جواهر بنت محمد القاسمي- الخليج الاماراتية-
يتزايد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في واقعنا المعاصر اليوم، وتتعدد موضوعات استخداماتها على مستوى الدول والمجتمعات والأفراد، ما جعلها منبراً لبث رسائل تتعدد أغراضها، ويتنوع المستهدفون منها، خاصة على مستوى الأفراد، صغاراً كانوا أم كباراً.
وإذا كانت إيجابيات التواصل تتحدث عن نفسها، وتختزل في الاطلاع على التطورات الحديثة والمؤلفات المستجدة في شأن المعارف والعلوم الإنسانية، وتوطيد التعارف الإنساني على أسس أخلاقية ومعرفية، فإن الاستخدام الذي يحتاج منا إلى وقفة تفكّر يتبعها اتخاذ قرار مهم بشأنه، هو مسألة المخاطر والأضرار التي أصبحت موجهة وبشكل مباشر إلى الأجيال الصغيرة والشابة، على وجه الخصوص. هذه الوقفة لابد منها كي نتبين سبل تجنبها حفاظاً على أولادنا الذين لا مستقبل لنا من دونهم.
ولذلك أسعدتنا دعوة أختنا سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك إلى تقنين استخدام التواصل الاجتماعي، بعد أن وصلت مضاره إلى حدود قصوى من التأثير السلبي في الأسرة والمجتمع. بل وفي الأمن والسلام الوطني. فقد وضعت سموها يدَها على هذه المسألة التي تؤرّقنا، وأصبح تأثيرها واقعاً نراه عبر كثير من مشاهدنا اليومية، داعيةً إلى وضع هذه المواقع تحت منظار قانوني يحمي مستخدميها من الوقوع ضحايا انجذابهم إلى الرديء منها من دون وعي بخطورة محتواها، وتحذرهم من جعلها وسيلة للتشهير وإلصاق التهم بالغير، واستخدام قواميس من الألفاظ غير المهذبة التي روّجتها هذه المواقع.
وتأكيداً على دعوة سمو الشيخة فاطمة.. فإن هذه المواقع زعزعت الأمان في كثير من الدول، بحيث امتد التأثير السلبي لها من الفرد فالأسرة فالمجتمع، فالوطن كله، إلاّ من رحم الله سبحانه. ما يجعلنا نشد على يد سمو الشيخة فاطمة، ونؤكد دعمنا لدعوتها الكريمة بتقنين استخدام هذه المواقع، والكشف عن مسيئي استخدامها وتقديمهم للعدالة إذا كان التأثير يضر بالمصلحة العامة.
ويكفي أن مستوى الاستخدام الرديء لهذه المواقع قد وصل إلى درجة أنها صارت لدى أصحاب الآفات النفسية وسيلة للتحرش ضد الأطفال. ما يستدعي اتخاذ موقف قوي وثابت في مواجهتها من الأسرة التي عليها أن تراقب بحزم كل ما يصل عبر هذه المواقع إلى الأبناء - أطفالاً كانوا أم مراهقين - وأن يساند المجتمع كله، بأفراده ومؤسساته المعنية، هذه المراقبة عبر وسائل توعية مستمرة لا تتوقف طوال العام. ولا تسمح بالغفلة للحظة عن الأبناء وهم يواجهون هذه الشاشات التي تتفنن في أن تكون مغناطيسَ يتجدد كل يوم، ليظل مستخدموها في حالة انجذاب مستمرة إليها تقطع بهم طريقاً لا نريده لهم.
إن الأسرة بقيادة الأب والأم، عليها أن تسعى إلى إعادة تقاليد التماسك الراقية، وإيجاد فرص للحوار الفعال بين أفرادها، وإلغاء هذا الشكل في التواصل والمتمثل باستخدام رسائل عبر الهواتف النقالة، أو حتى الحديث عبرها، فيقرب المسافات التي تسبب باتساعها بين أفراد الأسرة الواحدة، فضلاً عما كان بين الأهل والأصدقاء.
وأدعو إلى أن نشترك معاً، على مستوى الدولة، في حملة وطنية كبرى توجه رسائل إلى الصغار والكبار. إلى الأفراد والأسَر من أجل حماية أبنائنا من المخاطر المدروسة وراء الصور التي تحمل لهم سعادة زائفة في محاولة منها للقضاء على قيم دينهم ومجتمعهم، وانتمائهم إلى ثقافتهم ووطنهم.
وبهذه المناسبة أبارك لسمو الشيخة فاطمة إنشاء مجلس الأسرة الاجتماعي، وأسأل الله تعالى لهذه الخطوة بقيادة سموها، كل النجاح والتوفيق في أداء رسالتها الاجتماعية نحو تحقيق أسرة إماراتية آمنة ومستقرة، ولبنة قوية في بناء المجتمع.