طه العاني - الخليج أونلاين-
على مدى العقود الماضية، حققت المرأة الكويتية تقدماً كبيراً في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد تمثل ذلك في تزايد عدد النساء اللاتي يلتحقن بالتعليم العالي ويدخلن إلى سوق العمل في مختلف القطاعات.
وتسعى الكويت منذ استقلالها إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع، حيث كانت من أوائل الدول الخليجية التي منحت المرأة حقوقها السياسية، بما في ذلك حق الانتخاب والترشح في الانتخابات.
سابقة تاريخية
شهد مجال تمكين المرأة تطوراً لافتاً في مختلف القطاعات، بما في ذلك المجال القانوني والقضائي، حيث يعتبر إصدار النائب العام الكويتي، في 8 سبتمبر الجاري، تعيين 4 سيدات في مناصب مديرات في النيابة العامة سابقة تاريخية في هذه المسيرة.
وأفادت وسائل الإعلام الكويتية بأن النائب العام، المستشار سعد الصفران، أصدر قراراً يقضي بنقل عدد من رؤساء النيابة إلى النيابة الكلية، وإعادة هيكلة إدارات النيابات الجزئية والتخصصية، إضافة إلى مكتب فحص البلاغات والشكاوى.
تضمن القرار، ولأول مرة، ترقية 4 سيدات إلى منصب مديرات نيابة، حيث تم تعيين منيرة الوقيان في نيابة الإعلام، ونورة العثمان في نيابة الفروانية، وغنيمة الصرعاوي في نيابة حولي، ونوف السعيد في نيابة الأحداث.
وتعكس هذه الخطوة الجهود المستمرة التي تبذلها الكويت لتمكين المرأة، وإشراكها في المناصب القيادية وصنع القرار، فيما يأتي هذا التطور ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتحقيق مشاركة أوسع للمرأة في المجتمع.
وفي وقت سابق، أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الدكتور خالد مهدي أن تمكين المرأة ركيزة رئيسية في رؤية الكويت 2035 والخطة الانمائية لانخراطها في سوق العمل على نحو يحقق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة.
وأوضح مهدي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) على هامش ندوة (تمكين المرأة اقتصادياً) التي أقامها المعهد العربي للتخطيط بعنوان (واقع وتحديات تميكن المرأة وفق رؤية الكويت 2035)، أن سياسات الخطة الإنمائية تؤكد على أهمية موضوع تمكين المرأة، مؤكداً حرص الدولة على تطوير وتمكين قدرات المرأة ليكون لها دور إيجابي ومهم في القطاعين العام والخاص.
وأضاف أن تمكين المرأة لا يعتبر ترفاً فكرياً إنما هو حاجة ملحة لتحقيق الأثر الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمساهمة في تعزيز معدلات النمو بجميع المجالات، لافتاً إلى ارتباط هذا الملف بالنمو الاقتصادي والتنموي للدولة.
ترحيب وتفاؤل
وتؤكد الكاتبة الكويتية ليلى القحطاني، بأن تعيين أربعة سيدات وكيلات للنيابة العامة، أمر لاقى صدى وترحيباً كبيرين في الكويت، كونه سابقة تاريخيّة سبقها تولي عدد من السيدات القضاء.
وتضيف في حديثها مع "الخليج أونلاين" أن توجيهات أمير الكويت الشيخ مشعل ورؤيته بدأت تتضح في دعمه لتمكين المرأة وتكريس قدر من المساواة لهن في الوظائف والترقيات.
وتعتقد القحطاني أن وجود السيدات في هذا المنصب لن يكون التحرك الأخير، ومن المتوقع أن تكون هناك تعيينات مختلفة وذات أهمية في جهات أخرى، مما ينمّ عن وعي الحكومة بضرورة اكتساب المرأة الخبرات اللازمة في عدد من المناصب.
وتلفت الكاتبة الكويتية إلى تواجد السيدات في أماكن مختلفة (في مؤسسات البلاد) قد يعطي انطباعاً عن دولة ذات مؤسسات مدنية ودستور كفل حقوق المرأة من دون تمييز.
وتوضح أن "هذه الخطوة تأتي في وقت حساس عانت المرأة فيه من سيطرة تيار متشدد في مجلس الأمة، بدأ في السنوات الأخيرة يحدّ من نشاط وتواجد المرأة الكويتية في المناصب والمحافل المختلفة، ويعرّض قدراتها ودورها السياسي والاقتصادي والمهني للتشكيك"، على حد قولها.
وترى أن قرار تعيين السيدات خطوة في الاتجاه الصحيح لتمكين المرأة، ولعل ترحيب المجتمع من كتّاب ومثقفين وإعلاميين وحتى الشارع الكويتي دليل على ثقة المجتمع بسيداته.
وتعرب القحطاني عن تفاؤلها بوجود السيدات في هذا السلك، لعلنا نشهد تطوراً قضائياً وقانونياً خاصة في مجال قضايا المرأة والأسرة والطفل .
مسيرة مميزة
نالت المرأة الكويتية حق التصويت والترشح في الانتخابات في مايو 2005، وفي نفس العام عُيّنت أول وزيرة في تاريخ الكويت، وهي الدكتورة معصومة المبارك.
وفي السنوات الأخيرة، أظهرت الحكومة الكويتية التزامها المتزايد بتمكين المرأة من خلال إدخال إصلاحات قانونية وتشريعية تهدف إلى تعزيز مشاركتها في الحياة العامة.
وقد شملت هذه الإصلاحات زيادة تمثيل النساء في المناصب الحكومية، وتمكينهن من تولي مناصب قيادية في العديد من المجالات، بما في ذلك القضاء والنيابة العامة.
وفي عام 2020، حققت المرأة الكويتية إنجازاً آخر بشغلها مناصب قضائية، حيث تم تعيين عدد من السيدات كقاضيات رغم النقاشات التي أثيرت حينها في الشارع الكويتي وفي مجلس الأمة.
وفي 13 سبتمبر 2020، أدت 8 سيدات اليمين الدستورية كقاضيات، في خطوة تُعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الكويت، حيث جاء هذا القرار بعد توافق بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى بشأن قبول خريجات القانون لشغل منصب المدعي العام، مدعوماً بفتوى من إدارة الإفتاء الشرعي في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وجاء هذا القرار بعد مضي ستة أعوام على قبول 20 امرأة للعمل كموظفات في النيابة العامة، مما مهد الطريق لتعيين المرأة الكويتية في سلك القضاء.