الرياض السعودية-
تعتبر حالات الطلاق في المجتمع السعودي من الظواهر المقلقة اجتماعياً وسلوكياً، عطفاً على ذلك العدد الكبير من حالات الطلاق التي كشفت عنها إحدى الجهات الرسمية في المملكة، والتي تشير على سبيل المثال إلى وجود ما يقارب 34 ألف حالة طلاق خلال العام الماضي 2014م، هذا إلى جانب عدد من حالات الخُلع، يقابلها في نفس العام تسجيل حوالي 12 ألف حالة زواج مما يعني أن حالات الطلاق تمثل ثلاثة أضعاف حالات الزواج تماماً، ومن المقلق أيضاً أن حالات الطلاق تشهد تزيداً كبيراً من عام لآخر بنسبة تصل إلى 25% سنوياً عن العام السابق، وهذه الزيادة تعتبر أيضاً مدعاة للقلق وتستحث الجهات المعنية بالشأن الاجتماعي لدراسة ومعالجة الأسباب التي جعلت من قضية الطلاق واقعاً مخيف ومقلق عبر هذه الأرقام الكبيرة.
لقد تناول عدد من الباحثين في الشأن الأسري أسباب ظاهرة الطلاق، وأرجعوا ذلك إلى الكثير من الجوانب التي تتعلق بالنمط المعيشي للأسرة والمجتمع في هذا الزمن وتأثير الانفتاح والعلاقات الاجتماعية، إلى جانب الافراط في استخدام أدوات وبرامج التواصل الاجتماعي، كما أن الكثير من الفتيات في هذا الزمن غير مهيئات من أسرهن لتحمل المسؤوليات الزوجية وأعبائها بل يغلب على بعضهن طابع الاتكالية وعدم الإلمام بما لها وما عليها داخل محيط منزل الزوجية، هذا إلى جانب أمور سلبية من قبل الزوج من سوء معاملة أو سوء سلوك شخصي أوتعاطي المخدرات، وكذلك عدم المسؤولية، مع عدم توفير متطلبات الزوجة التي قد تكون جاءت من أسرة ثرية لتصطدم بشاب في بداية مشوار حياته، وفي كل الأحوال تمثل ظاهرة الطلاق أحد أهم مظاهر القلق الاجتماعي.
ومن ناحية أخرى تعتبر ظاهرة تأخر زواج الشباب والشابات من الظواهر الاجتماعية الداعية للقلق أيضاً، وبالذات فيما يخص الفتيات وهي ما يطلق عليها في البحث الاجتماعي- العنوسة -، وقد تم تداول بعض الإحصائيات مؤخراً في أكثر من مصدر، وبغض النظر عن مصداقيتها وواقعيتها إلا أنها تعبّر عن وجود هذه الظاهرة بشكل يستدعي التوقف عندها، والتعرف على أهم الجوانب التي يمكن من خلالها خفض هذه الأرقام بقدر المستطاع ويأتي في مقدمة ذلك وفق رأي المتخصصين في الشأن الأسري والاجتماعي تحفيز الشباب على الزواج المبكر وتخفيف تكاليف حفلات الزواج وكذلك تقليل المهور، وتجاوز بعض العادات والتقاليد في قضية قبول المتقدمين للزواج ثم إن موضوع تعدد الزوجات لدى الزوج الواحد يعتبر من أهم وسائل، تقليل هذه الأعداد من العوانس.
وأمام هذه القضية بدت الكثير من الفتيات يقبلن بالزواج من الرجل المُعدد كي لا يفوتهن قطار الزوجية، كما أن بعضهن قد لجأن إلى التعبير عن هذه الرغبة لدى الخاطبات ولدى بعض الجمعيات المتخصصة بهذا الموضوع، أو من خلال بعض مواقع الزواج الإلكترونية، وهذه من أخطر الوسائل التي يجب الحذر منها والتنبيه إلى عدم الاعتماد عليها في الوصول إلى فارس الأحلام.
أسباب اجتماعية
في البداية قال د. الحميدي محمد الضيدان- مستشار نفسي وتربوي وأُسري-، عن ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع السعودي وظاهرة تأخر الزواج عند الشباب والشابات، بأن هذا أمر وهاجس أصبح يؤرق المجتمع لما لهذا الموضوع من تماس مباشر بجميع أطياف المجتمع، وأرجع الأسباب التي أدت إلى المساهمة في ارتفاع نسبة الطلاق، بأن ذلك يعود إلى قلة الوعي المجتمعي بهذه الظاهرة، وألمح إلى أن من الآثار التي قد تؤدي إلى ذلك منها عدم الاختيار الجيد لاختيار شريك الحياة وعدم التكافؤ الفكري والنفسي والتعليمي وعدم تحمل كل طرف دوره الحقيقي داخل الأسرة، وارتفاع السقف المتوقع لكل منهما وعدم التهيئة النفسية والاجتماعية للمقبلين على الزواج، وأشار إلى أنه يمكن التقليل والحد من هذه الظاهرة من خلال المساهمة الحقيقية لمراكز التنمية الاجتماعية وقيامها بالدور المنوط بها، وإقامة الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج - تطبيق شرط الحصول على رخصة القيادة الأسرية- وتوعية المجتمع بأهمية دور الأسرة في بناء الكيان الاجتماعي.
وعن دور مؤسسات المجتمع المدني قال د. الضيدان بأن أي مجتمع لا يمكن أن يرتقي إلا بمؤسساته وتفاعلها في المجتمع داعياً الإعلام والمسجد والجامعات وغيرها بأن يكون لها مساهمة فاعلة في التوعية، وحول خطورة وتأثير ظاهرة الطلاق أكد بأنها تتجسد في إضعاف جسد المجتمع وتهدد البنيان الاجتماعي وكيانه وتفرز المشاكل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية وتحول دون تقدم المجتمع ورقيه، داعياً إلى ضرورة أن يتعرف كلاً من الشاب أوالشابة على أهمية بناء الأسرة ودورها الحقيقي في تماسك المجتمع والنهوض به، وألمح إلى ضرورة إعادة النظر في سقف المطالب بالنسبة للطرفين في اختيار شريك الحياة وأن الحياة لا تسير إلا بتناغم وتماسك الأسرة واحتساب الأجر في التنازلات من كلا الطرفين كي لا نجعل نزواتنا تسيطر على حياتنا ومستقبل امتنا.
غياب التهيئة للحياة الزوجية
بدورها قالت د. لولوة البريكان- أستاذ مساعد بكلية الخدمة الاجتماعية، بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض، بأن الطلاق في الوقت الحالي يعتبر ظاهره اجتماعية تستحق المناقشة والطرح، لافتة إلى أن ضعف المسؤولية لدى الشباب من كلا الجنسين من أسباب الطلاق، ومما يؤدي إلى أن الشباب والشابات يعتبرون الزواج مسؤولية مرهقة هو بسبب أنهم لم يتعودوا عليها في الأسرة وذلك بسبب انتشار الخدم، وأيضاً لقضائهم فترات طويلة في علاقات اجتماعية خارج حدود الأسرة واقعية وفي العالم الافتراضي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لإشباع احتياجاتهم في هذا الجانب فيصبح الزواج والارتباط بالأسرة يمثل عائقا للاستمرار في هذه العلاقة الزوجية وبالتالي يعجز عن تقبل القيام بمسؤولياته الجديدة، وأشارت إلى أن غالبية الشباب من الجنسين يفضّل تأخير الزواج والهروب منه، وفي حالات أخرى الانفصال بعد الزواج لعدم تقبل الوضع الجديد الذي يعتبره الكثير منهم بمثابة القيود التي تحد من العلاقات التي كانت موجودة في السابق بالإضافة إلى المسؤوليات التي لم تكن مألوفة لديهم. وأكدت أنه يتوجب على الأسرة تنمية روح المسؤولية لدى الأبناء أثناء التنشئة الاجتماعية بتكليفهم ببعض المسؤوليات الأسرية لإنجازها وأيضاً تقوية العلاقات بين أفراد الأسرة وتحديد أوقات لمناقشة متطلباتهم واهتماماتهم ودعوتهم لقضاء أوقات للترفيه بعيدة عن استخدام التكنولوجيا، والاهتمام بغرس القيم الاجتماعية كالتعاون والتنافس لإنجاز مهام تتعلق بأسرتهم وأقاربهم ومجتمعهم، وألمحت إلى أهمية دور المؤسسات المدنية في التعريف بالحياة الزوجية كالجامعات وذلك بإقامة ندوات ولقاءات حول أهمية الزواج والتعامل داخل الأسرة الحديثة، وكذلك المؤسسات الحكومية التي تقوم بتقديم القروض للراغبين في الزواج وذلك بعمل دورات تثقيفية وتعليمية إجبارية لحضورها قبل منح القرض مما يساعد على زيادة الوعي بالمسؤوليات وطريقة التعامل في الحياة الزوجية بالإضافة إلى تكثيف دور وسائل الإعلام بكافة أنواعه، حيث أن لها دورا بارزا في المساعدة من الحد من ظاهرة الطلاق التي تتضح خطورته في الأثر النفسي على الفرد والمجتمع وخاصة بتأثيره على قيام الأسرة بعملية التنشئة الاجتماعية وكذلك الشعور بالخوف وعدم الأمان للمستقبل والشعور بالحرمان العاطفي لدى الأبناء مما يتطلب زيادة الوعي وتحقيق الاستقرار الأسري.
ظاهرة العنوسة
وإلى جانب هذه الظاهرة الملفتة تبرز ظاهرة اجتماعية أخرى مقلقة لا تقل أهمية عن ظاهرة الطلاق، وهي ظاهرة تأخر الزواج أو ما يطلق عليها – العنوسة-، وهنا يقول د. محمد السيف-عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم ومدير عام جمعية أسرة ببريدة- بأن تأخر زواج الشباب والشابات موجود في تاريخنا لكنه كان بشكل محدود مخالف للقاعدة العامة، لافتاً إلى أنه إلى وقت قريب والشاب لا يتجاوز عمره 25 والفتاة لا تتجاوز 20 إلا وقد بنيا بيت الزوجية. وأضاف: أن مع إفرازات الحضارة واجتماع عدد من المؤثرات برزت هذه الظاهرة فوق السطح وأصبحت مصدر قلق لدى المهتمين بالشأن الأسري، بل وأصبحت عنوسة الفتيات شبحاً يخيفهن من مستقبل مجهول إما بفوات قطار الزواج أو بالرضى بالدون من الأزواج، مشيراً إلى أن هذا القلق انسحب عند الأبوين فأصبحوا ينظرون إلى فتاتهم نظر الخائف الوجل من مصيرها، مؤكداً بأنهم في جمعية أسرة ببريدة يتلقون أشبه ما يكون بالاستغاثات المتكررة سواء من الفتيات أنفسهن أو من ذويهن بطلب مساعدتهن بالبحث عن الأزواج الأكفاء لتحقيق الأمان الأسري المستقبلي لهن بدلاً من الوحدة أو التنازل بالرضى بغير الكفء هروباً من شبح العنوسة التي ترميها بها عيون المجتمع، موضحا بأنه أمام هذا الواقع ظهر في الساحة ما يعرف بظاهرة – الخطابات- وهن يقمن بدور الدلالة على راغبات الزواج، للتعويض عن الدور الذي كانت تقوم به قريبات الراغب بالزواج، إلا أنهن في الغالب مقصدهن ربحي وغير دقيق مما نتج عنه بعض الاشكاليات والشكاوى. وأشار إلى أنها بقدر ما تكون جزءا من الحل إلا أنها تحتاج إلى تقنين وضبط وربط مؤسسي يقضي على الإشكاليات والتلاعب والاستغلال المالي، ولفت إلى أن جمعية أسرة ببريدة قد قامت بإنشاء وحدة التوفيق لتسهيل عملية البحث عن شريكة الحياة بطريقة مؤسسية، وتقوم هذه الوحدة ببناء قاعدة بيانات بالمتقدمين والمتقدمات ومواصفاتهم والمواصفات التي يأملونها في الطرف الآخر بنظام حاسوبي وخصوصية تامة، ومع هذا الجهد الموجود إلا أن العمل تواجهه عدة إشكالات أبرزها ثقافة المجتمع في الاستعانة بالأطراف الخارجية، وكذلك التفاوت بين رغبة المتقدمين بطلب الزوجة الثانية، وبين رغبة المتقدمات اللاتي يرغبن عدم التعدد مما أوجد شريحتين ذوات رغبتين متضادتين.
صعوبات مالية
وأشار إلى تعدد المؤثرات والأسباب في بروز ظاهرة العنوسة، ومن أبرزها تأخر زواج الشباب بسبب صعوبة الأمور المالية في الوقت الحاضر، لافتاً إلى أن المجتمع ينظر إلى تأخر زواج الشاب على أنه طبيعي بخلاف الفتاة وهذا للأسف حيف، وقال أنا لست مع نشر الإحصائيات عن عدد العوانس أولاً لأنه لا يقطع بصحتها بشكل دقيق، وثانياً أن هذا قد يزيد الموضوع تعقيداً خاصة وأن سن الزواج الآن قد اختلف عن السابق والنضج العقلي والاجتماعي لدى شباب الجيل اختلف عن السابق بما فيه تحمل المسؤولية واستعداد العمل والجد، ويرى د. السيف بأن الحل الجذري هو في تسهيل عملية زواج الشباب من خلال صناديق مخصصة لذلك سواء بمساعدات مقطوعة أو قروض أو سكن خيري أو مشاريع استثمارية للمتزوجين حديثاً تكون مصدر دخل مساند على تكاليف ما بعد الزواج، وأن يكون ذلك مشروعاً وطنياً وهما اجتماعياً، مؤكداً أن استقرار الشاب والفتاة في حياتهم الزوجية هو أمان للمجتمع من مشكلات أمنية واجتماعية واقتصادية، وأن الشباب إذا تزوج زالت العنوسة في وقت مبكر أي نكون حمينا الفتاة من أن تصل إلى سن العنوسة، كما ذكر بأن من الحلول تقليل فرصة الزواج من الخارج إلا لذوي الظروف الصعبة، وإتاحة الفرصة لطالب الزواج ولو معدداً من الداخل.
تقارب بين الذكور والإناث
وقال د. خالد الحليبي -المشرف العام على مركز بيت الخبرة للبحوث والدراسات الاجتماعية الأهلي بالأحساء-، بأن ظاهرة العنوسة حقيقة بارزة، ولها أرقامها الرسمية التي تدل على وجود بضع مئات من الألوف من بنات الوطن لم يتزوجن بعد السادسة والعشرين، وهو رقم كبير وإن كان يكذب الرقم الوهمي الذي تجاوز المليون ونصف، وهي ظاهرة يمكن أن يلمسها حتى عامة الناس من خلال استعراض من حولهم من الأسر، ولذلك فهي تدعو للقلق، وللدراسة، وللعمل على فحص مكامنها، وأسبابها، ومصادر استمرارها، ووضع الحلول التي تخفف منها، لتصبح طبيعية، كما في كل مجتمع بشري، كما أشار إلى أن هناك تقارب كبير يكاد يكون متطابقا بين الذكور والإناث في المملكة، أكثر من عشرة ملايين نسمة لكل جنس، لافتاً إلى إن التعداد الأولي الأخير يشير إلى أن الذكور يزيدون على الإناث ب 90000 نسمة، فلا مبرر عدديا لظاهرة العنوسة لدى الفتيات، مما يدعو بالفعل إلى القلق. وعن المحاذير التي قد تنجم عن تأخير الزواج، أشار إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)، موضحا بأن الزواج استجابة للفطرة، وحين لا تلبى هذه الحاجة فإن لها تداعيات نفسية تختلف باختلاف قوة النفس، لافتاً إلى أن هناك من تشغل نفسها بمشروع ما، تجد فيه نفسها، وتنفّس فيه عن توتراتها، وتستثمر فيها كافة طاقاتها، وتستعيض عن بعض الحاجات الطبيعية كالأمومة مثلا، بتعزيز علاقتها بالأطفال الذين من حولها، أو بتعليمهم، مما يعتبر تصرفا رائعا، وتسامٍ محمود، تنصح به كل فتاة تأخرت عن الزواج، مشيراً إلى أن الزواج نعمة، واستثمار الحياة بمشروع خيري أو علمي أو ثقافي أو تجاري نعمة أيضا، وشيء يمنح الحياة قيمة وسعادة، على أن تعزيز علاقة الفتاة بربها سلوكً لطريق الطمأنينة والسكينة.
مسببات العنوسة
ذكر د. خالد الحليبي بأن من أبرز مسببات العنوسة تأخر الشباب الذكور عن الزواج، مما تسبب في زيادة المتأخرات عن الزواج بطبيعة الحال، مرجعاً ذلك إلى عدد من الأسباب في مقدمتها زيادة تكاليف الزواج من مهر وتوابع أصبحت أكثر منه، وليلة الزفاف التي باتت للمباهاة والمفاخرة بالفندق أوالقاعة وما يقدم للضيفات والضيوف من موائد فوق الوصف، والحفلات التي أصبحت عبئا إضافيا على كاهل العروسين، والسفر الذي أصبح جزءا من طقوس الزواج، حيث يستدين له العريس، وتأخر الحصول على الوظائف، وغلاء السكن، وضعف القدرة على إدارة المال، وألمح إلى أن من الأسباب يأتي عضل البنات عن الزواج من بعض أوليائهن، إما طمعاً في توظيفهن واستغلالهن ماليا، أو لأعراف ما أنزل الله بها من سلطان، والإيغال في الطبقية، التي جعلت الطبقة الواحدة عدة طبقات، مما حرم الفتيات من الزواج لأن الأولياء لا يقبلون تزويجهن إلا من نفس الاسرة، كما أشار إلى أن الزواج من خارج الوطن يعتبر أيضاً من الأسباب معتبراً كل من يتزوج من الخارج، فإنه يلغي فرصة للزواج لفتاة من الداخل.
واضاف أن من الأسباب ايضا ما يعرف بالعنوسة الاختيارية، حيث تعزف بعض الفتيات عن الزواج بسبب تكوّن صورة بائسة عن الزواج لما ترى من تعامل زواجي سيئ ممن حولها، فتخشى أن تفشل، فترفض الزواج، أو لحدث ما في طفولتها جعلها تتخذ قرارا بعدم الزواج، أو لوهم السعادة في الحرية، مضيفاً بأن من الأسباب أيضاً تأجيل الزواج لاختيار رجل أفضل، أو للدراسة، أو لعمر معين، وكل ذلك يفقد الفتاة فرصة الزواج ممن هو في عمرها أو قريب منه، وقد يفوتها قطار الزواج كما يقال، وبعض هذه الأسباب تنطبق على الشباب أيضا.
مراكز التوفيق بين الزوجين
رأى د. الحليبي لمواجهة هذه الظاهرة ضرورة إشاعة فكرة الاتفاق على تخفيف الأجور، وتوفير المساكن، والفرص الوظيفية، وعدم تشجيع الزواج من الخارج، ونشر الثقافة الأسرية في المجتمع، ونمذجة الأسر المتميزة، والحرص على تثبيت دعائم البيوت القائمة، حتى تكون قدوة للجيل الجديد، ومن ذلك إقامة مراكز للتوفيق بين الراغبين في الزواج، وتشجيع الشباب والفتيات على التبكير في الزواج، ومحاربة الفكر الذي ينفر من ذلك، إلى جانب مساندة دور وزارة الشؤون الاجتماعية وجمعيات الأسرة في هذا الشأن، لافتاً إلى أن وكالة الوزارة للتنمية الاجتماعية أطلقت مبادرة (توفيق)، للتوفيق بين الراغبين في الزواج، وشجعت الجهات الأسرية للمبادرة بتبني هذا المشروع، كما توجد جهود عملية لدى عدد من الجمعيات الأسرية والزواجية، تتمثل في قسم خاص يقرب بين الرغبات، عن طريق برامج حاسوبية متقدمة، كما نشأت بعض المواقع التي يديرها موثوقون، وحققت نتائج مرضية رغم صعوبة عملها، وحول فاعلية دور ما يسمى بالخطابات في الحد من هذه الظاهرة وتسريع زواج الفتيات خاصة المتأخرات بالزواج، أكد أنه لا يشجع أبدا أي دور فردي يتقاضى مالاً في هذا المجال، لافتاً إلى أن الخطابات أثبتن فشلهن في التوفيق بين المتوافقين بالفعل، فكل جهدها أن تحصل على المبلغ المقابل، وليس أن تنصح للطرفين، ولذلك كثرت حالات الطلاق في الحالات التي كُن سببا في زواجهم، كما حذر كثيراً من دخول بعض الرجال الذين أصبحوا سماسرة أراضٍ وسماسرة بشر في وقت واحد، ملمحاً إلى أن هذا عمل يقوم على دراسة أنماط الشخصية وفحص الخصائص الاجتماعية والأسرية والثقافية لكل طرف، وهو ما لا يناسب أن يقوم به إلا مختصون من خلال مراكز مختصة.