مجتمع » شؤون المرأة

ندم هيلة القصير وحطبها

في 2015/11/12

محمد العصيمي- عكاظ السعودية-

أخيرا استمعنا إلى هيلة القصير وهي تروي قصة (تجهيلها) في ذلك الحديث الذي طيرته وسائل الإعلام، محليا ودوليا. في بيت زوجيها السابقين الخارجين على قوانين العصر وشروطه، قطعت سيدة القاعدة، أو سيدة السراج والحطب، رحلة طويلة من العلم إلى الجهل على خلاف ما يفعله الناس الذين يرحلون دائما من الجهل إلى العلم وإلى التفقه والتطور.

هي اعتبرت، نتيجة لتأثير البيتين المظلمين، أن (العلم) من الملهيات التي تصرف عن عمق الإيمان وصفاء العبادة. وأن طريق القاعدة الذي سلكته ذات حين، بمحض إرادتها، مفروش بالجهل والحماقات والغباء المفرط. ذلك كونه، من نتيجة كلامها، يغسل الذهن من كل مكتسباته المنطقية ويعيد تشكيله إرهابيا من نقطة الصفر. وحين تأملت، فيما يبدو، طويلا في حياتها وسجنها اكتشفت أن تعاطي (القاعدة) أو (داعش) يشبه تعاطي المخدرات، أي أنه أفقدها صوابها وقادها إلى حتفها بيدها واختيارها.

ومثل كل حالة تعاط، تحدث في حالة التخلف والجهل أو التجهيل، يتخلى عنك سريعا كل الذين حقنوك بإبر مخدرات التطرّف والإرهاب كما تخلى قادة القاعدة وشذاذها عن هيلة بعد أن سلبوها علمها وتفوقها الدراسي وحياتها وابنتها الوحيدة، التي تخشى الآن نضوجها ومواقفها من أم لم تحضنها ولم ترعها كما تفعل كل الأمهات تحقيقا للفطرة وانطلاقا من المسؤولية.

الندم حالة إنسانية مؤلمة وقاتلة أحيانا. وفي حالة هيلة القصير يأتي هذا الندم القاتل بعد فوات الأوان، حيث لا ينفعها ولا يعيد لها ما فقدته انسياقا خلف دروب الظلام وزوايا الجهل التي انتزعتها وانتزعت غيرها، ذكورا وإناثا، من حقائق إنسانيتهم وضرورات طمأنينتهم ليصبحوا قاتلين ومقتولين ومسجونين يستحون من أولادهم وآبائهم وأمهاتهم. أما السؤال الذي يطرحه كل من قرأ قصة هيلة وغيرها من القصص المماثلة فسيكون بطبيعة الحال على هذا النحو: هل زالت دروب الظلام واختفت زوايا الجهل والتجهيل بعد كل هذه التجارب المريرة والأثمان الوطنية والمجتمعية الباهظة؟! والجواب هو ما ترون لا ما تسمعون.