مجتمع » شؤون المرأة

من يحمي الموظفة القطرية من رئيستها القطرية ؟!

في 2015/11/12

د. ربيعة بن صباح الكواري- الشرق القطرية-

القضايا التي تمس المرأة القطرية كثيرة ، ومنها هذه القضية المهمة التي أرى أنها يتوجب الاهتمام بها من قبل المؤسسات والوزارات والهيئات الحكومية بجانب القطاع الخاص ، والقضية ببساطة تتعلق بمن يحمي الموظفة القطرية التي تعمل تحت رئاسة المرأة المواطنة ، حيث إن الكثير منهن يعانين الأمرين بسبب الغطرسة وعدم الانصاف وعدم التقدير طوال فترة عملها تحت مظلة المرأة نفسها دون الرجل ، ونتساءل هنا عن الحالة التي ستكون عليها المرأة إذا كان رئيسها أحد الرجال ، والفرق بينهما !!.

سؤال مهم يُطرح كثيرا في الوسط النسائي داخل المجتمع الوظيفي وهو : من الذي يحمي الموظفة القطرية من رئيستها القطرية ؟ . خاصة ان قانون العمل ما زال مليئا بالعديد من الثغرات التي تمنح البعض الحق في التحايل عليه ، ومن ثم التنصل من حقوق المرأة الوظيفية التي تحرم منها !!.

حماية المرأة من المرأة

حيث يعتقد بأن المرأة تكون أكثر رأفة ورحمة بالرجل عندما تكون هي رئيسته في العمل أو تعمل معه في نفس الادارة أو القسم أو القطاع ، بينما يختلف الوضع مع المرأة الموظفة عندما تكون رئيستها امرأة أخرى ، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام بل يثير الدهشة والاستغرب أحيانا ، حيث يظن الكثير بأنها تمتلك عامل الغيرة من المرأة التي تعمل بجانبها على الدوام ، وأنها تخشى من تقريبها لامرأة أخرى في أن تكون نهايتها والقضاء عليها ، ويعتقد أن ذلك السلوك مجرد فطرة في داخل المرأة ، حيث تفضل منافسة الرجل لها في عملها بدلاً من المرأة !!.

القيادات النسائية ومنافسة الرجال

وفي مجتمعنا تتقلد المرأة العديد من المناصب الادارية والقيادية في مؤسسات وهيئات وزارات الدولة ، ولا نشك في أنها وصلت اليها بدون كفاءة ، بل بالعكس ، فهناك من يمتلك المؤهلات العلمية والخبرة العملية الطويلة التي أهلت المرأة الموظفة للوصول لهذه المناصب عن جدارة فأصبحت أجدر بالمنصب من الرجل.

ولكن ما يؤخذ على بعض القيادات النسائية أنها لا تمنح الكوادر النسائية اللاتي يعملن معها في نفس الادارة الترقية السنوية داخل العمل لانها تخشى على الكرسي الذي تجلس عليه من الزوال ، وقد تشوه سمعة تلك الموظفات بتقارير غير واقعية

و" مفبركة" لا تقوم على الحيادية والموضوعية؛ الحيادية في التقييم السنوي ، وهذا رأي شائع في أوساط العمل النسائي !!.

هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فان أغلب القيادات النسائية في العمل يجاملن على الطرف الاخر الموظفات من أصحاب القرابة ، بعكس من لا ترتبط بهن أية قرابة ، وهذا التصرف الشاذ يدخلنا في باب العنصرية والتفرقة بين من يبدع ومن لا يبدع في العمل ، فاذا كان الرئيس الأكبر في العمل لا يعلم عن مثل هذه التصرفات الرعناء داخل مؤسسته فتلك مصيبة ، واذا كان يعلم ويلتزم الصمت تجاهها فالمصيبة أعظم ، كما جاء في قول ابن القيم الجوزيه:

إذا كنت لا تعلم ، فانك لا تعلم

وإن كنت تعلم ، فالمصيبة أعظم

أو كما يروى :

فإن كنت لا تدري ، فتلك مصيبة

وإن كنت تدري ، فالمصيبة أعظم

أسئلة تطرحها المرأة الموظفة

ولهذا فان مثل هذه التساؤلات المهمة التي تحدث داخل كل المجتمعات ، وبخاصة في مجتمعنا القطري ، تجرنا الى الحديث حول مسألة أساسية تتعلق : بحماية المرأة في قوانين العمل والوظيفة العامة ، وعدم العمل بذمة وضمير في المؤسسة التي تعمل بها والسكوت عن حقوقها وعدم إنصافها داخل العمل !!.

انه سؤال يختلج صدر المرأة القطرية الموظفة التي تعمل تحت رئاسة المرأة وهو سؤال يبحث عن اجابة صريحة .. وهو فعلا من الاسئلة المحيرة .. بل هو أمر محير للغاية . ولذلك تقول الحكمة القديمة : " الرجل تفهمه المرأة ، ولكن المرأة لا تفهمهما إلا المرأة " !!.

ثالوث الظلم للمرأة العاملة

يتحدث الكثير عن الظلم الذي تتعرض له المرأة العاملة في كافة المجتمعات ، والتفرقة بينها وبين الرجل في الحقوق والعلاوات والدرجات الوظيفية ، ويقولون بان الرجل هو المهيمن على أعلى الرواتب بينما المرأة تحصل على أقل القليل على الدوام.

وهذه المسألة تجرنا إلى الحديث عن مصطلح " ثالوث الظلم للمرأة العاملة " كما يسمى ، وهو ما تتعرض له المرأة في وقتنا الحالي ، ويتكون هذا الثالوث من الجوانب الآتية:

 القانون

 والمجتمع

-والزوج ، في غالب الأحيان

فإلى جانب ضغوط العمل اليومية ، نجد أن المرأة تتعرض أيضا الى القوانين الازلية والقديمة التي لا تخدمها أبدا ولا تساوي بينها وبين الرجل ولا تمنحها أبسط حقوقها ، فبجانب المجتمع الذي لا يرحمها ، نرى كذلك حياتها الزوجية التي تنتابها العديد من التحديات التي لا تنتهي وبحاجة الى ايجاد الحلول الناجعة لها.

ولهذا فإن مسألة حماية المرأة الموظفة من رئيستها المرأة يمكن حلها بأبسط الحلول ، لان العيب ليس في المرأة وإنما في أنظمة العمل. ولكن هذا لا يعني أن هناك امرأة موظفة تستغل أنوثتها لكي تتملق المناصب العليا بفضل مساندتها من قبل بعض القيادات الادارية التي لا تعمل بضمير داخل المؤسسة !!.

في الختام: لابد للدولة من مساعدة المرأة القطرية العاملة والوقوف معها ، مع توفير نظام أو قانون يسهم في مساعدة المرأة على تنمية قدراتها ، والارتقاء بوظيفتها في نفس الوقت ، لكي تصبح قادرة على أن توفق بين طبيعة عملها وبين من يترأس عملها ليعمل مديرها أو رئيسها في العمل ، بكل نزاهة وأمانة ! .