سامية الجبالي- البيت الخليجي-
أغلق باب الترشح لانتخابات مجلس الأمة الكويتي للعام 2022، استعدادًا للفصل التشريعي السابع عشر، على ترشح 376 مرشحا من بينهم 27 امرأة. يعتبر هذا الإستحقاق الإنتخابي، الذي من المتوقع انعقاده في التاسع والعشرين من هذا الشهر، استحقاقًا جوهريًا في تاريخ الكويت وقد لا يقل أهمية عن انتخابات العام 2009 التي شهدت نجاح 4 مرشحات، وهو العدد الأعلى للوجود النسوي ضمن قائمة أعضاء مجلس الأمة منذ التأسيس، ويتوقع أن تحمل النسخة الجديدة من الانتخابات عديد التغيرات باعتبارها تنعقد تحت عنوان “تصحيح مسار المشهد السياسي” وقرار القيادة الكويتية “الحازم” للحدّ من المخالفات وإنهاء الأزمات المتتالية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد.
ولئن كانت بوادر تبريد مسار العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية قد بدأت تبرز من خلال ضمان غياب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، رئيس المجلس المنحل وأحد أهم نقاط الخلاف مع المُعارضة، وذلك عقب إعلانه عدم ترشحه، فإن استحقاقات كثيرة ماتزال تنتظر دورها ولعل عودة العنصر النسائي إلى قاعة عبد الله سالم أبرزها.
فهل يكون برلمان 2022، برلمان تصحيح مسار وضع المرأة الكويتية؟
تشير التقارير إلى دخول 27 امرأة الصراع الإنتخابي للفوز بمقعد في المجلس للسنوات الأربع المقبلة، طبعا ما لم تنسحب واحدة أو أكثر منهن حتى موعد انعقاد الانتخابات. وبالنظر إلى تاريخ الترشح والمشاركة في الانتخابات فإن هذا العدد لا يمكن أن ينبئ أو يحيل على ما يمكن أن تؤول إليه الأمور عند إعلان النتائج ففي انتخابات العام 2020 ترشحت 33 امرأة للفوز بمقعد نيابي، ولم تفلح أي منهن في الظفر به.
الآمال في عودة المرأة إلى مجلس الأمة ماتزال مرهونة بتقديرات الناخبين/ات واعتبارهم مشاركة المرأة في الحياة النيابية أحد أساليب تصحيح المسار التي دعا إليها عاهل البلاد وإقتناعهم بأن نجاحها في هذه الدورة الإنتخابية هو من موجبات القطع مع الماضي بما أن البلاد مقبلة على عهد جديد، ولابد أن يكون للمرأة دور فاعل فيه.
ماذا تغيّر؟
في ما عدا الآمال بغدٍ أفضل لا يبدو أنه يوجد تغييرات تذكر على أرض الواقع، لا تزال العملية الانتخابية تجري وفق نظام يحصر الإختيار في مرشح واحد هو في بعض الدوائر نتيجة لتوافقات قبلية ومجتمعية وعائلية وحتى عقائدية، يُضاف إليها رواج خطاب ذكوري متعالٍ ومستخف بالمرأة و بقدرتها على النجاح في أداء مهامها كاملة مقارنة بنظرائها من الرجال. الأكثر من ذلك، هو ما حوته “وثيقة القيم” التي تضمنت بنوداً تعهد مرشحون إسلاميون وقبليون الإلتزام بها، رغم ما تضمنته هذه الوثيقة من تعهدات تتبنى المزيد من التراجعات والمُصادرة لحرية المرأة والحريات الشخصية في البلاد.
وعلى الرغم من أن 52% من الناخبين في الكويت هم من النساء إلا أنهن أخفقن في إحداث تغيير جذري في واقع المرأة السياسي واكتفين بالمشاركة في إحداث تغييرات على مستوى التركيبة السياسية والعقائدية الرجالية في مجلس الأمة، ذلك أن التمثيل النيابي للمرأة ما فتئ يتقهقر منذ انتخابات العام 2009 التي شهدت أعلى نسبة تمثيل نسائي لينتهي مجلس 2020 بقائمة خالية تمامًا من وجود العنصر النسائي وبخيبة أمل كبرى.
ومع عدم اعتماد نظام ” الكوتا” الذي يعتبره المراقبون للمشهد السياسي في الكويت الحل الوحيد لضمان الوجود النسوي ضمن قائمة الخمسين نائبًا، وهو ما يحسب لرئيس مجلس الأمة المنحل مرزوق الغانم الذي قدم اقتراحًا باعتماد قانون يفتح الباب أمام تطبيق نظام “الكوتا”، وهو المقترح الذي تجاهله النواب ولم يلق تجاوبًا من قبلهم. كما أنه وفي ظل عدم إقرار الحكومة في الكويت أية إجراءات في هذا الخصوص من شأنها أن تحدث التوازن داخل قبة عبدالله السالم، وإن كان نسبيًا، فإن انتخابات مجلس الأمة المزمع عقدها نهاية هذا الشهر، ستسير وفق نفس الآليات التي اعتمدت في ما سبقها من دورات.
رهانات المرأة الكويتية
يبدو أن مستقبل الوجود النسائي في مجلس الأمة القادم سيكون مرهونا بعنصرين اثنين، أولهما هو اعتبار الناخبين ومن ورائهم العائلات والقبائل الكويتية وجود المرأة ضمن قائمة النواب، مسارًا حتميًا للإصلاح وإنصاف المرأة وتجاوبًا مع القيادة السياسية في البلاد التي دعت إلى هذه الانتخابات بوصفها “تصحيحا لمسار المشهد السياسي”، وهو ما ورد على لسان ولي عهد الكويت ونائب أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي كان مصرّا على وضع حدّ لحالة الجمود التي أثّرت على كل قطاعات الدولة.
أما العنصر الثاني الذي ترتهن إليه عودة المرأة إلى التمثيل النيابي فهو وعي الناخبات الكويتيات بأهمية وجود عناصر نسائية داخل قبة البرلمان، وربما تكون صدمة خلو البرلمان السابق من التمثيل النسائي بمثابة الصفعة التي ستوقظ الناخبات وتلفت نظرهن إلى ما تسببن فيه من تراجع لدور المرأة وإهدار لمجهود سنوات من النضال من أجل تحقيق هذه المكاسب.
وفي كلتا الحالتين يبقى المصير السياسي للمرأة الكويتية مرهونا بالمزاج الشعبي وهو مزاج تحكمه العادات والتقاليد والتكتلات القبلية والعقائدية، أكثر من أي شيء آخر، على الأقل حتى صدور نتائج الفرز التي نأمل أن تأتي للكويتيات بالمفاجآت.