل هذه المبادرات بين النواب الذكور. ومع ذلك، يقوم السياسيون الذكور الآن بنصب الخيام الانتخابية للنساء وتشكيل لجان نسائية. وقد قام حتى المرشحين الدينيين بدمج قضايا المرأة في برامجهم الانتخابية لحاجتهم لأصوات النساء.
وأخيرا، هناك تغيرات في الخطاب الديني والقبلي المحافظ حول المرأة. وبعد حق الاقتراع، توقفت بعض الجماعات المحافظة عن اعتبار القيادة السياسية للمرأة حراما أو غير مقبول. وساهم ظهور المرأة في السياسة في تخفيف العادات المتعلقة بالفصل بين الجنسين.
وتغير الخطاب الأكاديمي بعد حق المرأة في التصويت كذلك، وهو ما يمكن ملاحظته في المناهج الأكاديمية التي تركز بشكل متزايد على الدراسات الجنسانية والنسوية وتشكيل مراكز بحثية تهتم بدراسة قضايا المرأة.
ومع ذلك، فإن حق المرأة في الاقتراع ومشاركة المرأة في السياسة كشفت أيضا عن عدم المساواة بين الجنسين والتحيزات الكامنة في النظام الكويتي كما أوضح تقرير بحث كلية لندن للاقتصاد. وقال أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم: "أظهر حق المرأة في التصويت الكثير من التحيز ضد النساء".
وفي الواقع، أظهرت العملية أن الاقتراع لا يغير بسهولة عدم المساواة القائمة وأن الواقع لا يزال قاسيا. وما زال من الصعب على النساء أن يتم انتخابهن في البرلمان.