طه العاني - الخليج أونلاين
أدى تخفيف القيود عن المرأة السعودية إلى تعزيز حضورها وتفعيل مشاركتها في مجالات الحياة كافة خلال السنوات الأخيرة.
وفي 30 يوليو 2019، وجدت المرأة السعودية نفسها أمام واقع جديد بعد إقرار المملكة تعديلات قانونية قلصت بشكل كبيرٍ نظام الوصاية، ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها المملكة لتمكين النساء السعوديات.
وبحسب القانون الذي صدر قبل 3 أعوام، يحق للمرأة السعودية ممن تجاوز عمرها 21 عاماً، الحصول على جواز سفر ومغادرة البلاد دون الحاجة إلى موافقة ولي الأمر.
كما منحت التعديلات النساء، للمرة الأولى، حق تسجيل المواليد والزواج والطلاق والخلع، وإصدار وثائق رسمية خاصة بالأسرة، إضافة إلى حق الوصاية على الأطفال القُصَّر.
مؤشرات مرتفعة
وفي تأكيد للتقدم بهذا المجال، حققت السعودية مراتب متقدمة في تقرير البنك الدولي (المرأة وأنشطة الأعمال والقانون لعام 2022) والذي غطى اقتصاد 190 دولة في 8 مؤشرات.
وتشير صحيفة "الوطن" السعودية بتقرير نشرته في مارس الماضي، إلى أن المملكة جاءت ضمن قائمة الدول التي اتخذت إجراءات إيجابية بشأن تعزيز تمكين المرأة وتحفيز مشاركتها في مناحي الحياة كافة.
وحصلت السعودية على درجة 80 من أصل 100 نقطة، وكانت النتيجة الإجمالية للمملكة أعلى من المتوسط الإقليمي الملاحظ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبالغ 53 نقطة.
ومن أبرز ما يقيسه المؤشر العالمي، في ما يخص نظام ولاية الرجل على المرأة: مدى قدرة المرأة على تحديد مكان للعيش، والسفر بلا قيود لخارج الدولة، والحصول على تصاريح العمل، وقدرتها على أن تكون معيلة مثل الرجل.
تأثير إيجابي
من جانبه، كشف المركز السعودي لاستطلاعات الرأي، عن ترحيب المجتمع السعودي بالإصلاحات الاجتماعية ذات العلاقة بتمكين المرأة ورفع الوصاية عنها، وإحساسه بتأثيرها الإيجابي على مسيرته الاجتماعية والتنموية.
وأوضحت مديرة المحتوى في المركز، أروى المهنا، أن المركز يجري سنوياً عدة استطلاعات تتناول موضوعات مختلفة لها علاقة بالشأن الاجتماعي ورأي المجتمع فيها، مؤكدةً نتائجها الترحيب القوي بالإصلاحات الاجتماعية وإدراك المجتمع لأهميتها في تطوره ونموه.
وأشارت "المهنا" في حديثها لصحيفة "الوطن" السعودية، إلى بعض النتائج ذات العلاقة المباشرة التي أجريت في عام 2021، حيث عبَّر 92% عن استحسانهم وترحيبهم بقرار السماح بقيادة المرأة للسيارة، وهذا ما يُبين أن المجتمع قد لمس الفائدة العملية الحيوية من تطبيق هذا القرار. وفي استطلاع آخر، رحَّب 62% من المجتمع السعودي بقرار ولاية المرأة على نفسها في الابتعاث والسفر.
فسخ الزواج
وفي تطور لافت، منحت السلطات السعودية المرأة الحق في فسخ عقد الزواج، بإرادة منفردة في عدة حالات، ومنحها الحق في التعويض عند عدم توثيق الطلاق وعدم علمها به.
وقالت صحيفة "عكاظ" المحلية في 28 يوليو الجاري، إن نظام الأحوال الشخصية الذي تم سريانه رسمياً، أعطى المرأة الحق في فسخ عقد الزواج بإرادة منفردة في عدد من الحالات، كـ"الفسخ للإخلال بالشرط، والفسخ للضرر الواقع عليها، والفسخ لعدم النفقة".
كما شدد النظام الجديد على عدم السماح للولي بمنع المرأة من "الزواج بالكفء الذي رضيت به".
ووفقاً للصحيفة، قرر النظام مدداً محددة للعديد من أحكامه؛ "سعياً لتحقيق الاستقرار الاجتماعي وحفظ حقوق الطرفين والأولاد، وهو ما لم يراعَ في عديد من القوانين المقارنة".
ومنح نظام الأحوال الشخصية الذي بدأ تطبيقه مؤخراً بالمملكة، للمرأة حق الاختيار الكامل ورأيها في عقد الزواج من خلال اشتراط النظام "رضى المرأة في عقد الزواج، وفسخ عقد الزواج عند عدم رغبتها في استمراره".
استقرار الأسرة
ويعد نظام الأحوال الشخصية في السعودية إحدى أدوات تمكين المرأة السعودية واستقلاليتها لتصبح من العناصر الفاعلة في مسار التنمية الوطنية، وتحقيق نقلة نوعية في حوكمة العلاقات الأسرية وتنظيمها وترتيبها وفق أسس مناسبة.
وترى الكاتبة السعودية غدير الطيار، أن نظام الأحوال الشخصية سيعالج كل مشاكل الأسرة، وبالتحديد المرأة، حيث يهدف إلى تلبية متطلبات الحياة في جوانب عدة، منها الاجتماعية والاقتصادية.
وتلفت "الطيار" في مقال نشرته صحيفة "اليوم" السعودية، في أبريل الماضي، إلى أن المملكة تواكب التطورات الحديثة في ظل رؤية دينية عصرية وتوافُق مجتمعي، حول شؤون الزواج والطلاق، وكذلك الوصاية والولاية وأحكام الولي، وما يتشعب عن ذلك من آثار الفرقة بين الزوجين أو حقوق كل منهما عند الزواج، وذلك لكي يتسنى للقضاة إصدار الأحكام السليمة لكل حالة بما يتناسب مع تفاصيلها.
وتشير إلى أنَّ منح تلك الحقوق للمرأة أسهم في حل كثير من الأمور التي كانت تسبب الفرقة والفوضى وعدم استقرار الأسر، كما عمِل على تحسين جودة الحياة وحماية الطفل واستقراره.
وتصف "الطيار" نظام الأحوال الشخصية الجديد في المملكة بأنه "نقلة نوعية كبرى وجوهرية تخص المجتمع والأسرة، تعمل على صون وحماية استقرار الأسرة وتعزيز حقوقها".
بدورها، قالت إيناس العيسى، رئيسة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، إن مسيرة تمكين المرأة السعودية شهدت قفزات تاريخية في مختلف مجالات التنمية الوطنية الشاملة.
ونقلت صحيفة "اليوم" السعودية عن العيسى قولها، خلال مؤتمر تمكين المرأة في نوفمبر الماضي، إن المملكة نفذت عدداً من المبادرات والتشريعات المهمة لدعم المرأة السعودية وتمكينها؛ إيماناً منها بأن المرأة لها الدور الأساسي في التنمية والبناء، ولتكون شريكاً فعلياً للرجل.
بقايا الولاية
ورغم التقدم الكبير الذي أحرزته السعودية في مجال تمكين المرأة وولايتها على نفسها، فإن الطريق ما يزال طويلاً لتحقيق طموحات المرأة السعودية كافة.
وبحسب صحيفة "إندبندنت عربية"، أطلقت ناشطات سعوديات في مايو 2020، أكثر من 10 مطالب جديدة تتمحور حول ما سمَّونه "إسقاط بقايا الولاية على المرأة السعودية".
وتتجسّد المطالب في إلغاء بلاغات التغيُّب والعقوق، وكذلك إلغاء ولاية الزواج، الذي أقرّ مؤخراً، وإغلاق دُور الرعاية، وإطلاق سراح السجينة بعد انتهاء محكوميتها، وتحديد سن الزواج بـ18 عاماً حدّاً أدنى.
كما طالبن بعدم إلزام المرأة لبس العباءة السوداء، وإلغاء شرط المحرم للمبتعثات، والسماح للمسعفين باقتحام المنشآت النسائية، وإنشاء شرطة مجتمعية نسائية خاصة، ومنع التنازل عن الحق الخاص في جرائم قتل النساء، والمساواة بالشهادة والإرث والدية، وتجريم الاغتصاب الزوجي.
ومن الجدير بالذكر، أن "نظام ولاية الرجل" الذي تم تعديله، كان ينص على أن يكون لكل سعودية وصيٌّ من الرجال، عادةً الأب أو الزوج، وأحياناً العم أو الشقيق أو حتى الابن، وتكون موافقته مطلوبة للعمل والعلاج والدراسة والحصول على جواز سفر والسفر إلى الخارج.