وكالة الأنباء الفرنسية-
سلطت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها الضوء على الاستعدادات للاحتفال بـ"عيد الحب" في السعودية، والذي كان من التابوهات المحرمة قديما في المملكة.
ورصد مراسل الوكالة الفرنسية في السعودية مظاهر الاحتفال في الشوارع والمحلات التجارية، التي قامت بعرض العديد من الملابس الداخلية باللون الأحمر في واجهات المحلات.
وذكر التقرير:"تكتسي واجهات المحال في السعودية هذه الأيام بملابس وقمصان نوم حمراء، لكنّ الخصومات الكبيرة المرتبطة بعيد الحب لا تشير لاسم المناسبة التي كانت قبل سنوات محظورة تماما في المملكة التي تشهد انفتاحا غير مسبوق."
وتابع أن ما وصفه بهذا "الغزو الأحمر" في واجهات المحال في مركز بانوراما التجاري في وسط الرياض، بمثابة تقدم كبير عما كان عليه الحال قبل سنوات، حين كانت الشرطة الدينية تلاحق حاملي الورود الحمراء في هذا التوقيت من كل عام.
احتفال صامت
وتعرض المحال قمصان نوم وسراويل نسائية ومشدّات صدر حمراء في قلب واجهاتها الزجاجية وتقدم خصومات كبيرة على الأسعار تصل إلى 50 %، لكن من دون أن تذكر صراحة أن الأمر مرتبط بالمناسبة التي ينتظرها العشاق.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن البائعة السعودية خلود (36 عاما) التي ارتدت عباءة سوداء وغطت وجهها: "لم يكن الناس يحتفلون بعيد الحب (لكن) الآن أصبح عدد كبير من السعوديين يحتفلون به".
وتابعت خلود في حديثها لـ"فرانس برس" وخلفها قمصان نوم وسراويل حمراء أنّ "هناك إقبالا كبيرا (على الملابس) خلال عيد الحب. الزبائن يطلبون اللون الأحمر بكثرة والعائدات كبيرة".
وأضافت بحماس أنّ "الحب ملح الحياة والاحتفال به أمر جميل سواء بين زوجين أو حبيبين".
ومن جانبها قالت المصرية شروق حسانين (40 عاما) لوكالة "فرانس برس": "كان عندي مشكلة أن زوجي غير قادر أن يفاجئني ويشتري لي قميص نوم أو ملابس داخلية في عيد الحب".
وأضافت رفقة زوجها الملتحي الذي ارتدى عباءة داكنة أنّ "كل شيء تغير إلى الأفضل، أشعر أننا مثل باقي العالم".
ولسنوات طويلة لم يكن بوسع السعوديين الاحتفال بعيد الحب، وكانت الشوارع والمتاجر والمطاعم تخلو من أي مظاهر احتفالية بهذه المناسبة.
ولا تحتفل السعودية سوى بالأعياد الدينية الخاصة بالمسلمين ويومها الوطني في سبتمبر.
وفي مركز "غرناطة" التجاري في شرق الرياض. أوضحت بائعة سعودية فضلت عدم ذكر اسمها لحساسية الأمر "حاليا بات بوسعنا عرض ملابس داخلية حمراء بأريحية في واجهة المحل".
وأشارت في حديثها للوكالة إلى أن "هناك زبائن كثيرين يطلبون ملابس داخلية حمراء في عيد الحب". لكنّها أوضحت "نوفر خصومات خلال فترة عيد الحب لكننا لا نسميها خصومات عيد الحب".
وهو ما أكدته بائعة أخرى لم تكشف اسمها قائلة "الإدارة تطلب تزيين واجهة المعرض بالملابس الحمراء… لكن دون ذكر اسم عيد الحب".
وقد يعود ذلك لعدم رغبة هذه الشركات في استفزاز الزبائن المحافظين.
ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017، تشهد المملكة تغيرات اجتماعية غير مسبوقة شملت السماح بالحفلات الغنائية، ووضع حدّ لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء، لكنّ هذه التغيرات ترافقت كذلك
مع حملة قمع للمنتقدين والصحافيين والمعارضين، وخصوصا الناشطات الحقوقيات.
وأفادت البائعات الثلاث أنّ الملابس الحمراء هي الأكثر مبيعا في فترة عيد الحب في المملكة حيث أكثر من نصف عدد السكان دون سن 35 عاما، وفق بيانات صادرة عام 2020.
وتقدم متاجر العطور والماكياج بالمثل خصومات كبيرة في الفترة ذاتها لاجتذاب الأشخاص الراغبين في شراء الهدايا في المناسبة.
كما تعرض محلات هدايا في الرياض تشكيلات من القلوب الحمراء في واجهاتها، أيضا دون الإشارة للمناسبة.
لكن هذا الانفتاح لا يزال يثير حفيظة محافظين في المملكة التي عرفت لسنين طويلة أنها محافظة للغاية.
وقالت امرأة ترتدي نقابا أسود فضلت عدم ذكر اسمها أثناء تسوقها في محل للملابس الداخلية "لا أريد رؤية هذه الأمور (المرتبطة بعيد الحب) وتضايقني، لكنّ هناك أناس يفضلونها وهذه حرية شخصية لهم".